ظهر عرض "ماكبث" إلى النور بعد صراع طويل بين الأزمات المالية وانشغال خشبة الهناجر بعروض المهرجانات المتعاقبة ليقدم صراعا جديدا يخوضه بطل العرض على السلطة فى أجواء عبثية. "ماكبث".. نص للكاتب "يوجين يونسكو"، الذى ولد عام 1909م فى رومانيا وانتقل مع عائلته لينشأ ويترعرع فى فرنسا ما بين باريس المدينة والريف الفرنسى بعيدا عن والده الذى عاد إلى رومانيا إثر دخول رومانيا الحرب العالمية الأولى، ليعود "يوجين" مرة أخرى إلى رومانيا لينضم إلى الأب وزوجته الجديدة بعد انتهاء الحرب. واهتم "يوجين" منذ نشأته بالأدب والشعر واللغة وتزامن ذلك مع ظهور تيار جديد من الأدباء الشباب الذين عانوا من ويلات الحرب وخلصوا منها إلى عبثية الحياة التى رأوها بلا معنى ولا هدف أدى بهم ذلك إلى الانعزال والفردية وانتهجوا منهجا جديدا فى الأدب لعبروا به عن أفكارهم وآراءهم العبثية حول الحياة. فكان لذلك التيار تأثيرا كبيرا على توجهات وآراء "يوجين" الأدبية فأصبح رائدا من رواد مسرح العبث ونجح فى الحصول على جائزة نوبل ليصبح الضلع الثالث للمثلث العبثى لكل من "صامويل بيكيت" و"هارولد بينتر". أخرج العرض "أشرف سند" بمجموعة من الفنانين الشباب هم محمد عبد العظيم، وشمس الشرقاوى، وأحمد عبد الحى، وإيهاب بكير، وسامح فكرى وعلاء النقيب، وديكور وملابس فادى فوكيه، كريوجراف محمد فوزى ومحمد شبراوى وموسيقى الثنائى بيكا ورزه اللذين يقدمان موسيقى حية تصاحب العرض، التى تلعب فيها آلة البيركشن الدور الرئيسى، وترجمت النص الدكتورة "هدى وصفى"، ويعد العرض تكريما خاصا لها للعطاء الذى بذلته من أجل الفن وبشكل خاص المسرح. وتمكن مخرج العرض أشرف سند، من تقديم النص الكلاسيكى بشكل عصرى ليتماشى مع الأحداث الحالية والواقع السياسى المطروح، الذى يشهد الكثير من الصراع على السلطة بأشكالها المختلفة وهو الموضوع الرئيسى لنص "يونسكو"، حيث يعرض لقصة ثنائى متمرد هما "ماكبث" و"بانكو"، وهما عضوان فى جيش الملك دانكان، يقومان بثورة ضد الملك فيتم القبض على أحدهما وإعدامه والآخر يهرب ويختفى. ويقدم العرض لدور الفتنة التى تحرك الشر داخل الإنسان، التى تتمثل فى دور الساحرات اللاتى أبلغن "ماكبث" بطل المسرحية بقدره بأن يصبح الملك لتحرك تلك النبوءة الطموح الممزوج بالطمع والشهوة للسلطة داخل "ماكبث"، الذى يلاقى توافقا مع أطماع زميله فى الجيش "باكو"، فيعمى الطمع أبصارهما ولا يرون إلا طريقهما إلى التاج حتى ولو على حساب أرواح البعض.