كشف د. أحمد النجار -عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية العدالة- أن الحزب سيطرح مشروع قانون الصكوك الإسلامية على مجلس الشورى خلال أسبوع من الآن، من أجل مناقشته وإقراره، مشيرا إلى أن المشروع يركز على ما يسمى بفلسفة القانون، من خلال تناول توجيه هذه الصكوك لتمويل المشروعات التابعة للحكومة أو الوحدات المحلية، وكذلك المشروعات التابعة للقطاع الخاص؛ لتوفير سيولة وضخ أموال جديدة تساعد على تمويل مشروعات القطاع العام أو إعادة هيكلته. وأضاف النجار، فى حواره مع "الحرية والعدالة"، أن الصكوك الإسلامية أحد أهم أدوات التمويل الاقتصادية التى اعتمدت عليها دول العالم الأجنبية قبل الإسلامية فى تمويل العديد من المشروعات الاستثمارية الكبرى، ورغم ذلك فإن نصيب مصر من الصكوك الإسلامية منذ بدء العمل بها فى عام 2001 حتى عام 2012 كان "صفرا"، فى الوقت الذى تجاوز فيه حجم التمويل العالمى من الصكوك الإسلامية خلال هذه الفترة أكثر من 600 مليار دولار، لافتا إلى أن السوق المصرية بكر فى هذا المجال؛ لأن الاقتصاد فى ظل النظام البائد كان قائما على "الاقتصاد الريعى" من حيث تجارة الأراضى والعقارات فى معظمه، مع إهمال "الاقتصاد الحقيقى" القائم على المشروعات الصناعية والخدمية ذات الجدوى الاقتصادية الكبيرة. ويتوقع النجار أن يسهم طرح الصكوك خلال الفترة المقبلة فى دفع عجلة النمو الاقتصادى وزيادة المشروعات الاستثمارية والصناعية من خلال جذب استثمارات أجنبية كبيرة، فى ظل تأكيد غالبية دول العالم والمؤسسات الاقتصادية الكبرى على رغبتها الاستثمار فى مصر.. وإلى تفاصيل الحوار.. فى البداية.. ما ملامح مشروع قانون حزب الحرية والعدالة للصكوك الإسلامية؟ مشروع قانون الصكوك "الإسلامية" الذى أعده حزب الحرية والعدالة تم التوافق عليه مع كل من حزب النور والجمعية المصرية للتمويل الإسلامى، وتقوم ملامحه فى الأساس على ما يسمى بفلسفة القانون من خلال طرح الصكوك لتمويل مشروعات اقتصادية واستثمارية تابعة للحكومة وشركات القطاع العام والوحدات المحلية من خلال توفير سيولة تساعد على تنمية القطاع العام، وإعادة هيكلته بشكل يعود على الاقتصاد القومى، وبالتالى ينعكس ذلك على الدخل الشهرى للعاملين بهذه المؤسسات، كل ذلك إضافة إلى أن مشروع القانون سيتيح للقطاع الخاص إمكانية طرح الصكوك، بغرض الاستفادة منها فى عمليات تمويل مشروعات استثمارية تابعة لها، وكذلك تمويل القطاعات الصناعية العاملة داخل مصر. ما أسباب رفضكم مشروع قانون الصكوك الذى طرحته وزارة المالية وقت تولى د. ممتاز السعيد الوزارة؟ "المالية" كان تركيزها فى توجهها لطرح الصكوك خلال التوقيت الراهن هو تمويل عجز الموازنة العامة للدولة، التى قدرت بحدود ال200 مليار جنيه، وهو من باب "الحاجة أم الاختراع"، لتقوم وزارة المالية بالاستعانة ب"سيتى بنك" العالمى وعدد من البنوك العالمية التى تمتلك خبرة فى هذا الأمر لصياغة مشروع قانون للصكوك الإسلامية. وأرسلت إلى حزب الحرية والعدالة نسخة من مشروع القانون للاطلاع عليه؛ ولكننا قمنا بالرد على ذلك بأن مشروع القانون معيب، وبه العديد من الأخطاء الاقتصادية الفادحة، التى تقوم على عملية تصكيك الموجودات من خلال قيام وزارة المالية ببيع أحد الأصول التابعة للدولة بغرض تمويل عجز الموازنة، ثم عودة الدولة بعد ذلك بعملية شراء هذا الأصل، وهو ما يعرف بعملية "التوريق"، وهى إحدى الأدوات المالية التى عليها كلام شرعى كبير، كما أن المشروع لم يكن يتسق مع أفكار الصكوك الإسلامية التى تقوم غالبية دول العالم بطرحها لتمويل مشروعات دعم الدولة. وكان هناك خلاف آخر جوهرى فى مشروع وزارة المالية للصكوك الإسلامية، وهو أن الوزارة تركز فى مشروعها على الصكوك الحكومية فقط، أو ما يعرف بالصكوك السيادية، وأن يكون هناك قانون آخر للشركات، وهو ما اعترض عليه حزب الحرية والعدالة؛ حيث إن كل دول العالم تطرح قانونا موحدا تتعامل به الحكومة وتتعامل به شركات القطاع الخاص. لكن قيل إنكم اتفقتم على النقاط الخلافية فى مشروع قانون وزارة المالية قبل طرحه على مجلس الوزراء، ما ردكم؟ هذا لم يحدث على الإطلاق، ففى 7 نوفمبر 2012 اجتمعت بنا وزارة المالية فى اجتماع مطول استمر لأكثر من 10 ساعات، ناقشنا فيها مشروع القانون الذى تطرحه وزارة المالية، وتم التوفيق بين مشروع المالية والمشروع الذى قدمه العلامة حسين حامد حسن، وهو أحد أبرز الخبراء العالميين فى هذا المجال، من خلال تعديل بعض النقاط الخلافية؛ بحيث يؤتى المشروع ثماره على الاقتصاد المصرى، ولا يخالف القواعد الشرعية، وهو ما خالفته وزارة المالية، ففى 20 ديسمبر 2012 فوجئنا بطرح المشروع المعيب على مجلس الوزراء لاعتماده دون وجود التعديلات المتفق عليها؛ وهو ما جعل الحزب يصدر بيانا فى اليوم نفسه بأن المشروع الذى طرحته وزارة المالية لا يمت للحزب بأى صلة، وهو ما صدق عليه مجمع البحوث الإسلامية من تأكيد أن مشروع وزارة المالية غير مطابق للشريعة الإسلامية. وماذا عن آلية تنفيذ هذه الصكوك الإسلامية؟ آلية تنفيذ مشروع الصكوك يكون من خلال ثلاث نقاط رئيسية هى إقرار القانون، وإقرار اللائحة التنفيذية الخاصة بتطبيقه، وتجهيز دراسات الجدوى التى من خلالها سيتم تمويل الصكوك لهذه المشروعات عبر هياكل الصكوك المعتادة والمتبعة فى غالبية دول العالم. وما النقاط الرئيسية لضمان نجاح هذا المشروع؟ هناك أربع نقاط رئيسية لضمان نجاح الصكوك الإسلامية فى مصر حتى تحقق العائد المرجو منها على الاقتصاد، أولا: وجود إطار تشريعى ينظم كل الجوانب المتعلقة بالمشروع، ثانيا: الالتزام بالإطار الشرعى فيما يتعلق بجميع الإصدارات التى ستنطلق من مشروع الصكوك بعد مرحلة إقرار القانون وعدم إصدار أى صك يخالف الشريعة الإسلامية، ثالثا: التسويق الجديد للصكوك من خلال دراسات الجدوى الجيدة التى ستطرح، رابعا: الدور الإعلامى الذى من المفترض أن يقوم بالدور التثقيفى فى عملية توعية الشارع المصرى بأهمية هذه الصكوك والفارق بينها وبين الصكوك الشعبية التى أصدرها محمود محيى الدين وزير الاستثمار السابق. متى سيرى مشروع الصكوك الإسلامية النور؟ قمنا برفع مشروع حزب الحرية والعدالة إلى اللجنة الاقتصادية بمجلس الشورى، بالإضافة إلى تقديم مشروع العلامة الدكتور حسين حامد للشورى، ونحن الآن نقوم على التوفيق بين المشروعين؛ للوصول إلى أفضل صيغة لمشروع قانون الصكوك، ومن المقرر أن يطرحه "الحرية والعدالة" على مجلس الشورى خلال أسبوع من الآن للقيام بالدور التشريعى؛ ليقوم المجلس بعمل حوار مجتمعى للاستفادة من هذه الأداة الاقتصادية المهمة التى استفادت منها العديد من دول العالم الكبرى. وماذا عن التجارب العالمية الناجحة التى جعلتكم تقبلون على هذه الأداة الجديدة؟ الكثير من دول العالم استفاد من الصكوك الإسلامية، وتأتى ماليزيا فى المقدمة من خلال إصدارها نحو 65% من الصكوك فى العالم، حيث تم إقامة من 30 إلى 40 من الطرق العامة بماليزيا من خلال الصكوك بجانب تمويل إقامة المطارات والمدارس والهيئات الحكومية. وتأتى الإمارات فى المرتبة الثانية، خاصة إمارة دبى، التى تقوم بشكل كبير على إقامة البنية التحتية لهذه المدينة العالمية من خلال الصكوك الإسلامية. وهناك أيضا قانون للصكوك فى بريطانيا، وقانون آخر فى ألمانيا والولايات المتحدةالأمريكية، كما يبحث البرلمان الفرنسى قانونا لتطبيق الصكوك الإسلامية؛ حيث تقوم مجموعة من كبار المهنيين والمتخصصين بوضع ملامح المشروع التى تهدف فرنسا من خلاله إلى تمويل العديد من المشروعات الحيوية الاستثمارية، إضافة إلى أن هناك قانونا للصكوك الإسلامية بالأردن وسلطنة عمان، وتقوم تونس الآن بطرح مشروع لطرح الصكوك الإسلامية. وقد اطلعت اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة على كل هذه القوانين للوصول إلى أفضل صيغة، حتى تبدأ مصر فى تطبيق المشروع الجديد من حيث انتهى الآخرون لا من حيث بدءوا. ولك أن تعلم أن العالم استفاد من طرح الصكوك الإسلامية من خلال إصدار صكوك بقيمة بلغت نحو 133 مليار دولار خلال العام الماضى 2012، كان نصيب مصر منها صفرا، فى حين كان نصيب الإمارات وحدها نحو 26 مليار دولار، وبلغت قيمة الصكوك الإسلامية خلال السنوات العشر الماضية أكثر من 600 مليار دولار. ما توقعاتك لتقبل دول العالم والمستثمرين الأجانب للاستثمار بهذه الصكوك فى مصر؟ حينما قمنا بطرح فكرة إصدار مصر للصكوك الإسلامية على المؤسسات والبنوك العالمية أبدت تشجيعها الشديد لهذه الفكرة، وأكدت رغبتها فى الاستثمار بمصر خلال المرحلة المقبلة من خلال هذه الأداة التى تعد جانبا استثماريا مضمونا، وهو ما كان يستلزم جانبا تشريعيا لخروج مشروع قانون الصكوك الإسلامية إلى النور فى أقرب وقت. ونحن نتوقع أن تجذب هذه الأداة الجديدة استثمارات أجنبية وعربية تقدر ما بين 10 إلى 15 مليار دولار سنويا، وهو ما يسهم فى انتعاشة اقتصادية حقيقية خلال الفترة المقبلة. هل عرضتم مشروعكم على الأزهر للتأكد من كونه مطابقا للشريعة الإسلامية؟ أعتقد أن المواءمة ستكون عند الوصول إلى الصيغة شبه النهائية التى ستجرى داخل مجلس الشورى، الذى سيقوم بدوره بطرح المشروع للمناقشات الاجتماعية، وسيدلى الأزهر برأيه فى هذا الشأن، وهو ما يمكن أن يصدر عنه حذف أو إضافة لمشروع القانون، لكننا طلبنا من مجمع البحوث والفتوى بطرح أسباب رفضه لمشروع وزارة المالية؛ للتأكد من تلاشيه بمشروع القانون الذى يطرحه حزب الحرية والعدالة. هل طرح الحزب الصكوك جاء بديلا لأدوات المالية الائتمانية التقليدية؟ هذا ليس صحيحا؛ حيث إننا نطرح هذه الأداة الجديدة، وهى الصكوك الإسلامية لتكون بجانب الأدوات التقليدية؛ للاستفادة من النتائج الإيجابية التى يحققها المشروع. ليس من الطبيعى أن نترك إحدى أهم الأدوات العالمية التى استفادت منها غالبية دول العالم، وللعلم فإن نصيب مصر من الصكوك الإسلامية منذ بدء العمل بها فى عام 2001 حتى عام 2012 كان "صفرا"، فى الوقت الذى تجاوز فيه حجم التمويل العالمى من الصكوك الإسلامية خلال العام الماضى 2012 أكثر من 133 مليار دولار، مشيرا إلى أن السوق المصرية بكر فى هذا المجال؛ لأن الاقتصاد فى ظل النظام السابق كان قائما على "الاقتصاد الريعي" من حيث تجارة الأراضى والعقارات فى معظمه مع إهمال "الاقتصاد الحقيقى" القائم على المشروعات الصناعية والخدمية ذات الجدوى الاقتصادية الكبيرة. هل طرح الصكوك سيكون عبر البنوك الإسلامية فقط أم أنه سيتاح لجميع البنوك؟ نحن فى حزب الحرية والعدالة لدينا تصور سنطرحه فى مجلس الشعب، ولن نفرضه على أحد، وعلى الجميع أن يقدم مقترحه، ويقوم هذا المقترح على أن يقتصر طرح الصكوك من خلال البنوك الإسلامية، حتى يصبح الأمر متسقا مع ذاته، وأن تكتمل منظومة العمل المطبق لنفس أدوات طرح الصكوك. البعض يتهم حزب الحرية والعدالة بأنه يطرح الأداة الجديدة بغرض الخصخصة، ما ردكم على ذلك؟ هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق؛ حيث يتجه القانون إلى "العمعمة" إذا صح هذا التعبير، بأن تقوم الدولة بطرح مشروعات البنية التحتية مثل المدارس للقطاع الخاص، وأن تقوم على بنائها بأحدث الوسائل، على أن تؤجرها للحكومة لفترة معينة؛ لتقوم الدولة بعد ذلك بشراء هذه الأصول، وهو ما يعنى زيادة الأصول الرأسمالية للدولة لا الخصخصة، هذه اتهامات من لا يريد لمصر أن تتقدم خلال الفترة المقبلة. ما حقيقة أن مشروع الحزب يطرح الصكوك للمصريين وغير المصريين؟ بداية، هناك بند فى مشروع حزب الحرية والعدالة يؤكد أنه لا يجوز بيع الصكوك التى تمثل المناطق الحساسة والحيوية لغير المصريين، وهو ما يمكن أن يحدد بشكل أكثر تفصيلا فى اللائحة التنفيذية للمشروع، وأن الحزب يقدر كل التخوفات التى يطلقها البعض، وأن المشروع قد وضع هذه التخوفات فى الحسبان، فى حين نرفض رؤية البعض فى عدم أحقية الأجانب فى الصكوك داخل مصر، فهذا أمر غير منطقى فى ظل سعى مصر لجذب استثمارات أجنبية لدعم الاقتصاد الوطنى، وما العيب فى أن يقوم مستثمر أجنبى بشراء صكوك فى أحد مشروعات القطاع الخاص؟ هل الصكوك الإسلامية أداة مضمونة الربحية أم أنها عالية المخاطر مثل الأدوات التقليدية؟ لأن الصكوك هى إحدى الأدوات الإسلامية، فهى تشترط أن تكون دراسات الجدوى المقدمة للمشروعات هى مشروعات حقيقية وجادة، وتمت الموافقة عليها بعد دراسة شاملة، كما أن معدل المخاطرة بالصكوك الإسلامية أقل بكثير؛ حيث تقدم هذه الصكوك لمشروعات بعينها تخصص لتمويلها، وهو ما يعنى وجود أصول مادية مقابلة لهذه الصكوك، لا كقروض البنوك التقليدية التى يمكن أن يتم توجيهها لأكثر من مشروع. ما المشروعات التى من المفترض أن توجه لها عوائد طرح الصكوك الإسلامية؟ هذا بالتأكيد سيكون بعد عملية إقرار القانون، وستكون مسئولية هيئة الاستثمار ووزارة الاستثمار، لكن لا مانع من أن يتم توجيه هذه الصكوك لتمويل إقامة الطرق ومشروعات البنية التحتية، وكذلك تمويل القطاع الخاص لإقامة مشروعات استثمارية وصناعية كإقامة مصانع للحديد والبتروكيماويات وتوصيل الغاز للمنازل والعديد من المشروعات الحيوية. هناك شركة "سابك" وهى من كبرى الشركات العالمية فى مجال التنقيب عن البترول قامت بطرح صكوك مؤخرا لتمويل أحد مشروعاتها الاستثمارية. كل ما يهم رجل الشارع هى الخدمات ولقمة العيش، فما العائد عليه من هذا المشروع؟ رجل الشارع هو المستفيد الأول من طرح هذه الصكوك؛ حيث ستتمكن الدولة من تمويل إقامة الطرق العامة فى ظل عدم قدرتها الحالية بسبب ارتفاع عجز الموازنة العامة، كما أن هذه الصكوك ستوفر السيولة للدولة لإقامة المدارس بتوسع أكبر؛ وهو ما يتيح تقليل الكثافة الطلابية داخل المدارس، كذلك فإن طرح هذه الصكوك سيتيح إقامة العديد من المشروعات الاستثمارية والصناعية؛ وهو ما يوفر جانبا كبيرا من فرص العمل للشباب وحديثى التخرج، فضلا عن رفع كفاءة المؤسسات والهيئات الحكومية؛ وهو ما سيعود على الدخل الشهرى للعاملين بهذه المؤسسات. كيف للمواطن العادى أن يسهم فى شراء الصكوك؟ سيكون ذلك من خلال ما تطرحه وزارة المالية، أو من خلال إحدى شركات القطاع الخاص، ليصبح صاحب الصك مساهما فى شركة الصكوك التى تقوم بتمويل هذا المشروع. وما كيفية حساب العائد على هذه الصكوك؟ يحسب العائد على هذه الصكوك من خلال أى من صيغ التمويل التى تتبع فى عملية طرح الصكوك، سواء كانت صيغ المرابحة أو أيا من الصيغ الإسلامية الأخرى، وهى بالتالى ستكون متغيرة حسب قيمة الصك.