وصف محللون وخبراء سياسيون صينيون، اليوم الأربعاء، زيارات الرئيس محمد مرسي الخارجية الأخيرة، منذ تولى منصبه رئيسا للبلاد، وزيارته المرتقبة للعاصمة الروسية موسكو بعد غد "الجمعة"، بدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ثالث دول مجموعة "البريكس" التي يزورها مرسي بعد الصين والهند، تعكس رؤية جديدة للسياسة الخارجية المصرية الهادفة إلى تطوير علاقات مع الأطراف الفاعلة على الساحة الدولية. ويرى المحللون الصينيون، في تقرير نشرته وسائل الإعلام الصينية اليوم، حول سياسة مصر الخارجية الجديدة عقب تولي الرئيس محمد مرسي، أن الجولات الخارجية لمرسي منذ توليه منصبه في يونيو الماضي، لم تشمل الولاياتالمتحدة، أهم حلفاء مصر في حقبة الرئيس السابق مبارك، ما يعكس اتباعه لنهج دبلوماسي أكثر استقلالا وتوازنا، مشيرين إلى أن نظام مرسي لا يريد الاعتماد بشكل مفرط على واشنطن وحدها، بغية كسب المزيد من المساعدات الخارجية من دول العالم، لتحسين الوضع الاقتصادي وبالتالي استعادة دور مصر المحوري والمؤثر في الشرق الأوسط. وأوضحوا أن الجولات الخارجية للرئيس محمد مرسي، تهدف إلى توطيد العلاقات الدبلوماسية المصرية على أساس الندية في التعامل والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، تماشيا مع تصريحاته بأن العلاقات الدولية بين كل الدول مفتوحة والأصل فيها هو التوازن. وأكد المحللون أن حرص الرئيس مرسي على تطوير علاقات بلاده مع القوى الكبرى في العالم، بما فيها الاقتصاديات الناشئة، يدل على أن دبلوماسيته الخارجية شاملة ومعتدلة وعملية، حيث من المتوقع أن يبحث "مرسي" مع "بوتين"، خلال زيارته لروسيا سبل تنشيط التبادل التجاري وجذب الاستثمارات الروسية إلى مصر، في قطاعات الطاقة والنقل والصناعات الهندسية، إذ أصبحت مداواة جروح الاقتصاد المصري المتأثر بالاضطرابات التي تعتري الساحة الداخلية من أكثر المهام إلحاحا أمام مرسي وأحد الأهداف الرئيسية لجولاته الخارجية. من جانبه، قال مبعوث الصين الخاص إلى الشرق الأوسط، وسفير الصين الأسبق لدى مصر "وو سي كه": إن التحركات الخارجية لمرسي تتسم بالبراجماتية وخاصة على صعيد المشاركة في أنشطة المنظمات العالمية، مثل حضوره لقمة دول الاتحاد الأفريقي، وقمة حركة عدم الانحياز وقمة دول "بريكس". وأشار مبعوث الصين الخاص إلى الشرق الأوسط، "وو سي كه"، قائلاً: "إن هذا يعود على مصر بفائدتين، أولا: استعادة تأثير مصر في المحيط الإقليمي والعالمي، من خلال التوصل إلى توافقات مع مختلف الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي، ثانيا: تحفيز العالم الخارجي على مساعدة مصر، فيما يتعلق بتسوية المعضلات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية" بدوره، أشار نائب رئيس معهد الصين للدراسات الدولية،"دونغ مان يوان"، إلى أن تحسين الحالة الاقتصادية الصعبة عبر المساعدات الخارجية، خلال هذه الفترة الدقيقة من المرحلة الانتقالية والتي يواجه المصريون فيها متاعب جمة، باتت ذات أهمية بالغة بالنسبة للحكومة المصرية، خاصة وأن قوة اقتصاد مصر في الداخل ستعيد إليها مكانتها الإقليمية والدولية في الخارج. وأوضح "دونغ" أنه في ظل إتباع واشنطن لسياسة تقارب ومساعدات مشروطة بوتيرة الإصلاحات تجاه القاهرة، وشروعها في تقليص المساعدات المالية إليها، على خلفية الصعوبات المالية الأمريكية، اتجهت الحكومة المصرية إلى التعاون مع الاقتصاديات الناشئة لكسب المساعدات المالية بشكل أسرع وأيسر. وفي معرض إشارته إلى عدم زيارة مرسي لواشنطن حتى الآن، قال "دونغ": إن الرئيس مرسي يسعى بهذا إلى إحداث تغيير في القاعدة التي اتبعها النظام السابق في السياسة الخارجية ليولي اهتماما أكبر بالتعاون مع روسيا، وهذا سيعطى ثقلا أكبر لمرسي في عملية المساومة السياسية المتعلقة بالشؤون الدولية والإقليمية مع واشنطن. ومن جانبه، قال رئيس معهد غرب آسيا وشمال أفريقيا بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، "يانغ قونغ": إن واشنطن لن تمنح القاهرة قدرا كبيرا من المساعدات المالية مثلما كان الحال في الماضي، ولن تحل أية دولة محل الولاياتالمتحدة بالنسبة لحجم مساعدتها لمصر، لذا فإنه من الضرورة بمكان أن تتوجه الأخيرة إلى تعزيز علاقاتها الدولية مع مختلف الدول وخاصة الدول الكبرى في المنطقة والعالم للحصول على المساعدات المالية اللازمة لتحسين الأوضاع الاقتصادية. ولفت يانغ قونغ إلى أن زيارة الرئيس مرسي المرتقبة لروسيا تعكس اهتمامه بالسياسة الجغرافية وثقل روسيا في العالم والمنطقة، ويتفق المحللون، على أن زيارة الرئيس مرسي المرتقبة لموسكو، تحمل بعدا اقتصاديا، انطلاقا من إيمان الحكومة المصرية بأن الاقتصاد هو عماد أية دولة ومؤشر ومحفز التحديث والتنمية بها. ويرى الخبراء الصينيون، أن مصر وروسيا لديهما مصالح إستراتيجية مشتركة، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، ما أرسى أساسا لتعاونهما في مجالي التجارة والطاقة وكذلك القضايا الإقليمية الساخنة. وقال الباحث بمعهد الصين للدراسات الدولية، "لي قوه فو": إنه ليس لدى مصر وروسيا أي خلافات أو نزاعات فيما يتعلق بالشئون الدولية والإقليمية، مؤكدا أنهما تتمتعان بوجهات نظر متطابقة تجاه العديد من القضايا، إذ ترغب روسيا في الإسهام في جهود مصر لاستعادة مكانتها كلاعب أساسي في قضايا المنطقة. ويتفق الخبراء والمحللون الصينيون على أن سلسلة الزيارات الخارجية للرئيس مرسي، تعكس ظاهرة جديدة في السياسة الخارجية المصرية، إذ حطت طائرة مرسي في بلدان عربية مثل السعودية وأفريقية مثل أثيوبيا وآسيوية مثل الصين والهند، علاوة على زيارته لإيران التي كانت الأولي لرئيس مصري منذ 30 عاما، رغم أنها كانت فقط لحضور أنشطة قمة حركة عدم الانحياز، ما يدل على أن مرسي يتبع دبلوماسية أكثر استقلالية مقارنة بحقبة الرئيس السابق مبارك. وأوضح المحللون، أن مرسي ينتهج سياسات خارجية شاملة بما فيها سياسة "التطلع شرقا"، أي دفع العلاقات التجارية والاقتصادية مع دول آسيا في سعيه للنهوض بالاقتصاد المصري ولاسيما وأن صندوق النقد الدولي الذي تسعى مصر للحصول منه على قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار عبر عن ارتياحه إزاء تصميم السلطات المصرية على المضي قدما في برنامج إصلاح اقتصادي يهدف إلى مواجهة التحديات الحالية على نحو متوازن بالنسبة للمجتمع المصري.