أعانى مع ابنى الذى يبلغ عمره الآن 17 عاما من تضييع صلاة العصر وعدم اللحاق بصلاة المغرب فى كثير من الأوقات وكذلك الفجر، بل يعود من المدرسة وينام يوميا أحاول إيقاظه وقت الآذان لكنه لا ينزل إلى المسجد ويكتفى بالصلاة فى البيت، رغم تشجيعى له وتذكيرى له أن الجماعة الأولى لها أجر عظيم أيضا لكنه لا يهتم. فضلا عن أنه مدخن ويطالع البلاك بيرى الذى اشتراه من مدخراته طوال النهار.. فما حكم المصروف الذى يأخذه منى؟ وما العقاب؟ مع العلم إننا جميعا أسرة تحافظ على الصلاة فى أوقاتها؟ ويجيب عن هذه الاستشارة، ياسر محمود، مستشار تربوى، فيقول: أهلا ومرحبا بك أخى الكريم، وأسأل الله تعالى أن يسعدك بصلاح أبنائك وفلاحهم فى الدنيا والآخرة. فى البداية.. تخيل معى أخى الفاضل لو أن صديقا لك أو أحد الشباب الذين تعرفهم من الجيران أو الأقارب رأيته على الحال التى عليه ابنك فماذا أنت فاعل؟ أظن أنك لن تسارع بالتفكير فى طريقة تعاقبه بها، ولكن ستفكر كثيرا فى طرق متعددة ومناسبة للتعامل معه؛ لتعدل تلك الأفعال غير المقبولة، ولتأخذ بيده إلى طريق الخير والسلوك القويم.. وربما اتبعت معه الأمور التالية: - القبول غير المشروط، وهو أن نقبل الآخرين كما هم على علتهم، ليس رضا بما هم عليه من أحوال، ولكن رغبة منا فى الارتقاء بهم إلى الأفضل والأحسن، ومن دون هذا القبول المبدئى فلن يكون هناك أى تواصل بيننا وبينهم، ومن ثم ستفشل أى محاولة للإصلاح والتغيير إلى الأفضل. - التقرب منه والتودد إليه، والعمل على كسب قلبه؛ وذلك لأن الإنسان - كما تعلم - لا يقبل النصح بنفس طيبة إلا ممن يشعر نحوه بعاطفة أو على الأقل بقبول نفسى حتى لو كان الناصح أحد والديه. - التلطف واللين عند نصحه وتجنب الغلظة أو التعنيف؛ لأن الإنسان بطبيعته ينفر ممن يتعامل معه بغلظة أو بعنف، ولا يقبل منه نصحا ولا إرشادا. - اتباع سياسة النَّفس الطويل، فإصلاح النفوس البشرية يحتاج إلى الصبر وعدم تعجل النتائج. - التماس الأعذار له حينما يخطئ، ومساعدته على تجاوز هذا الخطأ والاستمرار فى طريق التغيير للأفضل. - مراعاة الفروق الفردية فى التعامل معه واختيار المداخل والأساليب المناسبة لطبيعة شخصيته وما يفضله وما يميل إليه. - التركيز على نقاط القوة والإيجابيات التى يتميز بها هذا الإنسان لتكون ركيزة ننطلق منها لعلاج ما نراه من سلبيات. هذا ما قد تفعله أنت –أخى الفاضل- ويفعله كثيرون منا بطريقة شعورية أو غير شعورية حينما نتصدى لتعديل سلوك ما لدى إنسان نعرفه، لكن – للأسف- يغيب عنا كثير من هذه المعانى حين يكون هذا الشخص هو أحد أبنائنا، فعند ذلك نخالف كل هذه القواعد، ونريد أن نرى أبناءنا على خير حال من صلاح وحسن سلوك واستجابة لما نطلبه منهم بمجرد أن نضغط على زر، أو بمجرد أن نقول بعض الكلمات فتكون النتيجة عكس ما نريد. إن أبناءنا يستحقون منا أفضل من ذلك حتى نراهم على ما نحب.. يستحقون منا أن نقبلهم على علتهم دون شروط مسبقة، وأن نكون أقرب الناس إليهم بحسن معاملتنا لهم، وبمشاركتهم ميولهم واهتماماتهم، وما يشغلهم حتى نصير نحن أقرب الأقربين إلى نفوسهم وقلوبهم. يستحقون أيضا التلطف واللين والبعد عن النقد اللاذع والأسلوب الخشن الغاضب عند توجيههم وإرشادهم، وأن نصبر عليهم وعلى أخطائهم، وأن نكون عونا لهم وسندا فى عثراتهم حتى يتجاوزوها، وألا نستعجل ثمرة ما نغرسه فى نفوسهم من خير. يستحقون منا أن نتخير الأوقات المناسبة والأساليب التى تتوافق مع طبيعة شخصياتهم واهتماماتهم ليسمعوا لنا، وأن نركز على استثمار ما لديهم من إيجابيات ونقاط قوة فى تعديل ما نراه غير مقبول من سلوكياتهم. يستحقون منا أن نتفهم طبيعة المرحلة العمرية التى يمرون بها، خاصة إذا كانت تلك المرحلة هى المراهقة التى يتصف فيها المراهق بالتمرد على كل أشكال السلطة، ولا يقبل أن توجه له الأوامر بشكل مباشر خاصة أمام الآخرين، ويكون فيها حساسا بشكل مفرط للمدح والذم، ويسعى للحصول على التقدير لذاته حتى ولو بسلوكيات خاطئة إذا لم يمنحه من حوله فرصة لتأكيدها بشكل إيجابى، تلك الطبيعة التى تفرض علينا أن نتعامل معهم بطريقة خاصة تساعدهم على العبور الآمن لتلك المرحلة. وعندئذ سيكون من اليسير علينا أن نتفاهم معهم حول ما لا نقبله من سلوكياتهم بشكل هادئ، أيا كانت هذه السلوكيات، من تأخير للصلاة أو تدخين أو عدم انتظام فى حلقات القرآن أو تضييع للوقت على الهاتف أو على الإنترنت أو غير ذلك من السلوكيات. أعانك الله.. ورزقك السداد والرشاد فى تربية أبنائك.