وقفوا جمعيا حاملين صورة الأب والزوج والأخ الحنون الطيب الرقيق المحبوب من الجميع –على حسب وصفهم- مرددين هتافات بصوتهن النسائى الضعيف ودموعهن التى تنهمر من وقت لآخر على غياب لا يعرفن سببه، واعتقال بلا اتهام من قِبل الأمن فى دولة الإمارات. إنها أسرة الإعلامى والكاتب الصحفى د. أحمد جعفر، 54 عاما، الذى تم اعتقاله يوم 14 ديسمبر الماضى لأسباب غير معلومة، فكل ما يعرفونه أنه تم استدعاؤه لإجراء تحقيق روتينى فى جهاز الأمن الإماراتى قبل أن تختفى أخباره. "الحرية والعدالة".. حاورت أسرة أحمد جعفر، زوجته "منال عطا الجندى"، وشقيقته "نجوى جعفر، "وابنتاه "نور الطالبة بكلية الهندسة"، و"مريم الطالبة بكلية الآداب قسم صحافة وإعلام"، فى محاولة لمعرفة كواليس قصة الاعتقال والاختفاء، وتفاصيل تحرك نقابة الصحفيين لحل الأزمة. مزيد من التفاصيل فى نص الحوار التالى: * فى البداية.. نود أن نعلم منكم تفاصيل اعتقال د. أحمد جعفر؟ الزوجة: تلقيت من زوجى اتصالا هاتفيا يوم 14 ديسمبر الماضى فى الساعة الثالثة عصرا أخبرنى فيه بأن الشرطة طلبت منه إجراء تحقيق روتينى معه فى الفندق المقابل للمنزل الذى يقطن به، وكان القلق مسيطرا عليه، حيث قال لى: "لو ما رجعتش واتصلت بكم.. اعرفوا أنه تم القبض علىّ". وبالفعل لم يتصل، بعدها علمت من سكرتيره الذى يسكن معه فى المنزل أن زوجى مريض ويتعرض لارتفاع مفاجئ فى الضغط، وقد أصيب بجلطة سابقا، وأنه توجه للمنزل ساعة أذان العشاء فى الإمارات، وحينما قام بالدخول للشقة فوجئ بوجود زوجى ومعه عدد كبير من قوات الشرطة. * تقولين إن زوجك كانت تسيطر عليه حالة من القلق.. فهل كان متوقعا أمر اعتقاله؟ الزوجة: هو بالفعل كان قلقا، ومتوقعا أن الأمر سيحدث؛ لأنه كان يعلم أن هناك حملة اعتقالات تتم لمن حوله من المصريين العاملين فى الإمارات، وكان يسمع بها، وحينما تم استدعاؤه بدأ الشك يتسلل له. * هل تم استدعاؤه من قبل؟ الزوجة: بالفعل تم طلبه أكثر من مرة، وذلك لطبيعة عمله؛ لأنه من خلال مركز العناصر السبعة للتدريب الإعلامى، وهو مركز للتدريب والتأهيل الإعلامى، كان يقوم بتدريب وتأهيل عناصر من أفراد الشرطة، فكان يتم مخاطبته ببعض الأمور الخاصة والمتعلقة جميعها بالعمل. * حينما علمتم بالأمر من السكرتير.. كيف استقبلتم ذلك الخبر؟ الزوجة: قمنا بالتوجه لنقابة الصحفيين وأخبرناهم بالأمر، ولم يكونوا يعلمون به إلا منا، وطلبت النقابة من ابنتى مريم كتابة مذكرة بما حدث. الابنة نور: كان وقْع الخبر علينا صدمة كبيرة، وحتى الآن أنا أتساءل: ما السبب وراء اعتقال والدى؟، وانتظرت أن يكون احتجازه ليوم أو اثنين وأن يخرج على الفور، فوالدى رجل محبوب، يحبه كل مَن حوله، ويعمل فى الإمارات منذ عام 1990، والكل يشهد له ويقدره، وكل ما أتمناه أن أطمئن على والدى، وأن نعلم فقط فيما يحقق معه ولِمَ يتم احتجازه! * وما الإجراء الذى اتخذته نقابة الصحفيين بعد تقديم المذكرة؟ الابنة مريم: بدايةً أنا أحب أن أوجه الشكر الجزيل لنقابة الصحفيين؛ لأننا منذ أن ذهبنا إلى هناك قاموا بتشكيل غرفة عمليات، وتواصلوا معنا هاتفيا، خاصة هشام يونس عضو مجلس النقابة، الذى قام بإرسال خطاب للسفارة، وقال له مسئول العلاقات الخارجية هناك: إنه خلال أيام سيتم الرد عليهم. وتواصل معنا أيضا من النقابة كارم محمود سكرتير عام النقابة، وكذلك قطب العربى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة بشكل شخصى، وكذلك لجنة الحريات بالنقابة التى قامت بتنظيم الوقفة الاحتجاجية أمام سفارة الإمارات للتصعيد، وللتنديد بما حدث.. لكن للأسف السفارة هناك فى حالة تباطؤ غريب لا ترد علينا. * هل توصلتم لسبب اعتقال د. جعفر؟ نور: اعتقال والدى مثَّل لنا صدمة، فهو رجل قضى أكثر من 20 عاما فى الإمارات وعمل بها، ولم يكن يوما مثيرا للمشاكل، على العكس، فإن والدى رجل حنون محبوب من الجميع. الابنة مريم: لا نعلم ما السبب وراء اعتقال والدى، لقد عرفنا قيمته وقدره فى تلك الأزمة التى نمر بها، فبمجرد معرفة أمر اعتقاله تلقينا اتصالات هاتفية من الإمارات من شخصيات إماراتية عمل والدى معهم رأينا من خلال كلامهم وقلقهم على والدنا أن والدى رجل عظيم جليل أحبه كل من حوله. الزوجة: لقد عمل زوجى فى صحيفة "الاتحاد الإماراتية"، وهى صحيفة حكومية لم يكن ليعمل بها طيلة هذه السنين لو كان رجلا مثيرا للمشاكل، وترك فيما بعد العمل بصحيفة "الاتحاد"، وأسس شركة "العناصر السبعة للتدريب الإعلامى" وهو مركز للتدريب والتأهيل الإعلامى بمن فيهم ضباط الشرطة، ويعمل هناك منذ أكثر من 20 عاما ومعروف لكل الأوساط بدبى منذ زمن بعيد، فنحن مَن نتساءل: ما سبب اعتقال زوجى؟! * متى كانت آخر زيارة لجعفر إلى القاهرة؟ الزوجة: لم يزر القاهرة منذ زيارته الأخيرة لوالدته المريضة، وأصيب وقتها بجلطة. * وهل تعلم والدته المريضة بأمر اعتقاله؟ شقيقته "نجوى جعفر": والدتى دائمة السؤال على شقيقى؛ لأنه اعتاد أن يتصل بها باستمرار للاطمئنان عليها وعلى صحتها، ومنذ اعتقاله لم تتلق منه اتصالا هاتفيا واحدا، الأمر الذى يجعلها تسأل عنه بقلق، لكننا نخشى أن نخبرها بما حدث لمرضها.