دون وعى منها أو قصد تمارس كثير من الزوجات دور المحقق الكفء فى علاقتهن بأزواجهن، فتبدأ الزوجة بمتابعة مواعيد عمله من ذهاب وعودة وتسجيل أى تأخير أو تقديم، وتطالبه بكشف حساب يومى عن مقابلاته ومحاوراته وأكله وشربه.. وكل هذا بدافع الحب والاطمئنان والشعور بمشاركتها له فى حياته بكل تفاصيلها، بينما هو فى المقابل يشعر بإحساس السجين المحاصر الذى يبذل كل جهده للفرار من القضبان. زوجة أم محقق؟ يصف فريد حاله مع زوجته الفضولية فيقول: "زوجتى تحصى على أنفاسى، تلومنى حتى على التفكير والسرحان، تسألنى عن كل صغيرة وكبيرة، فهى تلعب دور المحقق بكفاءة، ومطلوب منى أن أقدم لها تقريرا يوميا مفصلا عن تحركاتي، وإلا فلن يمر اليوم على خير، وأخيرا ضقت ذرعا بحصارها لى بالأسئلة التى تخنقنى، وحصلت على إجازة طويلة لأقضيها بعيدا عن تدخلاتها المزعجة". أما سلوى فتتساءل فى دهشة واستنكار: هل عندما أرغب فى الاطمئنان على زوجى، ومعرفة ما يكدره حتى أخفف عنه، أكون بهذا فضولية وأتدخل فيما لا يعنينى؟ فيا ليت الأزواج يفعلون مثل زوجاتهم، فكم سأكون سعيدة عندما يشعرنى زوجى باهتمامه بى ومشاركته لى عندما تمر بى أزمة أو مشكلة. ولكن أحلام استطاعت أن تحتوى زوجها وتعرف مفاتيح قلبه، فهى لا تتكلم معه وهو غاضب أبدا، وتتركه حتى يهدأ تماما، ثم تسأله عما به، فإذا أراد التكلم أنصتت له باهتمام، وإذا رفض تتركه بلا ضغوط، كما اعتادت ألا تسأله عن شىء، وهذا ما يجعله يستفيض معها فى الكلام دون طلب منها أو مجهود. زوجى فى الكهف "يبحث الرجل عن حقه فى الحرية والاستقلال، بينما تدافع المرأة عن حقها فى معرفة كل تفاصيل حياته وتتمسك بضيقها إن لم يفعل".. هذا ما يؤكده د. جون جراى فى كتابه "الرجال من المريخ والنساء من الزهرة"، ويبين أن سر السعادة الزوجية يكمن فى فهم كل طرف طبيعة شريك حياته، وخصائصه الشخصية واهتماماته الفطرية، وتلمس أوقات راحته فلا يزعجه، وأوقات غضبه فلا يثيره، ويشاركه فى أوقات فرحه بقلب صاف ونفس راضية. ويذكر الكتاب أن الرجل لا يقبل النصيحة من المرأة؛ لأنها تشعره بضعفه وكأنه لا يعرف ماذا يفعل أو لا يستطيع القيام بها بنفسه، مما يشعره بفقدان قدرته على السيطرة على الأمور أمام زوجته، وبالتالى فإنه يلجأ إلى خلق جدار من التصدى والمقاومة لنصائح زوجته المستمرة؛ مما يشعره بالضيق والاستياء. فالرجل يرغب فى التحسن فعلا عندما يشعر أن زوجته تراه حلا للمشكلة وليس سببا فيها حتى لو كان كذلك، وعندما لا يصل الرجل إلى حل للمشكلة فإنه ينسحب إلى داخل كهفه لينسى مشكلاته، فيتظاهر باللا مبالاة، أو ينخرط فى أى عمل آخر أكثر تحديا إذا كان الضغط عظيما. أما المرأة فشبهها المؤلف بأمواج البحر التى قد تكون هادرة تارة وهادئة تارة أخرى حسب الحالة المزاجية التى يجعلها الرجل فيها، فالإهمال وعدم التقدير يسقطها فى قاع البحر، ولكن عندما يشعر الرجل بمشكلاتها ويشاركها فيها حتى لو كانت بسيطة من وجهة نظره، فإن احتواءه وتعاطفه معها فى هذه الحالة يجعل نفسيتها هادئة صافية وفى أحسن حال، فلو أتقن الرجل فنون الإنصات، كما يشير المؤلف، لتمكن من المرور من كثير من المشاكل والخلافات الزوجية بأمان وبلا رواسب تعكر صفو الحياة الزوجية بينهما. والرجل إذا وقع تحت ضغط يميل إلى التركيز على مشكلة واحدة ومحددة وينسى الأخرى، أما المرأة فتميل إلى التوسع ومناقشة كل الأمور فى وقت واحد، وتصبح غارقة فى المشكلات، والمرأة تعبر عن مشاعرها بمختلف صيغ التفضيل والمجازات والتعميمات، أما الرجل فيستخدم اللغة كوسيلة لنقل المعلومات والحقائق فقط. مفاتيح السعادة ويضيف المؤلف: "إذا كنت تسعى لإشباع حاجاتك على حساب شريك الحياة، فمن المؤكد أن الجميع سيعانى من الاستياء وعدم السعادة والصراع المستمر، ولكن بعدما تعطى الزوجة إشارات لزوجها إلى أنه مصدر سعادتها وراحتها وأمانها، مع التشجيع والتعزيز والتقدير المستمر، ودون نقد أو تجريح أو استهانة بما يقدمه لها، فإن هذه الأمور ستجعله يفعل المستحيل من أجل الإبقاء على هذه الصورة". وعندما تُشعر المرأةُ الرجل بثقتها الكاملة فيه، وتقدر الجهد الذى يبذله من أجلها، حتى ولو كان قليلا فإن هذا يدعم من ثقته بنفسه، ويتشاركان معا مزيدا من الرضا والسعادة. وإذا فهم الرجل شكوى المرأة فإنه سيجادل أقل ويستجيب بطريقة أكثر إيجابية. نصائح للزوجة الذكية وينصح الطبيب النفسى الزوجات لضمان السعادة الزوجية بما يلى: - أثناء الحديث أو المشاجرات الزوجية حينما يكون الرجل صامتا فإنه يقول فى نفسه "لا أدرى بعد ماذا أقول، ولكنى ما زلت أفكر فى الأمر"، بينما النساء يفكرن دوما بصوت مرتفع ويُسئن تفسير صمت الرجال بسهولة فيبدآن بتخيل الأسوأ، وتريد المرأة غريزيا أن تساند الرجل بالأسلوب الذى تود أن يساندها به، فالنية حسنة ولكن النتيجة تكون سيئة، ولكن على الرجال والنساء أن يتوقفوا عن تقديم أسلوب الرعاية الذى يفضلونه، ويبدءوا تعلم الأساليب الأخرى لكيفية تفكير وشعور وردود فعل شركائهم. - عندما لا يكون الرجل مستعدا للكلام وتجبره المرأة على ذلك فإنه يفقد السيطرة على نفسه ويقول أشياء يندم عليها، والطريقة الأفضل لسؤال الرجل فى كهفه هى: عندما تشعر برغبة فى الحديث أو تود أن نقضى بعض الوقت معا. هل لك أن تخبرنى حينها؟ - كثير من النساء يعتقدن أن الأسلوب الوحيد للحصول على ما يحتجن إليه هو نقد الرجل عندما يرتكب أخطاء وتقديم نصح من دون طلب، وهذا خطأ، إن الرجل يتطلع إلى النصيحة أو المساعدة فقط "بعد" أن يقوم هو بما يستطيع القيام به "وحده"، وإذا تلقى الكثير من العون أو تلقاه قبل وقته، فسيفقد إحساسه بالطاقة والقوة ويصبح إما كسولا وإما غير آمن. - الرجل يكره أن يشفق عليه أحد، فى حين أن المرأة ترى إشفاق الرجل عليها يعنى أنه يهتم بها حقا، وأعظم تحد أمام الرجل عندما يمارس فن الإنصات لزوجته ويسألها عن يومها. فلا يأخذ الأمر بطريقة شخصية ولا يسىء فهمها ويذكر نفسه باستمرار أنهما يتكلمان لغات مختلفة. - عندما يكون الرجل فى بعض الأوقات يعانى من ضغوط لا يتمكن معها من ترجمة المعنى المقصود لمفردات زوجته، عندها عليه ألا يحاول حتى الإنصات ويمكنه أن يقول بلطف "هذا ليس وقتا مناسبا بالنسبة لى، دعينا نتحدث لاحقا". دورة المحبة - عندما يشبع الرجل جوعه للمحبة مؤقتا، فإنه يشعر بجوعه للاستقلال، وهكذا دواليك فيما يسمى دورة المحبة الذكورية، وهذا الانسحاب يمكنه من إعادة ترسيخ حدوده الشخصية وإشباع حاجته إلى الشعور بالاستقلال. - المرأة التى تبوح بمشاعرها تحفز الرجل طبيعيا لكى يتكلم، ولكن حين يشعر هو أنه مطالب بالتحدث يصبح ذهنه فارغا. - من دون التقدير والتشجيع يمكن أن يفقد الرجل الاهتمام؛ لأنه يشعر كما لو أن إنصاته ليس له تأثير. بعد أن يُقَدَّر للرجل إنصاته للمرأة، يتعلم الرجل فعلا أن يحترم قيمة التحدث، فتعليم الرجل الإنصات أكثر فاعلية من تعليمه الانفتاح، وأن يكون أكثر حساسية، وكلما تعلم أن ينصت ويلقى مقابل ذلك الامتنان فإنه سينفتح تدريجيا ويبوح أكثر بصورة آلية. - عندما تقمع المرأة مشاعرها السلبية لتلافى حدوث مشاجرات، تصبح نتيجة لذلك مخدرة وغير قادرة على الشعور بحبها، وعندما تُقمع المشاعر السلبية فالمشاعر الإيجابية كذلك تُقمع، ويموت الحب، فتلافى المجادلات والمشاجرات مظهر صحى بالتأكيد ولكن ليس بقمع المشاعر. - يدافع الرجال عن حقهم فى أن يكونوا أحرارا، بينما تدافع النساء عن حقهن فى أن يكن متضايقات، فالرجال يريدون مساحة حرية، بينما النساء يردن تفهما، وبدعم حاجاتها فى أن تكون مسموعة، يمكن لها أن تدعم حاجته فى أن يكون حرا. الاختلاف مطلوب ويضيف جراى: "عندما ينسحب الرجل يكون الوقت مناسبا "لكِ" للحصول على دعم من الصديقات، فجعلُ الرجل المصدر الوحيد للحب والدعم "للزوجة" يضعه تحت ضغط كبير، فالرجال والنساء عادة غير واعين بأن لديهم حاجات عاطفية مختلفة. وكل منهما يفترض خطأ أن لدى الآخر نفس الحاجات والرغبات، ونتيجة لذلك ينتهى كلاهما إلى عدم الرضا والاستياء. عندما تتعامل المرأة مع الرجل بحب دون أن تحاول تغييره، يشعر بأنه متقبل، وعندما يشعر الرجل بأنه متقبل يكون من السهل عليه جدا أن ينصت وأن يمنحها التفهم الذى تحتاج إليه وتستحقه، وحين يُقَدر الرجل يشعر بأن جهده لم يذهب سدى، وبالتالى يكون متشجعا لأن يعطى أكثر، وإذا هو طلب النصح بصورة مباشرة ومحددة فقط فإنه يكون منفتحا للمساعدة فى التغيير، ولكن كلما حاولت المرأة أكثر أن تغير الرجل كانت مقاومة الرجل أكبر. وعندما يقاوم الرجل محاولاتها لتحسينه فإنها تسىء تفسير استجابته، وتظن خطأ بأنه غير مستعد للتغيير، وربما لأنه لا يحبها بدرجة كافية، بينما عندما يشعر الرجل بأنه موثوق به ومقبول ومقدر، فسيبدأ بصورة آلية بالتغير والتحسن والمشاركة، فهو قد يشعر بإجبار داخلى لتكرار السلوك حتى يشعر بأنه محبوب ومقبول، وعليكِ أن تتمرنى على الصفح، والقيام بأشياء من أجل نفسك ولا تعتمدى عليه كمصدر وحيد للسعادة.