* طعيمة شيخ قرية العزيزة وقارئها وإمام أحد أشهر مساجدها * يقود مقرأة بمسجد القرية من 50 عاما * الشيخ الحصرى أشاد بتلاوتى ورفضوا تعيينى قارئا بالإذاعة محمد نجم وشهرته الشيخ طعيمة، مواليد قرية العزيزة التابعة لمركز المنزلة بمحافظة الدقهلية عام 1925م، شيخ القرية وقارئها، وإمام أحد أشهر مساجدها التاريخية، ومعلم رجالها ونسائها القرآن على مدار أكثر من نصف قرن، جذب بصوته المصلين، والتف على مقراته الشباب. "الحرية والعدالة" التقت بالشيخ القرآنى فى حديث الذكريات متى حفظت القرآن؟ وعلى يد من؟ حفظت القرآن قبل سن العاشرة، ومن حسن حظى أن جَدَّى لأمى وأبى كانا أشهر محفظين للقرآن بالقرية الشيخ عبد الرحمن أبو غنيم والشيخ إبراهيم أبو غنيم، وكنت أحفظ فى "الكُتاب" من بعد صلاة الفجر حتى الظهر ثم يستمر من العصر إلى المغرب طوال الأسبوع ما عدا الجمعة. وماذا عن الجمعة؟ كان الشيخ أحمد الليثى مسئول الإخوان بالقرية يطلب منى أن أذهب للمنزلة، وأحضر جلسات الأشبال لتعلم القرآن والأحاديث كل يوم جمعة فى شعبة الإخوان، وكانوا عاملين حاجة اسمها الجوالة ويلبسون زيا معينا ويقومون بنشاطات جميلة جاذبة. هل كنت متفرغا لحفظ وتعلم القرآن؟ كنت فى شبابى أعمل بالصيد وأراجع القرآن وأنا راكب الفالوكة، وكانت بحيرة المنزلة مليئة بالخيرات وكنت أصطاد بيدى من كثرة الأسماك، وكانت أسرتنا فقيرة فكانت ترسلنى للعمل فى الصيد، وحينما يعلم جدى أننى فى البحيرة يغضب من أبى وأمى ويصيح فيهم "لا تشغلوه عن القرآن .. دا له شأن كبير"، لكن فى سن 18 سنة انشغلت بالصيد ونسيت حفظ القرآن، حتى رأيت رؤية للنبى صلى الله عليه وسلم يقول لى: "اقرأ باسم ربك"، فحرصت على قراءة السورة وعاودت المراجعة ويسرها الله لى، وأعفيت من الخدمة العسكرية لحفظى القرآن. كم قراءة تعلمتها للقرآن الكريم؟ حفظت القرآن برواية حفص عن عاصم فى العشرين من عمرى، وحصلت على إجازة فى قراءة ورش على يد الشيخ إبراهيم نجم عوف، وكان معى الشيخ أحمد عامر الإعلامى الشهير، وكان يأتى خصيصا من الشرقية إلى العزيزة لأخذ الإجازة، ولم يحصل على الإجازة من بين الطلاب إلا العبد لله والشيخ أحمد عامر، وتقدمت كقارئ للإذاعة المصرية والتقيت الشيخ محمود خليل الحصرى والشيخ عبد المتعال عرفة وأشادوا بحسن تلاوتى لكنى لم أوفق فى القبول كصوت إذاعى. ارتبط اسمك باسم أحد أشهر مساجد القرية "مسجد العجمى" فمنذ متى تؤم الناس بالمسجد؟ صليت إماما بمسجد العجمى على مدار 50 سنة، وأحرص على ختم القرآن فى الصلاة كل أربعة أشهر، وكان المسجد فى أول أمره عبارة عن عريشة من الخشب والجبس وسلم خشبى يستخدم للصعود عليه لرفع الأذان، وكان بالمسجد "زربية" (ما يشبه الحفرة الكبيرة) يتوضأ الناس منها ويغتسلون فيها واشتهرت فى الماضى بالبركة، لدرجة أن الأهالى كانوا يعتقدون أنها تشفى الأمراض، ويرسلون مرضاهم للاغتسال فيها ليكتب لهم الشفاء. وفى أثناء حرب 1967 جاء للقرية عمال بناء ممن هجروا بورسعيد وهم من قاموا بعمليات بناء المسجد وأصبح على هيئته الجديدة الحالية، وكان فى بدايته خاليا من المصلين وكنت أرفع الأذان وأنتظر طويلا حتى يأتى من يصلى معى، لكنه الآن ما شاء الله عامر بأهله ورواده. كم تختم من القرآن؟ القرآن يشغلنى فى يقظتى ونومى، أختم القرآن مرتين فى الأسبوع وأحيانا ثلاثة، وهذا القرآن أنقذنى من مواقف سيئة كثيرة، وعصمنى ببركة الانشغال به. تخرج على يديك أجيال ممن تعلموا القرآن فى مقرأة المسجد.. متى بدأت هذه المقرأة؟ هذه المقرأة من أعظم آثار المسجد، وهى لتعلم القراءة والتجويد بأسلوب محبب وميسر، ولاقت قبولا عند الأهالى وخاصة الشباب المتعطش للقرآن، وبداية هذه المقرأة كانت من صنع الله فلم تكن من ترتيبى، حيث كنت أقرأ وردى القرآنى عادة بالمسجد بين المغرب والعشاء حتى جاء من يطلب أن يقرأ معى فرحبت وزاد الناس حولى فكانت مقرأة استمرت قرابة الخمسين عاما دون انقطاع بفضل الله، ومن الغريب أن أمن الدولة هددنى بالاعتقال لإلغاء هذه المقرأة، فرفضت وتعجبت من هذا الطلب، لماذا يريدون إلغاء مقرأة تعلم القرآن! هل فى هذه خطر على الدولة؟!. وكيف ترى الوضع بعد ما تغيرت الأيام وسقط أمن الدولة وصعد الإخوان للسلطة؟ عرفت الإخوان وأنا صغير، ثم رأيتهم وأنا كبير ووجدت فيهم حسن الأخلاق والوفاء والصدق والاحترام، وكان الدكتور محمد عامر رحمه الله يرسل لى سيارة لأصلى إماما فى مسجد الدعوة بالمنزلة، والحاج فؤاد الهجرسى حينما كان يعمل بالتدريس فى القرية كان دائم الصلة وشرفنى فى منزلى. ما حدث للإخوان مثل ما حدث للأنبياء فى القرآن، بعد ما كذبوهم وسجنوهم وآذوهم، أهلك الله الظالمين، ويقينى أن الله سينصر هذا الرئيس لأن الله هو الذى صنع الثورة وأجرى سننه كما ذكر فى القرآن. هل أنت متفائل رغم المشكلات التى تواجه الرئيس؟ طبعا، مستبشرٌ خيرا، اللى بيحصل دلوقتى هو قصة من قصص القرآن، وربنا لا يغلبه غالب وأمره نافذ لا محالة، والمؤامرة اللى كانت عند قصر الاتحادية كنت أبكى وأنا أتابعها وعندى يقين أن الله سينصر مصر ويحفظها. بعد هذه العقود التى عشتها فى رحاب القرآن، ماذا تتمنى؟ دعائى أن يختم الله لى بالخير، ووصيتى بعد موتى أن يصلى على الجنازة فى مسجد العجمى ويضعونى فى القبلة، ويكفينى من الدنيا معرفة الناس الطيبين، وأتعشم فى الله الخير.