شهدت أروقة وزارة الثقافة حالة من الترقب الحذر بعد مرور 10 أيام على تولى الدكتور علاء عبد العزيز. فمع إشراقة كل شمس يترقب العاملون فى الوزارة قرارا جديدا يعيد الحقوق إلى المظلومين، ويحقق العدالة الاجتماعية التى وعد بها الوزير فى أول أيامه بالوزارة. فى المقابل شهد المجتمع الثقافى خلال تلك الأيام حراكًا مؤيدًا وآخر معارضا للوزير. فبعد أن أدى عبد العزيز اليمين الدستورية أمام الرئيس محمد مرسى، وحضر الاجتماع الأول لمجلس الوزراء الذى ترأسه الدكتور هشام قنديل، توجه على الفور إلى مكتبه بالزمالك؛ حيث اجتمع برئيس قطاع مكتبه وفريقه المعاون للاطلاع على أهم ملفات الوزارة، والتعرف على قطاعات الوزارة وسير العمل بها. وفى اليوم التالى، كان همه الأول الوقوف على حقيقة الأوضاع فى أكبر قطاعات الوزارة، وهى الهيئة العامة لقصور الثقافة؛ حيث قام الوزير بجولة فى عدد من القصور المتخصصة، بينها: قصر الطفل، وقصر السينما، ثم توجه إلى مقر الهيئة؛ حيث استمع لشكاوى العاملين بها. ومنها مشكلة عمالة اليومية التى فجرتها جريدة "الحرية والعدالة" الأسبوع الماضى؛ حيث وعد برفع الأجر اليومى للعمالة، كما وعد بتوفير درجات مالية لتثبيت المؤقتين الذين أمضوا مدتهم القانونية بالهيئة، ووعد بتوفير مخصصات لتحقيق المساواة بين العاملين فى المكافآت والبدلات خاصة بدل العمالة للمحافظات الحدودية. واستكمل الوزير جولته فى اليوم التالى؛ حيث زار قطاع العلاقات الثقافية الخارجية الذى ترأسه الدكتورة كاميليا صبحى؛ حيث اضطلع على قدر غير متوقع من الإهمال ونقص التجهيزات الأساسية فى أغلب إدارات القطاع. كما حرص الوزير على تفعيل إدارة الشكاوى وكلف الشئون القانونية بإحالة جميع الشكاوى إليه وتحقيقها وإحالتها إلى الجهات المعنية، ليؤكد الوزير بهذا أن عهد التستر على الفساد قد انتهى إلى غير رجعة فى وزارة الثقافة. بعدها أصدر قرارا بوقف صرف المكافآت ربع السنوية لقيادات الوزرة، التى تبلغ نصف مليون جنيه، وضمها إلى مكافآت صغار الموظفين والعمالة المؤقتة بمكتبه وجميع قطاعات الوزارة. ثم أصدر قرارا بإنهاء ندب د. أحمد مجاهد، رئيس الهيئة العامة للكتاب، على خلفية تصريح الأخير بعدم التعاون والامتناع عن العمل؛ لكن ذلك أشعل الأجواء المتوترة مع المثقفين المحسوبين على تيارات سياسية ليبرالية ويسارية، والذين هاجموا القرار، بدعوى أن هذه الخطوة بداية لتعيين بديل محسوب على الإخوان، رغم أن الوزير لا ينتمى إلى الإخوان من قريب أو بعيد. لكن الوزير دحض تلك الأكاذيب بصورة عملية، حين اختار الدكتور جمال التلاوى، نائب رئيس اتحاد كتاب مصر، والأمين العام لمؤتمر أدباء مصر ونادى القصة. وهو بالطبع ليس من الشخصيات التى تُحسب على الإخوان. بعدها بدأت الحركة الاحتجاجية تشتعل على أعتاب مكتب الوزير؛ حيث نظم عدد من مثقفى التيار اليسارى والليبرالى مسيرة من دار الأوبرا المصرية إلى مكتبه؛ لكنهم أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد عجزهم عن حشد أكثر من 50 متظاهرا للمطالبة بإقالة الوزير وعودة "مجاهد"! وفى أول لقاء يجمعه بقيادات وزارته، بحث علاء عبد العزيز، وزير الثقافة، بنود الميزانية والأوضاع المالية، وكلف الشئون المالية بإعادة النظر فى اللوائح المالية بما يحقق العدالة الاجتماعية بين جميع العاملين بالوزارة. كما كلف قيادات الوزارة، خلال اجتماعه بهم ظهر الخميس بمكتبه، بالتعرف على مشاكل القطاعات، وبحث سبل حل إشكالية التدريب فى الوزارة، مؤكدا ضرورة تدريب الفنانين والموظفين بجميع القطاعات المختلفة. وفيما يتعلق بصناعة النشر الحكومية، بحث الاجتماع التنسيق بين الجهات المعنية فى طباعة الكتب ونشرها، وطباعة الكتب بمطابع الهيئة، وتفعيل السلاسل والمجلات التى تصدرها الوزارة. وشدد على ضرورة مواجهة النقص فى أفراد الأمن والكمبيوترات والأثاث والإنترنت، التى لمسها خلال جولاته الميدانية؛ حيث أمر بإنهاء مشروعات قصور الثقافة المغلقة منذ 15 عاما، ولم تُفتتح حتى الآن، والمطلوب ترميمها. صراع البيانات على جانب آخر، فقد شهدت قطاعات الوزارة إصدار عدد من البيانات والبيانات المضادة؛ حيث أصدر عدد من الكتاب ومسئولى إصدارات هيئة الكتاب -من أصدقاء الدكتور أحمد مجاهد- بيانا هجوميا ضد الوزير لإقالته مجاهد، مؤكدين رفضهم بقاء الوزير فى منصبه، بعد أن أثبت للجميع أنه قادم لتدمير الثقافة، على حد قول البيان. وعلل البيان دفاعه عن مجاهد بأنه قدم إنجازات عديدة للهيئة، تمثلت فى معارض الكتاب فى المناطق الشعبية والقرى والأقاليم، وقيامه بطباعة الأعمال الكاملة لكبار مبدعى مصر، مثل صلاح جاهين وثروت عكاشة وفتحى غانم وفؤاد حداد. فيما شهد مطعم شهير بوسط البلد واقعة مؤسفة؛ حيث تعرض وزير الثقافة، مساء الأحد قبل الماضى، لمحاولة الاعتداء عليه من قبل مجموعة من أنصار مجاهد؛ بسبب ما يدعون أنه اتجاه لأخونة الوزارة! حيث قاموا بقذفه بالبيض؛ مما اضطره إلى الخروج من الباب الخلفى للمطعم. والمثير للغرابة أن هذا الموقف تزامن مع موعد افتتاح أحد المعارض التشكيلية بمسرح الهناجر؛ حيث تظاهر قرابة 5 أشخاص أمام المعرض رافعين شعار "لا للأخونة"! وعلى جانب آخر، طالب "ائتلاف وزارة الثقافة" الوزير بأن يضع على رأس أولوياته تطهير الوزارة من القيادات الفاسدة، الموجودة من النظام السابق، معتبرين ذلك بداية التطوير الحقيقى للوزارة؛ حيث لم تمر الثورة على وزارة الثقافة من قبل. وتساءل البيان الذى أصدره "ائتلاف وزارة الثقافة المصرية" عبر صفحتهم على موقع التواصل الاجتماعى: هل سيكون للدكتور علاء عبد العزيز قرارات ثورية نتفاعل معها جميعا ونؤيدها؟ مطالبا بوضع رؤية واضحة للحفاظ على الثقافة وحرية الرأى والتعبير والفكر وإيقاف التعدى عليها. وشدد البيان على ضرورة إنهاء ما يسمى بتعدد المناصب (بجانب عمله) وإعطاء أبناء الوزارة فرصة للاستفادة منهم، فليس من اللائق أن يتولى الشخص أكثر من منصب فى آن واحد؟! وناشد البيان "الوزير الثائر" -على حد تعبير الائتلاف- وقف ندب المستشارين، وتفعيل الإدارة المركزية للشئون القانونية، وإنهاء المنتدبين فى غير أوقات العمل الرسمية، وتوفير الميزانية الخاصة بهم لتدريب أبناء الوزارة ليكونوا صفا ثانيا من القيادات، وتوفير رعاية صحية تليق بالموظف، واستصدار قرار بإلغاء قرار رقم 566 لسنة 2012 والخاص بالفئة المضاعفة لتحقيق العدل بين الجميع، فليس من العدل أن يتقاضى موظف 70000 جنيه، بينما يتقاضى آخر 1000 جنيه فقط!! وشدد الائتلاف على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق لبحث أوضاع القيادات التى تولت مناصب قيادية فى الوزارة فى ما بعد الثورة، ومدى أحقيتهم فى هذه المناصب من عدمه. واختتم البيان بالتأكيد على ضرورة وفاء الوزير بوعوده خلال جولاته التفقدية بقصور الثقافة وقطاع العلاقات الخارجية، التى وعد خلالها بحل مشاكل العاملين بالأجر اليومى بقصور الثقافة والعلاقات الخارجية، ومساواتهم فى المزايا التأمينية والإجازات والنواحى المالية والمساهمة فى عمل عقود لهم.