هناك فارق بين أن يعارض البعض النظام الحاكم وأن يعارض الوطن ذاته ويسعى إلى هدم الأسس والأركان التى توافق عليها الجميع مثل كل الشعوب المتحضرة فى العالم من أجل الوصول إلى الحكم. أقول ذلك وقد تابعت باهتمام كبير الحوار الرائع الذى أجراه عمرو الليثى على قناة "المحور" مع الشيخ حازم أبو إسماعيل يوم الاثنين الماضى. أبو إسماعيل أكد معارضته للسياسة التى يتبعها الرئيس مرسى وحزبه الحرية والعدالة فى عدد من الملفات، سواء كانت سياسية أم اقتصادية، إلا أن الرجل يدرك الفارق بين معارضة الحزب الحاكم وبين معارضة الوطن ذاته وهدم مقوماته من أجل الوصول للحكم. وكم كان أبو إسماعيل واضحا فى اتهامه الصريح ل"جبهة الإنقاذ!"، وانتقد بشدة ممارساتهم التى تجاوزت حدود السياسة لتشكل سلوكا جنائيا يستوجب العقاب فى مواقف متعددة؛ أهمها حصار قصر الاتحادية، وحرق مقرات الإخوان وحزب الحرية والعدالة. من جانبى، قارنتُ بين موقف الرجل وموقف القوى والأحزاب العلمانية وخرجت بنقاط عدة: أولها: أن "أبو إسماعيل" وجبهة الإنقاذ كلاهما معارض للرئيس. ثانيا: الرجل يؤكد معارضته، ولكنه يوضح أنها ليست معارضة على طول الخط، كما تفعل المعارضة العلمانية، مشددا على أنه لا يجوز الخلاف بشأن شرعية الرئيس المنتخب من الشعب بحرية ونزاهة، وأن إسقاط الرئيس المنتخب بإرادة الناخبين الحرة لا يمكن أن تكون بالعنف والمظاهرات والدعوات المتكررة للتظاهر هنا وهناك، ولكن إسقاط أى نظام منتخب لا يكون إلا عبر صناديق الاقتراع بعد انتهاء مدة ولاية الرئيس أو الحزب الحاكم، وذلك بعكس جبهة الإنقاذ "الليبرالية واليسارية!". ثالثا: كان أبو إسماعيل واضحا فى التمييز بين حرية التعبير وحرية الافتراء والكذب، مؤكدا أنه مع حرية الرأى والتعبير إلى أبعد مدى، ولكنه لا يسمح بالتدليس والكذب والافتراء على الناس لمجرد الخصومة السياسية. الرجل يميّز بين أصول العملية السياسية التى توافق عليها الجميع من خلال الاحتكام إلى الشعب عبر آلية الانتخابات الحرة النزيهة، التى تضمن تكافؤ الفرص للجميع فى التنافس السياسى للوصول إلى الحكم وبين فروعها التى تسمح بالاختلاف وتعدد الرؤى والاجتهادات بشأن كل المواقف والقرارات. خرجت من الحوار بفارق كبير بين المعارضة الإسلامية والمعارضة العلمانية.. الإسلاميون حضاريون سلميون يسهمون فى البناء لا الهدم، ويقدمون الانتماء إلى الوطن قبل كل شىء، ولا يعارضون من أجل المعارضة، كما كان أبو إسماعيل فى حواره معارضا موضوعيا، وكان رأيه واضحا بشأن القضايا التى يختلف فيها مع الرئيس وحزبه الحاكم، ويسعى لتغييرها بالطرق السلمية والديمقراطية. أما غالبية المعارضة العلمانية فشىء آخر.. عنف، سب، حرق مقرات، قتل المخالفين فى الرأى والموقف، إضافة إلى أن إعلامهم محترف فى نشر أكاذيب وافتراءات بحق خصومهم السياسيين. من جانب، أتمنى أن يتعلم العلمانيون وجبهة الإنقاذ أصول الانتماء والديمقراطية من الشيخ السلفى حازم أبو إسماعيل وأبو الفتوح وعمرو خالد؛ فهؤلاء جميعا معارضون للرئيس، ولكنهم ليسوا معارضين للوطن. ---------- عبد الحكيم بحيرى [email protected]