سياسيون: أحداث العنف ب"محمد محمود" عبث بأمن البلاد عزب: البعض يصفّى حسابات سياسية باستخدام العنف والبلطجة عبد السلام: رجال أعمال فاسدون يخططون للفوضى سامية خليل وطه العيسوى قال عدد من السياسيين إن أحداث العنف التى وقعت فى أثناء الاحتفال بذكرى "شارع محمد محمود" لا تمتّ بأية صلة من قريب أو بعيد بالاحتفال بأية مناسبة تخص ثورة 25 يناير السلمية، فقد قام مشاركون بأعمال عنف واعتداء على بعض المنشآت العامة والخاصة، مشيرين إلى أن المتورطين فى الأحداث يحاولون العبث بأمن البلاد. وشدّد هؤلاء السياسيون فى تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة" على أننا "لسنا بحاجة لمزيد من العنف والتعطيل، لتخطى التحديات التى تواجهنا وعلى رأسها قضية الدستور وإجراء الانتخابات المقبلة، وذلك حتى يتعافى الاقتصاد ونجذب المستثمرين العرب والأجانب، ولنتفادى أى اضطرابات قد تحدث". فمن جانبه قال عزب مصطفى- عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة-: "إننا لا نصادر على أى حق فى التظاهر والاحتجاج بشرط أن يكون هذا فى إطار القانون ولا يخرج عن نطاق السلمية، لتفادى حدوث أية خسائر بالدولة ولعدم تعطيل مسيرة العمل والإنتاج، خاصة أن أى اعتداء على المنشآت العامة والخاصة مجرَّم قانونيا ودستوريا". وأضاف مصطفى: "للأسف الأحداث التى وقعت فى ذكرى الاحتفال ب"محمد محمود" أدْمَت قلوب الجميع ويندى لها الجبين، فليس من العقل أو المنطق أن يحدث اعتداء سافر على رجال الشرطة ومقارّ بعض المنشآت العامة وأخرى خاصة بحزب الحرية والعدالة، وهو الأمر الذى استنكره الجميع، لأننا لسنا فى حاجة إلى مزيد من العنف والتعطيل، فنحن بحاجة ماسة للهدوء وإنجاز القضايا الوطنية، لنتفادى أى اضطرابات قد تحدث". وحول هجوم بعض المتظاهرين على جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة خلال تظاهراتهم الأخيرة، قال: "المؤسف أنه فى أذهان هؤلاء أن الإخوان لم يقفوا بجوار متظاهرى محمد محمود سابقا، ولم يشاركوهم فى تظاهراتهم، وهذا أمر غير معقول وغير واضح". وطالب عزب بتطبيق القانون بكل قوة خاصة فى ظل الظروف التى تمر بها الدولة، لافتا إلى أننا لسنا بحاجة لأى إجراءات استثنائية، ومنوها بأنه ليس من المسموح أن نشل حركة الدولة بسبب تصرفات أعداد قليلة من الأشخاص. بدوره قال الدكتور نصر الدين عبد السلام- رئيس حزب البناء والتنمية-: إن أحداث العنف التى وقعت فى أثناء الاحتفال بذكرى "محمد محمود" هى محاولة عبث وإشاعة للفوضى بالبلاد، مشيرا إلى أن وراءها بعض رجال الأعمال الفاسدين، ومن هم محسوبون على النظام البائد، من أجل تأزيم الأوضاع بالدولة وإظهار الرئيس عاجزا، وأنه ليس بمقدوره فعل شىء، ووضعه فى موقف حرج، وأن هذا المخطط يُنفَّذ، واستغلاله فى كافة الفعاليات المناسبة لذلك لتكريس الفوضى وتصفية الحسابات السياسية على حساب الوطن. وتابع عبد السلام: "هؤلاء يرقصون رقصة الموت، ويلفظون أنفاسهم الأخيرة، ولن يتحقق لهم ما يريدون رغم أنهم يلعبون على وتر الشهداء والمصابين ويخدعون الشعب باسم الثورة، وهذه الأمور لن تستمر كثيرا؛ لأن الشعب المصرى يتمتع بوعى كبير ويفرز الأشخاص على حقيقتهم، خاصة أن العنف الذى حدث مؤخرًا ليس له أية علاقة لا من قريب أو بعيد بالاحتفال بمناسبة تخص ثورة 25 يناير السلمية". وطالب عبد السلام الرئيس والحكومة باتخاذ قرارات حاسمة ورادعة مع من يحاولون هز استقرار البلاد بالفوضى المخططة، على أن يكون ذلك بلا لجوء لإجراءات استثنائية على غرار ما كان يقوم به النظام البائد. من جهته أوضح محمد صلاح الشيخ- أحد مؤسسى حزب الدستور والقيادى بالجمعية الوطنية للتغيير- أن الانجراف لمواجهات لا فائدة منها تغير من الصورة السلمية للثورة وتعطى انطباعا مخالفا لقيمها وتشويها صورتها. وأضاف: "السلمية هى الحل الأول والأخير، فلو لم تكن الثورة سلمية منذ البداية لأعطت الرئيس المخلوع وأجهزته حجة لمقاومتها والقضاء عليها، والسلمية هى المفتاح السحرى لنجاح الثورة، فعلينا الالتزام بها، وكافة الفعاليات التى نادينا بها كانت دون محاولة إحداث عنف". بينما قال المهندس محمد سامى- رئيس حزب الكرامة-: "يجب التعامل مع هذه المواقف بشكل سياسى لا أمنى، لأن هؤلاء المتظاهرين مصريون ولهم مطالب، ويشعرون أنه يجرى تجاهلهم، والمعالجة السياسية تكون دائما بمبادرة من الحاكم صاحب القرار". رفض العنف من جانبهم وصف خبراء سياسيون تصعيد الأحداث فى شارع محمد محمود والقيام بمحاصرة مجلس الشورى ومحاولة اقتحام مقره، حيث تعقد الجمعية التأسيسية لوضع الدستور جلساتها، وإلقاء قنابل المولوتوف عليها، بأنه تطور خطير يعكس عملية منظمة وممنهجة لإشعال الوضع وتلغيمه وتفجيره بهدف إسقاط هيبة الدولة. وقال المحلل السياسى أحمد فودة- مدير مركز النخبة للدراسات بالقاهرة-: إن القوى السياسية الداعية والمشاركة فى إحياء ذكرى أحداث محمد محمود مسئولة عن تطور الأحداث للأسوأ بحصار الجمعية التأسيسية وإلقاء المولوتوف عليها ومحاولة اقتحام مجلس الشورى لتعطيلها. وتابع فودة: "كان بإمكان القوى الداعية لإحياء الذكرى ضمان سلمية الحدث وعدم الصدام مع مؤسسات أمنية تعد ركيزة لحفظ الأمن والاستقرار بالدولة، ومنع المتظاهرين من محاولة اقتحام وزارة الداخلية ومجلس الشورى مما يدل أن هذه الواقعة هى جزء من مخطط شامل لقوى تستهدف إسقاط "التأسيسية" خاصة بعد ثبات صمودها واستمرار مهمتها". وحذّر من القول بوجود طرف ثالث أو بأن هؤلاء لا ينتمون للقوى الداعية للذكرى، لأنها أعذار "ليست مقبولة وغير منطقية"، بل إنها محاولة للخروج من المأزق بعد رفض الشارع لهذه الأحداث المتصاعدة والمتعمدة. من جانبها قالت د. درية شفيق- أستاذة العلوم السياسية بجامعة حلوان-: إن تطور الأحداث وتوجه المتظاهرين من إحياء ذكرى محمد محمود إلى مجلس الشورى واستخدام العنف وإلقاء المولوتوف عليه، يؤكد أن الفلول ما زال لديهم قوة وقبضة كبيرة، فهم يلعبون بشدة ضد الرئيس وضد نظامه السياسى. وطالبت درية شفيق الرئيس محمد مرسى بالضرب بيد من حديد على أعمال الفوضى والتخريب والعنف حتى لا تتسع دائرته، محذرة من احتمال انضمام آخرين لمن يهدد الاستقرار لمنع صدور دستور جديد والأخطر عدم انتخاب مجلس شعب وتدهور الوضع الاقتصادى فتظل تجربة الثورة فاشلة. وحمّلت أستاذة العلوم السياسية، القوى السياسية الداعية للذكرى مسئولية تصعيد الأحداث؛ لأنها حولت مسارها من وزارة الداخلية إلى مجلس الشورى لإرهاب الجمعية التأسيسية بعد تصميم رئيسها المستشار حسام الغريانى على الانتهاء من الدستور فى موعدها المقرر فى 12 ديسمبر. ويرى أحمد خلف الباحث بمركز الحضارة للدراسات السياسية أن دوافع المتظاهرين غير واضحة وعليها علامات استفهام كثيرة، مشيرا إلى وجود أنباء عن تدخلات من شخصيات تدفع باتجاه العنف والتحريض فى الاشتباكات، وأنه لا بد من أن يكون لمؤسسات الدولة الحاكمة والحكومة والداخلية والنيابة العامة دور فى رصد الأحداث ورد سريع وواضح وتدخل لضمان ضبط النفس مع المتظاهرين الحقيقيين، ومنع تدخل الطرف الثالث. ونبه خلف إلى أن المشهد بمحيط محمد محمود والداخلية كان يجب احتواؤه وتأمينه فى حينه؛ لأن المتظاهرين هناك بالفعل كانوا يحيون ذكرى الأحداث، ثم قفز عليهم أطراف تستهدف مآرب ومقاصد أخرى استغلها البعض للتصعيد نحو مجلس الشورى ضد الجمعية التأسيسية. وطالب الباحث السياسى الأجهزة الأمنية والنيابة بسرعة التحقيقات والكشف عن المحرضين الحقيقيين، لافتا إلى أنه يتردد الآن أسماء شخوص بعينها ولا بد من رصدهم وتعقبهم للكشف عن المتظاهر السلمى والمندس. من جانبه قال مدحت ماهر- المدير التنفيذى لمركز الحضارة للدراسات السياسية-: إن المشهد معبر عن الأزمة السياسية التى تعيشها مصر الآن فى ثلاثة ملفات أساسية: الأول تعطيل العدالة الناجزة بخصوص قضايا محمد محمود وبورسعيد والنظام السابق التى لم تحسم، وتأخر ملف التطهير، إضافة إلى الانعكاس السياسى الذى أدى إلى تأزم قطاع بالشارع يجدد المطالبة بالقصاص ويشكك فى أجهزة الدولة الراهنة سواء القضاء أو الإعلام أو الأحزاب أو المؤسسات الجديدة.