تتسارع وتيرة المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تهويد المقدسات الإسلامية كافة بالأراضى الفلسطينيةالمحتلة، حيث بدأت سلسلة من انتهاك حرمات المقابر الإسلامية فى مدينة القدسالمحتلة لبناء حدائق ومعابد توراتية على أنقاضها. الحرب الإسرائيلية لم تكتف بحصد أرواح الأحياء من الفلسطينيين، بل امتدت لتطول رفات الأموات وطمس التاريخ الفلسطينى، وهو ما يتجلى فيما تقوم به سلطات الاحتلال بمقبرة "مأمن الله" التاريخية فى القدس والمدفون فيها عدد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلام، وعدد كبير من جنود صلاح الدين الأيوبى، وأبناء القدس من كل العائلات على مدى التاريخ. محاولات استهداف مقبرة "مأمن الله" التاريخية من قبل الاحتلال بدأت منذ نكبة فلسطين حتى اليوم، حيث اقتطع الاحتلال ما يقارب من 85% من مساحتها وحولتها إلى حدائق عامة وشوارع وأقامت عليها المبانى والمؤسسات والمدارس والملاعب والمراحيض العامة ومطعما وكافتيريا فيما يسمى ب"حديقة الاستقلال"، وما تبقى من مساحتها هو فقط ما يقارب ال23 دونمًا من أصل 154 دونما، وهذه المساحة هى الأخرى ما زالت تستهدف على يد سلطات الاحتلال التى تحاول بكل ثمن أن تتخلص مما تبقى منها. من جانبها أصدرت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث بيانا صحفيا وصل "الحرية والعدالة" نسخة منه كشفت على لسان رئيسها المهندس زكى محمد إغبارية عن مخططات جديدة تستهدف المقبرة وتم رصد ملايين الدولارات لذلك. وقال إغبارية: "هناك مخططات لبناء مبانٍ لمحاكم الصلح والمركزية على جزء آخر من المقبرة التاريخية غرب المتحف ما يسمى بمتحف التسامح، إضافة إلى مخططات لتفعيل بركة تجميع المياه فى وسط المقبرة وتحويلها إلى مركز سياحى، يشمل تركيب أعمدة إنارة فى المقبرة مما يترتب عليه حفر أساسات عميقة سوف تمس قطعا بحرمة الأموات المدفونين فى المقبرة، كما أن هناك مخططات لإقامة صالات للعروض والاحتفالات وشق طريق جديد وبناء بنى تحتية للمياه والكهرباء وغيرها وإقامة مبنى للتحكم فى أجهزة الرى فى المنطقة وتخصيص حديقة للكلاب". ووجهت المؤسسة رسائل عاجلة إلى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامية ورابطة العالم الإسلامى والاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، والسفارات المصرية والتركية والأردنية، تطالب بالتحرك العاجل لإنقاذ المقبرة من أذرع المؤسسة "الإسرائيلية" ومخططاتها الرامية لتدميرها وتهويدها بشكل كامل. استهداف إسرائيل لمقبرة "مأمن الله" أثار مخاوف الفصائل الفلسطينية، الأمر الذى دفعها لدعوة الشعب الفلسطينى لهبات جماهيرية لحماية المقدسات، حيث دانت حركة "حماس" تلك المخططات التهويدية، مؤكدة أنه وقف إسلامى خالص بالقدسالمحتلة، ونددت بالصمت والتواطؤ الدولى على جرائم الاحتلال. وحذرت الحركة فى بيانها من مغبّة الحرب المتواصلة ضد أراضى مقبرة "مأمن الله" التاريخية، مؤكدة أنها محاولات يائسة لفرض واقع جديد لن يكون له أثر إلا فى أوهامهم وأحلامهم، وستبقى المقبرة التاريخية شاهدة على عمق الحضارة العربية والإسلامية فى أرض فلسطين. المجلس التشريعى الفلسطينى بدوره وجه نداء عاجلًا للأمة الإسلامية والعربية لإنقاذ المقبرة الإسلامية التاريخية فى القدس ووقف المخططات الهادفة لهدم المقبرة التاريخية وبناء متحف أثرى ومركز سياحى وحديقة للكلاب ومنطقة عروض للاحتفالات الصاخبة داخل المقبرة. وشدد النائب فى المجلس التشريعى الفلسطينى الدكتور خميس النجار، رئيس لجنة "وحدات القدس والأقصى" فى تصريح له، على أن الاحتلال قام برصد ميزانية كبيرة تقدر بملايين الدولارات لإقامة مشاريع تهويدية فى القدس والعمل على تكريس السيطرة الصهيونية على مدينة القدسالمحتلة. وأشار إلى قيام بلدية القدس الاحتلالية فى هذه الأيام ببناء مقهى على أرض المقبرة الإسلامية التاريخية فى القدسالمحتلة، إشارة واضحة إلى إصرار البلدية لمواصلة العمل على طمس وتدمير وتخريب هذا المعلم الإسلامى التاريخى البارز.