ما بين الخماسية القاسية التى افتتح بها مورينيو مسيرته مع كلاسيكو العالم والفوز بهدفين لهدف فى مباراة أمس الأول، نجح البرتغالى الداهية فى تغيير الكثير من المفاهيم والأعراف، وأرسى قواعد كرة قدم ربما تكون جديدة ومختلفة، وتحتاج إلى أن يتناولها الخبراء بالشرح والتحليل. فالرجل الأول فى العاصمة مدريد نجح فى الحد من تفوق منافسه الساحق فى السنوات الخمس الأخيرة، التى ربما تخللها فوز معنى أو التتويج بلقب فى لحظة تراخى أو إجهاد من المنافس، حتى وجد العلاج الفعال لإبطال مفعول "تيكى تاكا" برشلونة، ومواجهتها بالدفاع المدروس مع هجوم منظم يقوده مواطنه كريستيانو رونالدو لينجحا معا فى إعادة الملكى إلى واجهة الأحداث. ولم يذق البارسا مرارة الخسارة فى مباراتين متتاليتين منذ وقت طويل، إلا أن البلانكو قرر أن يفعل ذلك بمفرده، فجدد فوزه على غريمه الأزلى بهدفين مقابل هدف وحيد فى المباراة التى جرت عصر السبت بملعب سنتياجو برنابيو فى الجولة ال26 للدورى الإسبانى، بعد 96 ساعة فقط من الفوز العريض بثلاثية فى قلب كامب نو، كلفت البارسا خروجا مهينا من بطولة الكأس. ويعانى الفريق الكتالونى من أزمة ثقة واضحة وتراجع حاد فى المعنويات وانخفاض فى المردود البدنى، مع عقم خططى واضح خارج الخطوط منذ رحيل الفيلسوف جوارديولا وليس فقط من مرض فيلانوفا، رغم النتائج المرضية تحت قيادة الأخير، ليصبح "عصر السحرة" على المحك. كانت افتتاحية التسجيل كالعادة لصالح الفريق الملكى عن طريق الفرنسى العائد كريم بنزيمة بعد 6 دقائق فقط من الافتتاح ليترجم الأفضلية لصالح أصحاب الأرض رغم غياب الأعمدة الأساسية للفريق، ورغم حالة التوهان التى أصابت برشلونة ونجمه الأرجنتينى ليونيل ميسى "المريض" إلا أن –الحاضر الغائب- نجح فى تعديل النتيجة سريعا بمراوغة ناجحة لسرخيو راموس وتسديدة متقنة فى شباك لوبيز فى الدقيقة 18. ورغم غياب ميسى عن تدريبات فريقه الأخيرة بداعى المرض، إلا أنه بهدفه فى شباك الريال نجح فى معادلة الرقم القياسى لدى ستيفانو فى تاريخ الكلاسيكو ب18 هدفا، كما واصل هوايته فى الليجا بتحطيم رقمه القياسى بالتسجيل فى 16 مباراة متتالية ليرفع رصيده على عرش هدافى المسابقة إلى الرقم 39 بفارق 15 هدفا عن ملاحقه اللدود كريس. وعلى اختلاف الشوط الأول أعاد هدف ميسى الثقة إلى برشلونة، ونجح الضيوف فى السيطرة على مجريات المباراة، وتبارَى لاعبوه فى إهدار الكرات السهلة، وعاب الخط الأمامى للبارسا غياب التركيز وانعدام الفعالية على المرمى، ومن أجل تخفيف الضغط على الدفاع ولتفادى هزيمة غير مبررة دفع مورينيو بجناحه رونالدو –الذى يعيش أزهى فتراته هذا الموسم- وكان ل"مو" ما أراد، فسحب البديل فريقه إلى وسط الملعب، ونجح فى شن هجوم مضاد، وكاد أن يسجل من ركلة حرة منعتها العارضة من النفاذ إلى الشباك، وكاد الشاب موراتا أن يرجح كفة الريال من انفراد تام أنقذه فالديز، حتى انشقت الأرض عن سيرخيو راموس قبل النهاية ب8 دقائق، ليحول ركنية مودريتش إلى الشباك بهدف "كربونى" لهدفى فاران فى مواجهتى الكأس ومشهد بات مكررا على دفاعات البارسا. وبغض النظر عن ركلة الجزاء المستحقة لبرشلونة فى الدقيقة الأخيرة بعد عرقلة واضحة من راموس للبديل البرازيلى أدريانو، التى كلفت الضيوف تلقى سيل من البطاقات: الأصفر لإنيستا، والأحمر لفالديز؛ نتيجة الاعتراضات على الحكم، إلا أن البارسا لم يستحق الفوز ولم يقدم طوال المباراة ما يشفع له للعودة بنقطة، رغم إشارة الإحصاءات إلى نسبة استحواذ معتادة وغير فعالة بلغت 63%. وألحق الريال الهزيمة الثانية بمتصدر الترتيب بعد موقعة سوسيداد ليتجمد رصيده عند 68 نقطة، وإن بقى الفارق بينهما كبيرا، وإن قل إلى 13 نقطة قبل 12 جولة من ختام المسابقة. وأكد الريال تفوقه فى المواجهات المباشرة مع غريمه فى 225 كلاسيكو بواقع 90 فوزا ملكيا مقابل 87 فوزا لبرشلونة، كما حافظ على هيبة ملعبه فى آخر 25 مباراة منذ سقوطه أمام برشلونة تحديدا فى ديسمبر 2011، كما نجح فى تسجيل أول فوز على البارسا فى البرنابيو فى الدورى منذ مايو 2008. وأحسن فريق العاصمة فى شحن بطاريات الثقة لدى لاعبيه قبل المواجهة المرتقبة والأهم أمام مانشستر يونايتد فى عودة دور ال16 لدورى الأبطال، التى يحتاج خلالها الريال لهز شباك منافسه فى ملعب أولد ترافورد بعد انتهاء مباراة الذهاب إلى تعادل إيجابى بهدف لمثله. ويخشى الريال مواجهة غدا الثلاثاء فى إنجلترا بعدما وجه مانشستر بدوره رسالة تحذير قاسية بفوز عريض نوريتش سيتى برباعية كان بطلها اليابانى سينجى كاجاوا "هاتريك" ضمن الجولة ال28 للدورى الإنجليزى، ليحكم المانيو سيطرته المطلقة على القمة قبل مواجهة الإسبان. وفى المقابل، زادت معاناة البارسا قبل مواجهة ميلان الأوروبية التى لا بديل أمامه على الفوز بهدفين نظيفين على أقل تقدير لخسارته بالنتيجة ذاتها فى سان سيرو، وهى المواجهة التى يخشاها الكتلان، خاصة بعد فوز ميلان أمس الأول على لاتسيو فى الجولة ال27 للدورى الإيطالى بثلاثية رائعة ليزاحم أهل القمة وينفرد بالمركز الثالث.