هى قلة فاسدة فى القضاء وصل إجرامها إلى حد العدوان على إرادة 32 مليون ناخب، فتآمرت على البرلمان وقامت بحله، لا لشىء إلا لكى يمنعوه مما فوضه الشعب للقيام به، وهو وضع قانون يطهر القضاء منهم ومن فسادهم، وكانت هذه أم الجرائم ضد الثورة، التى تسببت فى كل الكوارث التالية لها، هى قلة فاسدة وصل إجرامها إلى درجة أن يتجرأ زعيمها الممعن فى السوقية والبذاءة، على مجلس الشورى، فيرسل له إنذارا لمنعه من القيام بما أوكله إليه الدستور، الذى سلمه السلطة التشريعية كاملة، والرد الطبيعى على هذا الإنذار يجب أن يكون "بله واشرب ماءه"، هى قلة فاسدة تحالفت مع الأغلبية الفاسدة فى وسائط الإعلام والمعارضة الغوغائية، لكى يحتفظ الجميع بمكاسبهم الحرام التى مكنهم منها الرئيس المخلوع، هى قلة فاسدة تظن نفسها فوق الشعب، وتحتمى بالحصانة، بينما هى تقتل الثورة ببطء وإصرار، بمساعدة إعلام ساقط مسموم. يقول المغرضون فى الصحف والفضائيات إن هؤلاء القضاة الذين نهاجمهم هم الذين أشرفوا على الانتخابات والاستفتاءات التى صوت فيها الشعب لصالح التيار الإسلامى، ونقول لهم خسئتم.. لأن الذين أشرفوا على الانتخابات هم القضاة الشرفاء المستقلون بحق، الذين رفضوا دعوات القلة الفاسدة للتقاعس عن القيام بواجب وطنى، أما أتباع الزند وتهانى وأمثالهما، فنشكرهم بقوة على مقاطعة الإشراف، ونرجوهم أن يكرروا المقاطعة مع الانتخابات القادمة لأنهم يشكلون بالفعل أكبر خطر على نزاهة الانتخابات، ولن ننسى ماذا فعلوا هم وأمثالهم فى انتخابات 2005 و2010، إن السلطة القضائية تحكم باسم الشعب، ومن ثم يجب أن تكون خادمة له ولثورته، غير أن السوقيين البذيئين يرفضون أن يكونوا خداما للشعب، لأنهم يريدون أن يكونوا أسيادا له، لقد حدث بالفعل خطأ فادح من الجميع عندما خلعنا مبارك فى فبراير 2011 ولم ننتبه إلى ذيوله المنتشرة فى القضاء والإعلام والشرطة. فى اللقاء الذى جمع الرئيس منذ أيام بالمجلس الأعلى للقضاء وعدد من رجال القضاء، طالب القضاة الرئيس "بألا يصدر قانون السلطة القضائية المزمع إعداده فى مجلس الشورى إلا بعد عرضه على جموع القضاة لأخذ رأيهم فيه، لأنه يمثل شأنا من شئونهم"، وهذا كلام غير دقيق؛ لأن هذا القانون وجميع القوانين هى شأن خالص للشعب الذى ينتخب نوابه لتشريع القوانين له، لا لتشريع قانون للقضاة، وآخر لأساتذة الجامعات، وآخر للمحامين والأطباء.. إلخ، نعم يجب أن يؤخذ رأى القضاة فى القانون، ولكن هذا لا يعنى امتلاكهم حق فيتو على مواده؛ لأن الأمر فى النهاية موكول إلى النواب الذين ائتمنهم الشعب على عملية التشريع، وعندما طالب الرئيس أعضاء مجلس القضاء بضرورة محاسبة القضاة الذين ينحرفون ويزجون بأنفسهم فى السياسة، ردوا عليه بأن القضاة يطهرون أنفسهم بأنفسهم، وأن من سيخطئ فإنه سيتم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية حياله، والسؤال هو: متى قمتم بتطهير أنفسكم؟ أين القضاة الذين زوّروا انتخابات 2005 و2010؟ ماذا فعلتم مع تهانى الجبالى عندما كانت تقفز من فضائية إلى أخرى تهاجم الأغلبية البرلمانية؟ ماذا فعلتم مع عبد المجيد محمود بشأن "الهدايا" التى تلقاها؟ ماذا فعلتم مع تسييس الزند لناديكم والحصانة المطلوب أن ترفع عنه؟ أما هؤلاء الذين يزعمون أنه لا يحق لمجلس الشورى أن يشرع للسلطة القضائية لأنه منتخب من 7% فقط من قاعدة الناخبين، فنرد عليهم بأن زعمهم هذا إنما يفضح من ناحية مدى جهلهم بالديمقراطية، ومن ناحية أخرى مدى استهبالهم.. تماما كما فضح أحمد الزند فقر إلمامه بالقانون عندما ظن أنه يحق له التدخل فى عمل هو من صميم السلطة التشريعية، وعندما دعا إلى تقديم بلاغات ضد الداعين لجمعة "تطهير القضاء" أمام المحكمة الجنائية الدولية، التى لا ولاية لها على أى سلطة فى مصر. أن يكون "الشورى" منتخبا من 7% من الناخبين، فإن هذا لا ينتقص من شرعيته، كما لا ينتقص من شرعية الرئيس أن يفوز بفارق صوت واحد على منافسيه. إن أولى قواعد الديمقراطية وأكثرها بداهة تقرر أن كل من يدلى بصوته هو ممثل ومعبر عن رغبات الشعب، وأن كل من يتكاسل عن النزول من بيته ويتقاعس عن الإدلاء بصوته، إنما يتقاعس عن تمثيل الشعب، ولا يحق له أن يحتج فيما بعد على نتيجة التصويت، هناك أيضا القاعدة القرآنية بألا تزر وازرة وزر أخرى.. بمعنى أنه لا يمكن أن نأخذ ال7% الذين صوتوا بوزر المتكاسلين والمتقاعسين، بتعبير آخر.. فإن نواب مجلس الشورى هم نواب الشعب الذين يحق لهم التشريع وتعديل قانون السلطة القضائية، شاء من شاء وأبى من أبى. إن القضاة المسيسين هم أخطر أسلحة الثورة المضادة. الاطمئنان إلى توفر هؤلاء القضاة لاستخدامهم كسلاح ضد الثورة وممثلى الشعب هو ما دفع البعض إلى رفع دعاوى مجنونة؛ مثل دعوى إلغاء انتخابات الرئاسة، ودعوى حبس الرئيس مرسى بزعم هروبه من السجن، ودعوى نزع الجنسية عن أبنائه، ودعوى حل جماعة (الإخوان) والأحزاب الإسلامية، وهذا أيضا هو سر الغضب الكبير الذى أعقب إعلان نوفمبر الدستورى، ومظاهرة "تطهير القضاء"، حيث استهدف كل منهما القلة الفاسدة التى تلوث ثوب القضاء المصرى الناصع. إن الحملات القضائية والإعلامية التى انطلقت ضد الإعلان والمظاهرة هى تجسيد للآية القرآنية {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}، فى المرتين أصيب تحالف الثورة المضادة بالذعر من فقدان سلاح القضاء المسيس، الذى يشكل مع الإعلام المسيس رأس أفعى تنفث من نابيها سموما تقتل الثورة ببطء. لقد قمنا باستئصال ذيل الأفعى فى فبراير 2011، وتركنا جسمها يلعب.. ورأسها يتحين الفرص للانقضاض بنابيه على الثورة. سبب آخر من أسباب الغضب هو انكشاف حقيقة من هو الثورى ومن هو البلطجى، فالثورى هو الذى ثبت مع مطالب الثورة الرئيسة: تطهير القضاء وإزاحة عبد المجيد محمود.. وهو الذى صمد مع أهالى الشهداء والمصابين، فى الوقت الذى تخلى فيه البلطجية مدعو الثورية عن حقوق الشهداء والمصابين بتحالفهم مع أعداء الثورة. إن ما يجرى الآن من صخب وشغب وغوغائية هو اختبار لصبر وقوة احتمال الشعب، كل الشعوب فيها هذه النوعية الرديئة من البشر الشتامين الكذابين الأفاكين الذين لا يفهمون إلا مصالحهم وملء جيوبهم بالمال الحرام، الديمقراطية بالنسبة لهم مصيبة لأنها تسقط عنهم أقنعة الزيف وتضع مصيرهم فى يد الشعب، ولهذا تنصب جهود غوغاء المعارضة والقضاء والإعلام على تكفير الناس بالثورة والديمقراطية، فإذا تحقق لهم ما يريدون ستعود مصر سريعا إلى قبضة الاحتلال العلمانى الذى جثم على صدورنا عقودا طويلة من الزمن، وعندئذ لا يلومن الشعب إلا نفسه لأن أوضاعه ستعود إلى أسوأ بكثير مما كانت عليه، أما إذا صبر واحتسب وتحمل المصاعب خلال السنوات القليلة المقبلة فسوف يفوز فى النهاية بالوطن الذى نتمناه جميعا.