صفحة المتحدث العسكرى تنشر فيلم "لهيب السماء" احتفالا بالذكرى ال54 لعيد الدفاع الجوي    الأوقاف: فتح باب التقدم بمراكز الثقافة الإسلامية    بماراثون دراجات.. جامعة بنها الأهلية تحتفل بذكرى ثورة 30 يونيو    المشهد الأخير، الوزراء يودعون المنصب قبل الإعلان عن التشكيل الجديد    رئيس جهاز الشروق: استمرار الإزالات الفورية للمخالفات خلال أيام العطلات الرسمية    تطوير عربات القطار الإسباني داخل ورش كوم أبو راضي (فيديو)    «مياه الشرب بالجيزة»: كسر مفاجئ بخط مياه بميدان فيني بالدقي    الإمارات تقدم رؤية لمواجهة تحديات الطاقة باستخدام الذكاء الاصطناعي    كتائب المجاهدين تقصف مقر قيادة فرقة غزة الإسرائيلية برشقة صاروخية    البرلمان العربي يؤكد على الدور المهم للنساء في مكافحة الإرهاب والتطرف    انهيارات أرضية في نيبال بسبب الأمطار الغزيرة.. الأرض ابتلعت 9 أشخاص (فيديو)    عائلات المحتجزين الإسرائيليين: نتنياهو لن يعيد أبناءنا من غزة حتى يهتز عرشه    تبادل كهنة أسرى بين روسيا وأوكرانيا    جهاز منتخب مصر بقيادة التوأم يحضر مباراة الزمالك وسيراميكا بالدوري    رد حاسم من ريال مدريد على مفاوضات ليفربول لضم تشواميني    ليفربول يحاول حسم صفقة معقدة من نيوكاسل يونايتد    كوناتي: لوكاكو أقوى مهاجم واجهته.. كامافينجا: غياب كورتوا أمر جيد لنا    مانشستر سيتي يخطف موهبة تشيلسي من كبار الدوري الإنجليزي    حريق هائل يلتهم مطعم مأكولات في المنيا    التعليم تكشف مفاجأة بشأن امتحان الفيزياء وتوجه رسالة للطلاب (فيديو)    الداخلية تكشف ملابسات واقعة طفل الغربية.. والمتهمة: "خدته بالغلط"    حبس المتهمين بإنهاء حياة طفل بأسيوط.. قطعوا كفيه لاستخدامهما في فتح مقبرة أثرية    أحكام بالسجن والبراءة للمتهمين بخطف نجل وزير أسبق في مدينة أكتوبر    موعد عرض أولى حلقات برنامج بيت السعد ل أحمد وعمرو سعد    رسالة نوال الزغبي في عيد ميلادها ال 53    أشرف عكة: منظمات الأمن الدولى فشلت فى الحد من اتساع رقعة الصراعات الدولية    هيئة البث الإسرائيلية: واشنطن تسعى لحل الخلاف بشأن صفقة تبادل المحتجزين    محمد رمضان : الشخص اللي صفعه عمرو دياب حاول يتصور معايا    عمرو دياب يطرح ريمكس مقسوم لأغنية "الطعامة"    وزير الصحة يبحث التعاون مع إحدى الشركات المتخصصة في مستلزمات الجروح والعظام    استشارية أمراض جلدية توضح ل«السفيرة عزيزة» أسباب اختلاف درجات ضربة الشمس    ربيع: إعادة الريادة للترسانات الوطنية وتوطين الصناعات البحرية    رئيس الهيئة البرلمانية ل«حماة الوطن» يهنئ الرئيس السيسي بذكرى 30 يونيو    المجاعة تضرب صفوف الأطفال في شمال قطاع غزة.. ورصد حالات تسمم    إحالة أوراق المتهم بقتل منجد المعادي للمفتي    سلمى أبو ضيف تبهر جمهورها بأحدث ظهور لها    طرق استلام كعب العمل لذوي الاحتياجات الخاصة    ننشر أسماء الفائزين في انتخابات اتحاد الغرف السياحية    القاهرة الإخبارية: لهذه الأسباب.. الفرنسيون ينتخبون نواب برلمانهم بانتخابات تشريعية مفاجئة    وفد من وزارة الصحة يتفقد منشآت طبية بشمال سيناء    ضحية إمام عاشور يطالب أحمد حسن بمليون جنيه.. و14 سبتمبر نظر الجنحة    بعد إحالته للمفتي.. تأجيل محاكمة متهم بقتل منجد المعادي لشهر يوليو    برقية تهنئة من نادي النيابة الإدارية للرئيس السيسي بمناسبة ذكري 30 يونيو    الأهلى تعبان وكسبان! ..كولر يهاجم نظام الدورى.. وكهربا يعلن العصيان    مصر تدعو دول البريكس لإنشاء منطقة لوجستية لتخزين وتوزيع الحبوب    الصحة: اختيار «ڤاكسيرا» لتدريب العاملين ب «تنمية الاتحاد الأفريقي» على مبادئ تقييم جاهزية المرافق الصيدلانية    ماهو الفرق بين مصطلح ربانيون وربيون؟.. رمضان عبد الرازق يُجيب    أكرم القصاص: علاقات مصر والاتحاد الأوروبى تعتمد على الثقة وشهدت تطورا ملحوظا    مجلس جامعة الأزهر يهنئ رئيس الجمهورية بالذكرى ال 11 لثورة 30 يونيو    بدءا من اليوم.. فتح باب التقدم عبر منصة «ادرس في مصر» للطلاب الوافدين    الصحة: الكشف الطبى ل2 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    كيف فسّر الشعراوي آيات وصف الجنة في القرآن؟.. بها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت    شرح حديث إنما الأعمال بالنيات.. من أصول الشريعة وقاعدة مهمة في الإسلام    مجلة جامعة القاهرة للأبحاث المتقدمة تحتل المركز السادس عالميًا بنتائج سايت سكور    الإفتاء: يجب احترم خصوصية الناس وغض البصر وعدم التنمر في المصايف    حكم استئذان المرأة زوجها في قضاء ما أفطرته من رمضان؟.. «الإفتاء» تٌوضح    «غير شرعي».. هكذا علق أحمد مجاهد على مطلب الزمالك    البنك الأهلي: تجديد الثقة في طارق مصطفى كان قرارا صحيحا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشاهدات صحفي مسحول في موقعة المقطم

كنت مستعدا ليوم مثل جمعة المقطم بارتدائي ملابس مناسبة تساعدني على سرعة الحركة وسهولة التنقل في موقع الحدث، علاوة على ارتداء سترة ثقيلة قد تساعد في امتصاص بعض الضربات غير المتوقعة وذلك أثناء رصدي لما يتوقع أن يجري بين أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين يتوجهون لحماية مقر مكتب الإرشاد بالمقطم وبين معارضيهم الذين توعدوا بالهجوم على المقر.
أنهيت أعمالي المكتبية في الثانية والنصف عقب صلاة الجمعة، وركبت سيارة ميكروباص إلى ميدان السيدة عائشة؛ كي استقل أخرى إلى المقطم، حيث يتوقع أن تقع الأحداث. لكن المفاجأة أنه لم توجد سيارات ترضى أن تقل الركاب إلى تلك المنطقة؛ لأن هناك من يقذفون السيارات المتوجهة للمقطم بالحجارة، كما يهشمون زجاجها بالهراوات، ويعتدون على الركاب خاصة إذا كان من بينهم من عليه أي علامة للالتزام بالهدي النبوي في المظهر مثل اللحية.
وفي حيرة من أمري عن كيفية الذهاب وجدت مجموعة كبيرة من الإخوان المسلمين يتجمعون في صفوف ويتحركون للذهاب سيرا على الأقدام إلى المقطم! هنا بدأ عملي الصحفي، حيث اتصلت بالجريدة وقمت بإملاء أحد الزملاء الفضلاء خبر انطلاق مسيرة الإخوان للمقطم سيرا على الأقدام؛ لعدم وجود ميكروباصات بسبب البلطجية.
انتظمت المسيرة وسارت على الرصيف الأيمن للشارع، وبدأ بعض الإخوان الآخرين ومناصري الإخوان الذي لم يجدوا مواصلات في الانضمام لتلك المسيرة، حيث بلغ العدد حوالي 300 فرد.
خلال ذلك كانت بعض السيارات المتجهة للمقطم يقوم الركاب بها بتحية الإخوان والبعض الآخر يشير بإشارات بذيئة.
على الجانب الآخر من الطريق القادم من المقطم كانت العديد من السيارات الخاصة تتوقف لتحذر المشاركين في المسيرة من أن هناك بلطجية يقطعون الطريق ويقومون بتهشيم زجاج السيارات خاصة من تحوي بداخلها أي شخص ملتزم، كما يقومون بضربه أو إصابته بالأسلحة البيضاء. وكنت أتوجه لقائدي تلك السيارات لأسألهم عن عدد هؤلاء البلطجية، فيقولون إنهم في حدود ال30، وعندما كان يعلم الإخوان ذلك فكانوا يصممون على التقدم.
وكانت تظهر من آن لآخر على الطريق آثار تهشيم زجاج السيارات وقمت بتسجيل ذلك في ثلاث أو أربع نقاط متباعدة، كان من الواضح أن البلطجية استخدموها ككمائن.
وكان من الملاحظ وجود دراجات نارية يحاول راكبوها معرفة عدد المشاركين في المسيرة، وإن كان معهم سلاح، علاوة على تثبيط عزيمة الإخوان في المسيرة حتى يتراجعوا.
أثناء السير كان بعض الإخوان يقومون بتنظيم الطريق ويدعون قائدي السيارات الخائفين إلى أن يكملوا مسيرتهم بعدما تم تطهير الطريق من البلطجية؛ وهو ما لاقى استحسان الكثيرين.
في هذه الأثناء ارتفع صوت أحد الشباب بين الاخوان قائلا انه وصله طلب ان من تأخر فعليه الرجوع، لكن الاخوان لم يستمعوا له معتقدين انه ربما يكون دخيلا يريد احداث بلبلة ولأنهم لم تصلهم اتصالات رسمية.
البلطجية يظهرون
وبعد السيرة لمدة 40 دقيقة تقريبا ظهرت مجموعة من حوالي 50 بلطجي ومتظاهر بعضهم يرتدي زي ال"بلاك بلوك"، أحدهم كان طويلا يحمل مسدس خرطوش ويطلق محتوياته نحو مسيرة الإخوان؛ كما كان هناك آخر يحمل العديد من زجاجات المولوتوف بمعاونة زميل له ويقوم بإشعال فتيلها ويلقيها نحو الإخوان وكان الباقون يقومون بقذف الإخوان بالحجارة.
كانت مجموعة من البلطجية والمتظاهرين قد صعدت على المنطقة الجبلية أقصى اليمين وقامت بإلقاء الإخوان بالحجارة التي كان بعضها موجه نحوي وهو الأمر الذي استفذني، حيث انني كنت أقوم بالتصوير في المسافة بين الإخوان والبلطجية مركزا على المخالفات البلطجية التي ذكرتها سابقا.
وكان من اللافت وجود كاميرات تصوير موجودة على المنطقة الجبلية تركز تصويرها على مسيرة الإخوان دون التركيز على المخالفات الكبيرة التي كانت تحدث من البلطجية والمتظاهرين، وعليه كنت أتقدم الصفوف الأولى لألتقط صورا لمخالفات هؤلاء كما كنت ألتقط صورا لمسيرة الإخوان.
وفي أحيان معدودة كنت اتخلى عن دوري الحيادي لحظات وذلك مع استفزاز الموقف مما دفعني لإلقاء الحجارة على البلطجية عدة مرات لما رأيته من عدم سلمية تعاملاتهم مع المارة والإخوان ولما كان من تهديد لسلامتي بشكل مباشر؛ حيث وصل الأمر لإلقائهم زجاجات المولوتوف مباشرة على أنصار الإخوان؛ وعليه قمت بالمساعدة في إطفاء بعض اثار اشتعال المولوتوف وذلك بحثو التراب عليه.
وفي لحظات رد أنصار الإخوان على اعتداء هؤلاء مستخدمين الحجارة وفروع بعض الأشجار الموجودة على الطريق؛ كما صعد بعض أفراد الإخوان المنطقة الجبلية وقاموا بمطاردة البلطجية مما أدى إلى فرار جميع البلطجية وتراجعهم إلى ميدان النافورة.
المواجهة
واصل الإخوان تقدمهم حتى بلغوا مسجد الحمد وهنا ظهر لهم أن هناك تجمع كبير من البلطجية والمتظاهرين يحملون مسدسات خرطوش وزجاجات مولوتوف وأسلحة بيضاء وهراوات وكثير من الحجارة.
هنا بدأت المواجهة الفعلية حيث رد الإخوان على هؤلاء ببسالة وقاموا بإزالة الحواجز التي وضعها هؤلاء واضطروهم إلى التراجع نسبيا لكن لم يتمكنوا من تفريقهم.
لكن زاد الضغط من جانب البلطجية والمتظاهرين، خاصة بما معهم من السلاح فاستمرت المناوشات لمدة 10 دقائق تقريبا.
في هذه اللحظات كنت أتقدم على صفوف الإخوان لعدة أمتار يفصلني عن البلطجية والمتظاهرين ضعف تلك المسافة تقريبا؛ حيث كان تركيزي على المخالفات التي يقوم بها هؤلاء.
وكان من بين مشاهداتي قيام بعض أصحاب المحلات على الجانب الأيمن بالصياح طالبين عدم التعرض لمحلاتهم التي كانوا بالفعل قد أغلقوها ووقفوا أمامها للدفاع عنها.
وكان أيضا من بين المشاهدات وجود طفل في يربو سنه على العاشرة تقريبا على يساري يحمل بعض الحجارة ليقذفها؛ وقد شككت في أمره أنه يتبع البلطجية لكن سألته لماذا تفعل ذلك؟ قال أبي سيتعرض للضرب (على يد البلطجية) بالأمام، مشيرا إلى رجل ملتحي في الأربعينات من العمر يرتدي جلبابا يقذف الحجارة ضد البلطجية والمتظاهرين على مقربة منهم.
استفزني الموقف وطلبت من الطفل الرجوع للخلف بل ولمحت أحد المتظاهرين يتقدم بجوار السور الذي كنت أقف بجواره أنا والطفل. وكان متظاهر يقذف بالحجارة فالتقط حجرين وقمت بقذفهما نحو هذا المتظاهر بهدف حمايتي انا والطفل.
اشتد الضغط من جانب البلطجية والمتظاهرين مما دفعني للاحتماء بشجرة حيث قمت بالتصوير لوقت قصير ثم أصابني المتظاهرون في ساقي باكثر من حجر وزاد الضغط أكثر فاضطررت للجوء لساحة مسجد الحمد للاحتماء بها.
في ساحة المسجد
وجدت العديد من الإخوان قد توجهوا لنفس المكان وبدأوا في دخول المسجد نفسه للاحتماء من البلطجية وقاموا بإغلاق باب المسجد الرئيسي عندما وجدوا مجموعة من البلطجية قد تعقبتهم وتحاول دخول المسجد.
في هذه اللحظة وجدت نفسي في ساحة المسجد بعد إغلاقه، وبعض البلطجية يدخلون من عدة جهات من الساحة.
أحد البلطجية كان يحمل مطواة (قرن غزال) وحاول الاعتداء على أحد الإخوان الذي لم يتمكن من دخول المسجد وكان بيده فرع شجرة فضرب به البلطجي فأسرعت لأفض الاشتباك مناديا أننا في ساحة المسجد؛ وتراجع الطرفان.
في تلك اللحظة أحاطت بي مجموعة من البلطجية وسألوني "أنت مع مين؟" فقلت لهم "أنا لسة مدافع عن واحد صاحبكم".
لكنهم قالوا بلهجة اتهام "انت من الإخوان" وذلك نظرا للحيتي الخفيفة فقلت، لهم "أنا صحفي" فقاموا بضربي باللكمات مما أدى الى نزيف كبير في وجهي، ووجدت أحد المتظاهرين يدعي أنه يحاول إسعافي، واتجه نحو باب المسجد وطرق عليه بقوة كي يفتح من بالداخل قائلا أنه يفعل ذلك من أجل إسعافي؛ لكن المحتجزي بداخل المسجد كان يعلمون ان فتح المسجد معناه الهجوم عليهم وقد تحدث مجزرة.
عقب ذلك اقتادني البلطجية والمتظاهرو عنوة إلى الناحية الأخرى من الساحة بين محراب المسجد والسور.
في هذه اللحظة شاهدت الرجل الذي كان يرتدي الجلباب والذي كان يدعي الطفل سابق الذكر أنه أباه وقد تم القبض عليه.
وقد قام البلطجية بإجبار الرجل على الانبطاح أرضا ثم أمروني وإياه بالجلوس بجوار حائط المسجد عنوة.
وسألوني مرة أخرى "انت مع مين؟" فقلت لهم اني صحفي فاستشاطوا غضبا وقالوا "انت بتصورنا وبتبين اننا غلطانين" وقاموا بالاعتداء علي مرة أخرى باللكمات؛ وعليه قام أحدهم بمحاولة سرقة الكاميرا فتشبثت بها مما أدى إلى انقطاع حزامها وحاول هو أو آخر مرة أخرى بشراسة مما أدى إلى فقداني للكاميرا بكل ما تحتويه.
عقب ذلك قاموا بانتزاع جراب الكاميرا بما يحويه من بطاقة ذاكرة إضافية؛ كما سرقوا حافظة نقودي وأوراقي عنوة.
في أثناء فحص هؤلاء لحافظتي وقع منها صور صغيرة لأعزاء علىّ من العائلة، فقمت خلسة بتجميعها وقد تساقط دمي عليها، فتلطخت وقمت بإخفائها مع الهاتف المحمول في جيب صغير.
في هذه اللحظة اكتشف هؤلاء أني أتبع جريدة وحزب الحرية والعدالة؛ وكأنما وجدوا غنيمة وقام أحدهم بالصياح، "ده من الحرية والعدالة!".
وأشهر ذلك الشخص بطاقات الهوية الخاصة بي، فتجمع عدد أكبر من بينهم امرأة وقام أحدهم بضربي بحجر كبير على الجهة اليسرى من رأسي مما أدى إلى وجود قطع في رأسي وأذني وزاد آخرون في اللكمات وأتي أحدهم بسلم خشبي وضربني به وأشهر آخر مطواة قرن غزال فأشرت بيدي اليمنى أن كفى.
ورغم ما كان يحدث من ضرب ذكرتهم أني صحفي بجريدة الحرية والعدالة وطلبت منهم رد البطاقات والتي كانت تحوي بطاقة مصابي الثورة خاصتي -حيث قد كنت أصبت يوم 28 يناير 2011 فوق كوبر قصر النيل- واعتقدت أن رؤيتهم للبطاقة قد تشفع لي عندهم، لكن بلا جدوى.
وكنت كلما طلبت متعلقاتي يقول أحدهم "عايز الكارنيه، طب خد" ويكيل لي اللكمات في وجهي مما أحدث فيه جرحي قطعيين.
وفي تلك الأثناء كان المعتدون يضربون الرجل الأربعيني فحاولت اثائهم عن ذلك بقولي "ده رجل كبير" لكنهم أصروا على ضربه وإياي مجددا.
وقالت المرأة "خليهم هنا علشان نبدلهم مع اللي يتاخدوا مننا". هنا طلب آخر بتصميم أن يتم إخراجنا خارج المسجد وإلقائنا للمتظاهرين، وهو الأمر الذي قاومته بشدة رغم تعبي حيث كنت اتخيل ما يمكن أن يحدث ان تم وضعي أنا والرجل امام البطجية والمتظاهرين.
ونظرا لمقاومتي الواضحة قام أربعة من الموجودين بحملي من يدي ورجلي خارج المسجد فتشبثت بأحد من يحملوني من ناحية الرأس حتى لا أقع على الأرض ويقومون بسحلي؛ وهنا حدث شيء ما لا أذكره فقدت بعده الوعي...
النجدة
أفقت على صوت مسعف في سيارة اسعاف وهي يخبر البعض خارج السيارة ان معه حالة صعبة، وكان يتساءل عن الطريق الى الطريق الدائري ليتوجه لأحد المستشفيات هناك.
فتحت عيني، وشكرت المسعف وسألته عما حدث فقال انه ومن معه أخرجوني من بين أيدي المعتدين بأعجوبة. سألته عن اسمه فقال "روماني" موضحا أنه لا يعمل في تلك المنطقة وأنه هناك نظرا للظروف الطارئة؛ وقد قررت أزوره لاحقا في نقطة تمركزه بالزمالك.
وصلت الى مسستشفى البنك الأهلي بالقطامية حيث استقبلني الأطباء في الطواريء وسط مجموعة أخرى من المصابين يتضح من سمت معظمهم أنهم من الاخوان والتيار الإسلامي. كما كان من الواضح أن أغلب الإصابات كان تتركز في الوجه والرأس.
رأيت زميلي في الجريدة طارق سلامة وقد كان في وجهه إصابات بالغة وجرح كبير في الرأس. كما قد ظهر على جانب وجهه آثار واضجة جدا لنعلي حذاء رياضي فداعبته قائلا "شيل نعل الجزمة اللي على وشك؛ الف سلامة لك يا طارق" فتبسم بصعوبة؛ وقد علمته دائما بشوش الوجه يتسبب في نشر البهجة بيننا بالجريدة.
كما وقع نظري على الرجل الأربعيني الذي كان محتجزا معي داخل ساحة المسجد وعرفت أن اسمه سامي وقد راعني منظر جرح غائر في قدمه اليسرى بطول 7 سنتيمترات تقريبا، لكننا نظرنا الى بعضا البعض ونتمكن من الكلام لاكتظاظ المكان.
قام الأطباء المتواجدون بفحص رأسي ووجهي واكتشفوا وجود ثلاثة جروح قطعية بالرأس واثنين بالوجه مما استلزم حلق الأماكن المحيطة بالجروح والقيام بخياطتها بحوالي عشر غرز؛ علاوة على اكتشاف كدمات وسحجات متفرقة في الجسد خاصة في الجاب الأيمن.
كما قاموا بعمل أشعة على الصدر والرأس واكتشفوا وجود تجمع دموى بسيط على الرئة فقرروا حجزي بالمستشفى للتأكد أن الموضوع ليس نزيفا داخليا في الرئة.
علاوة على ما سبق فقد كان هناك نزيف من أذني اليسرى استمر لمدة يومين، تحول بعدها للون الأصفر مما استدعى عمل اشعة مقطعية على المخ والمتابعة أكثر من مرة مع الطبيب.
من مظاهر الأخوة
وقد كان مما خفف عني كثيرا العديد من المواقف التي أظهرت الحب في الله بين زملائي والإخوان والمعارف وبيني.
فقد طلب مني الطبيب ان ابدل ملابسي والتي كان قد تحول معظمها للون الأحمر، وعليه لم يكن معي غيرها. وجدت اتصالا من أحد الإخوان واسمه "عبد العزيز" من منطقة تبعد أكثر من ساعة عن المستشفى وبعد الاطمئان علي عرض خدماته فطلبت منه سترة، فأتى بها في خلال نصف الساعة.
وفي لفتة رقيقة أخرى قام أحد الإخوان الذين لا أعرفهم وعرفت أن اسمه "سيد" من الفيوم بإحضار ملابس رياضية كاملة لجميع الإخوان الراقدين في المستشفى.
كما قام مرافقوا زميلي في الحجرة "شعبان" من الإسماعيلية، بمساعدتي دون طلب حتى أن أحدهم كان يخلع لي حذائي ويصمم أن يساعدني في ارتدائه، رغم رفضي الشديد لذلك.
كما خفف عني زيارة أو اتصال الكثيرين بي من القريبين الى قلبي من الإخوان والزملاء في المهنة والشخصيات العامة مثل السيد "صلاح عبد المقصود" وزير الإعلام والأستاذ محمد عبد القدوس والأستاذ خالد البلشي والزميل أحمد فتحي من جريدة الشروق. وكان من بين الزائرين نقيب الصحفيين الأستاذ ضياء رشوان والذي قال لي "بسيطة يا مصطفى" فشكرت له زيارته موضحا أبعاد الإصابة وأبعاد ما حدث فقال انه استنكر في القنوات الفضائية ما حدث؛ فتوقعت أن يقوم بمثل ما قام به مع الزملاء الآخرين، وها أنا مازلت أنتظر ذلك.
وقد توجت مظاهر تلك الأخوة الكبيرة بأمرين أولهما باتصال هاتفي من الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة والذي اطمئ على صحتي وعرض نقلي لمستشفى أخرى ان لم أكن راضيا عن الخدمة في تلك المستشفى، لك أكدت أن الخدمة طيبة وشكرت له اهتمامه.
وكان الأمر الآخر والمفاجأة حينما كان يزوروني لفيف كريم من إخوان مدينة الشيخ زايد بالجيزة حيث أسكن، وتفاجأت مع الحضور بدخول فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع يرافقه الدكتور محمد سعد عليوة عضو مكتب الإرشاد واطمأنانهما على صحتي.
وقد أثلج الدكتور بديع صدري بكلمات طيبة بعد ان وضع يده على رأسي ودعا لي من مأثور الدعاء، كما دعا لزوجتي التي كات تجلس بجواري. وكان من بين كلماته "نحمل دعوات اخوانك والله.. وهييجي يوم ان شاء الله يبقى الأحداث اللي حصلت دي في الاتحادية وهنا عند المقر أحداث بإذن الله سبحانه وتعالى غيرت مجرى تاريخ مصر؛ انت سجلت سطر فيها ان شاء الله لأن دماءك غالية وعزيزة" وأضاف "انت تقول عني تعبت نفسك وجيت، لكن أنت لك في رقبتنا دين، عمال تكتب وعمال تنشر وعمال تحق الحق وتنصر الحق وتقف في وجه الباطل، فلك في رقبتنا دين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.