الجميع يعرف مكانة كلية دار العلوم فى قلوب وعقول أبناء الحركة الإسلامية داخل مصر وخارجها، لما لها من فضل عظيم فى إثراء الحياة العلمية والعملية، بعدما قدمت للأمة من علماء ومفسرين ومجددين الواحد منهم يعدل أمة. ولقد وصلتنى رسالة من أحد أبنائها الذين يطمعون فى كرم وزير الأوقاف بإعادة الأمور إلى نصابها فيما يتعلق بقضية تعيين الأئمة من أبناء الكلية بعدما حاول العهد البائد التضييق على خريجيها وعزلهم عن الحياة الدعوية والشرعية. يقول: لا يخفى على أحد مكانة كلية دار العلوم.. ذلك الصرح العلمى الكبير، ويكفى لمعرفة هذه المكانة الوقوف على بعض أسماء خريجى هذه الكلية، وعلى رأسهم الإمام المجدد الشهيد حسن البنا ومفسر القرن العشرين سيد قطب.. ومن الشعراء والأدباء حدث ولا حرج. أكتب هذه الكلمات حين استوقفتنى إعلانات وزارة الأوقاف التى وضعت فيها أسماء الكليات التى يسمح لخريجيها بالتقدم لوظيفة «إمام وخطيب»، ومن بينها «دار العلوم المسبوقة بالثانوية الأزهرية»، وأحب أن أسأل القائمين على الأمر، وعلى رأسهم معالى وزير الأوقاف التى شهدت الوزارة فى عهده شفافية ونزاهة وتطويرا وكفاءة لم تشهدها من قبل.. لماذا «المسبوقة بالثانوية الأزهرية»؟ ما الفرق بين خريج الكلية الدارس للثانوية العامة وخريج الكلية نفسها الدارس للثانوية الأزهرية؟ إذا كان الفرق فى حفظ القرآن فالمتقدم، كما تعلمون، أصلًا يخضع لامتحان فى القرآن كله وفى التجويد وغيره، ولا بأس أن تشددوا على غير خريجى الأزهر هذه الامتحانات القرآنية لضمان الكفاءة. أما إذا كنتم ترون أن طالب الأزهر يدرس مقدارًا من العلوم الشرعية لم يدرسها طالب الثانوية العامة، ففى دراسته فى الكلية الكفاية، لأن طالب دار العلوم أصلًا يُعدُّ لتدريس العلوم الشرعية فى الأزهر وغيره، فضلًا عن اللغة العربية، ثم هو فى النهاية أيضًا سيخضع للاختبارات! لقد اقتصر العمل الدعوى فى مصر من قبل على طائفة معينة فى محاولة لمنع خيرة العلماء من اعتلاء المنابر وتصدر المشاهد، فنربأ بكم أن يكون الأمر تعصبًا للأزهر الشريف ليس إلا! كذلك نناشد شيخ الأزهر ورئيس جامعته أن يعاد فتح الباب لمريدى الانتساب لجامعة الأزهر من خريجى الكليات العامة، كما كان الأمر من قبل، ورأينا جهابذة لم يتعلموا فى الأزهر من بدايتهم! خاصة أن أبواب الأزهر كانت مفتوحة لمحبى دراسة العلوم الشرعية حتى عهد الدكتور أحمد عمر هاشم.. ولا ندرى لماذا؟ ثم أعاد فتحها الدكتور أحمد الطيب فى عام 2008 فى تجربة لم تكتمل.. ولا ندرى أيضًا لماذا؟ لعله كانت هناك قيود من أمن الدولة.. فلماذا الإصرار على استمرار الإغلاق الآن.. ثم نشتكى التطرف والغلو.. فهل من مدكر؟!