بسم الله الرحمن الرحيم السيد راجا برفيز، رئيس وزراء باكستان، السيد الأستاذ الدكتور محمد أصغر راعى الجامعة الوطنية للعلوم والتكنولوجيا، السيدات والسادة الحضور، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. استهل خطابي هذا بقول المولى عز وجل فى القرآن الكريم نور صدورنا ومشكاة عقولنا ومفرج همومنا بسم الله الرحمن الرحيم "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير"، وقوله تعالى "ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدى إلى صراط العزيز الحميد" صدق الله العظيم. السيدات والسادة، إن ديننا الإسلامي الحنيف أمر المسلم بالاستزادة من العلم والاستنارة من معارفه ورفع طالبيه عن تاركيه وصدق المصطفى الحبيب عليه وعلى صحبه أفضل صلاة وأفضل سلام عندما أمرنا بأن نطلب العلم ولو كان فى الصين. ولا يخفى عنا جميعا أن واقع أمتنا الإسلامية يدعونا للوقوف برهة للتأمل والتفكير في مستقبل هذه الأمة التي دانت لها الأمم بأسرها بالعلم منذ قرون عديدة، ففى الوقت الذى كانت فيه قارات العالم القديم تغط في ظلام دامس وجهل ماكث وتضيع فى ليل القرون الوسطى كان علماؤنا المسلمون أجدادنا أبناء هذه الأمة الشريفة العفيفة التى كانت وستظل إن شاء الله خير أمة أخرجت للناس كانوا يمضون من اكتشاف إلى اكتشاف ومن إنجاز إلى إنجاز. كانوا يبهرون العالم كله بعلمهم ومعرفتهم التى حازوها عن طريق البحث والتطبيق والملاحظة والتدقيق والدراسة والتعميق، موحدين الله سبحانه وتعالى ومؤمنين بآياته ومسترشدين بقرآنه المجيد. كانوا يهتدون بما أمرنا به نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم من أهمية الجد والعمل، إذ قال "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"، وقال كذلك وإذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة فليغرسها"، ونرى في التاريخ آية على الحسن بن الهيثم يعلم الدنيا الرياضيات والبصريات والفيزياء والتشريح، وها هو جابر بن حيان الأسدى يؤسس علم الكيمياء، وأبو الريحان محمد البيرونى يكتشف الدورة الدموية الصغرى، وكذلك ما أثرى به علوم الفلسفة والرياضيات والفلك بل وأدب الرحلات، حتى وصفه جورج ساترتون فى مقدمة كتابه دراسة تاريخ العلم بأنه عالم موسوعى، وأنه من أكابر علماء العالم ووصفه المستشرق الألماني سخاو بأنه أعظم عقلية عرفها التاريخ. ونرى أيضا أبى الوليد بن رشد أرسطو الفيلسوف الذى مضى يصحح من مفاهيم الفلسفة ويقدم شروحا لمدارسها حتى جاء الفيلسوف الإيطالي بيترو بمبيوناتسى ليؤسس مدرسته الفلسفية باسم المدرسة الأرسطية الرشدية. ولا يفوتنا فى هذا المقام أن نذكر عبد الرحمن ابن خلدون الذى عرف العالم أجمع علم الاجتماع، وضياء الدين المالقى بن البيطار الذي أسس علم النبات والصيدلة، وبديع الزمان بين الرازي الذى وضع العالم على الطريق الصحيح لفهم الهندسة والميكانيكا، ولقد نسينا أننا كنا سببا رئيسيا فيما يتمتع به هذا العالم من تقدم ولقد أسهمت باكستان بعلمائها خلال القرن العشرين فى نهضة المجالات العلمية والفنية، وكان حصول العالم محمد بن عبد السلام على جائزة نوبل فى الفيزياء عام 1972 دليلا على ذلك ومدعاة فخر لنا جميعا. السيدات والسادة، إنه يتعين علينا اليوم أن نعمل بجد وأن نعمل سويا، نعمل بكل عزيمة وإرادة حرة حتى نعيد لأمتنا الإسلامية مكانتها وحتى نخرج أجيالا من الشباب يعيدون لهذه الأمة ريادتها ونحتاج في ذلك إلى العمل الدءوب لتعليم أبنائنا وأطفالنا وشبابنا العلم. إنهم يحتاجون إلى كل ذلك لتوفير حياة كريمة لهم جميعا تقيهم خطر التسرب خارج منظوماتهم التعليمية لكى يجدوا قوت أسرهم، فالتحدى كبير والمسؤوليات علينا نحن هذا الجيل مسؤوليات جسام، إن ما غرسه علماؤنا المسلمون الأوائل منذ قرون نستطيع نحن بالعلم والعمل والإيمان بالله أن نسبق العالم أجمع لنجنى اليوم ثماره بعد قرون طويلة فاتنا فيها ما فات وفارقنا فيها مع كل أسف التقدم الذى تستحقه هذه الأمة. السيدات والسادة، إننى متفائل جدا بفضل الله وأرى أن عملنا معا بإرادة حرة وبتوفيق الله وبجد فإننا سنجد غدا مشرقا مفعما بشذى ربيع الثورات العربية ودليله فى ذلك إرادة الشعوب التى أذنت أن تنكسر لها القيود وأن تسقط أمام صلابتها قلاع أباطرة الاستبداد والديكتاتورية. إننا معا نرسى اليوم الديمقراطية التي سوف توفر لما بإذن الله مناخا ملائما للنهوض بالعلم والتعليم والبحث العلمي الذي تخصص له الدول الكبرى أكبر قسط من ميزانيتها، إننا إذا عملنا ذلك بتوفيق الله سوف نحقق النهضة الإسلامية المنشودة فى كافة المجالات وفى كافة بقاع العالم الإسلامي. السيد الأخ العزيز رئيس الوزراء السيد الأخ العزيز راعى الجامعة السيد مدير الجامعة الأخوة الحضور أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الطلاب والطالبات السيدات والسادة الحضور، أتوجه لكم مرة أخرى بخالص الشكر والتقدير على الدرجة العلمية الرفيعة الشرفية التى منحتموني إياها وأعرب لكم عن خالص التمنيات لجامعتكم الموقرة بمواصلة دورها الرائد ورسالتها الرفيعة وأرجوا من الله أن تظل دوما موفقة فى دورها كمنارة للعلم والبحث فى باكستان والعالم الإسلامي بل والعالم أجمع، وأتمنى لشعب باكستان الشقيق الذى طالما كان فى قلب أمتنا الإسلامية وكان محورا أساسيا فيها أتمنى لهذا الشعب العريق الشقيق كل توفيق وتقدم ورقى وازدهار وأسال الله العليم الخبير أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا، وقل ربى زدني علما والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.