إذا كانت الحرب الإسرائيلية الدائرة حاليا على غزة كشفت عن مدى تقدم الأسلحة التى أعدتها المقاومة الفلسطينية تحسبا لمثل هذا اليوم ، فهى أيضا كشفت عن مدى تقدم الفلسطينيين فى تطويع أحدث الوسائل التكنولوجية لنصرة قضيتهم . فمنذ أن بدأ الهجوم على القطاع ، بدأت الكتائب الفلسطينية المختلفة فى إطلاق صفحات إخبارية على مواقع التواصل الإجتماعى ، وخاصة "فيس بوك" تنقل الحدث لحظة بلحظة وتنفرد بفيديوهات وأخبار وصور تنقلها عنهم أشهر الشاشات التليفزيونية فى التغطية الإخبارية مثل أول حوار يجرى مع زوجة الشهيد أحمد الجعبري. كما تهدف هذه الصفحات الإخبارية الإلكترونية لنقل حقيقة ما يحدث فى غزة للعالم أجمع بعدما تأكد تحكم اللوبى الصهيونى فى غالبية وسائل الإعلام العالمية وفيما ينشر بها خاصة بعدما أصرت بعض القنوات الإخبارية العالمية مثل قناة " bbc " على استبدال كلمة "شهيد"ب " قتيل " وكلمة " مقاومة" ب " عناصر مسلحة" ، لذلك حرص الفلسطينيون على أن تقوم صفحاتهم الإخبارية بترجمة الأخبار التى ينشرونها والترويج لها من خلال الإنترنت اللغة الوحيدة الذى أصبح كل العالم يجيدها وبالفعل نجحت هذه الصفحات فى استقطاب ملايين المتابعين. ومن أبرز النتائج الإعلامية التى تسعى هذه الصفحات الإخبارية لتحقيقها ، إنشاء قاموس إعلامى عربى يعبر عن حقيقة الأوضاع فى الأراضى المحتلة ، لذلك يطالبون كل الفضائيات الإخبارية العربية أن يستخدموا كلمة " تل الربيع " بدلا من " تل أبيب" وكلمة " ارتقاء شهيد " بدلا من " مقتل " و" مغتصبات " بدلا من " مستوطنات " و" الكيان الصهيونى " بدلا من " دولة إسرائيل "، لذلك لم يكن من الغريب أبدا أن تستهدف إسرائيل بطائراتها وصواريخها مكاتب الإعلاميين الفلسطينيين تحديدا وتشن عليهم أكثر من هجوم أدى لإصابات بالغة كان أكثرها صعوبة بتر قدم مصور قناة الأقصى الفلسطينية . ومن أبرز هذه الصفحات الإخبارية "غزة الآن" وعنوانها على ال " فيس بوك" هو: http://www.facebook.com/GaZa.nOw.Ps1?ref=stream ، كما يوجد لها حساب على " تويتر" ورمزها الإخبارى "gnn " وما يميزها هو تواصلها الشديد مع كل كتائب المقاومة مما يجعلها تعلن لمشاهديها عن أى صاروخ يتم إطلاقه على المستوطنات فور إطلاقه وتوثق أخبارها بصور إطلاق الصواريخ وتتبع الخبر بمتابعات عن مدى تأثيره والإصابات و الخسائر التى أوقعها ، كما تقوم بدور الوسيط بين المواطنين و المقاومة فقبل كتابة هذه السطور بلحظات نشرت الصفحة تحذير للمواطنين من عدم التجمهر حول أى مبنى تم قصفه لأن إسرائيل تعاود القصف بعد تجمهر الناس لاستهداف أكبر عدد من المدنيين وعدم استخدام الدراجات النارية فى التنقل لأن طائرات الاستطلاع ترصدها بسهولة وتستهدفها . وكان آخر تنبيه نشرته انه على كافة المواطنين فى قطاع غزة بدون استثناء عدم الرد على أى رقم غريب يقوم بالاتصال بهواتفكم سواء كان رقم دولى أو محلى أو صهيونى "اورانج, سيلكوم" بسبب قيام المخابرات الصهيونية بالاتصال عشوائيا على المواطنين. ولمواجهة الحرب النفسية التى تشنها إسرائيل على قاطنى القطاع من خلال الإذاعات المحلية التى تحذر من خلالها المواطنين من التعاون مع عناصر المقاومة ، تقوم الحملة بنشر صور حصرية للمحتلين أثناء اختبائهم فى مواسير مياه الصرف الصحى خوفا من صواريخ المقاومة وتركز كثيرا على نشر الفيديوهات التى تعكس مدى رعب الإسرائيليين وخاصة المجندين الذين يختبئون فى المراحيض العامة عند دوى صافرات الإنذار . ومن أبرز الخدمات الإعلامية التى تميز هذه الحملة ، أنها تقوم بعمل ترجمة فورية لكل وسائل إعلام العدو لفهم ما يدور برؤوسهم وما يخططون له وتنسب تلك الأخبار المترجمة لمصادرها العبرية مما حقق لها مصداقية كبيرة بين رواد الإنترنت . رسالة ومن أكبر الحملات الإخبارية الإلكترونية حملة "الرسالة دوت نت" والتى أطلقتها مؤسسة الرسالة الفلسطينية لحمل الهم الوطنى الإسلامى واطلاع كل العالم على الحقائق المرعبة التى تشهدها الأراضى المحتلة وعنوانها على الفيس بوك : ttp://www.facebook.com/alresalahNet ، وأهم ما يميز الصفحة أن لها مراسلين منتشرين فى كل ربوع القطاع بل وفى كل الأراضى المحتلة ينقلون من قلب الحدث الاشتباكات التى وقعت فى باقى المدن المحتلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لدعم القطاع ، كما تغطى الحملة بدقة بالغة كل المستشفيات التى تستقبل المصابين والشهداء وتنشر أسماءهم الكاملة وحالات المصابين بالتفصيل وما ينقصهم من دواء لتوفيره. وانفردت الحملة بنشر تصريحات وزير الجبهة الداخلية الإسرائيلية "آفى ديختر" والتى قال فيها :" نحن فى خضم هجوم على عمق الدولة لم يسبق له مثيل ، قبل أى مفاوضات نحن بحاجة إلى إيقاف الصواريخ"، كما انفردت أيضا بنشر صور ضحايا وحطام منزل عائلة " الدلو " التى ارتكب فيه الكيان الصهيونى مجزرة من أبشع ما يكون ، ووسط كل هذه الأخبار الدامية تحرص الحملة الإخبارية على عرض فواصل وطنية تبث من خلالها أبرز أغنيات التراث الفلسطينى التى تمجد الشهداء وتحض على المقاومة وترفع الروح المعنوية للمناضلين . أول حوار أما أبرز الانفرادات التى حققتها الحملة ونقلتها عنها باقى وسائل الإعلام المرئية والإلكترونية والمقروءة كان الحوار الذى تحدثت فيه لأول مرة زوجة الشهيد أحمد الجعبرى والتى قالت فيه :" من أول أيام الشراكة الزوجية اعتبرت نفسى فى جهاد مع رفيق درب أيقن بحق ماذا يعنى الجهاد فى سبيل الله ، ورغم أنه قضى من العمر 13 عامًا بعيدا عنى بسبب اعتقاله فى سجون الاحتلال إلا أننى أمضيت نفس هذه السنوات كمجاهدة فى بيته ، وبعد تحرره عاودت حمل هم الجهاد معه ، فأخذت استقبل ضيوفه من المجاهدين وكانت لا تغمض لى عين وهم فى بيتى لأننى اعلم جيدًا مدى حب هذا الرجل للجهاد وأهله . كما قالت : من تلقى خبر شهادة هذا القائد الفذ هى ابنته ملاك – 9 سنوات - فقد كنت حينها خارج المنزل بالطبع صدمت الصغيرة لكنها أبية على الانكسار ، فهى ابنة للأب الذى زرع فيها أن الشهادة خير تمناه وأنها آتية بإذن الله ، فأنا لم أجد مثل زوجى متمنيا للشهادة ، أعطاه الله الكريم إياها فى أجمل الأوقات هنيئًا لك يا أبا محمد الشهادة " . أبو محمد الجعبرى أب لإحد عشر ابنًا وابنه – من زوجتين ، قبيل الشهادة حقق ثلاث أمنيات كررها على مسامع كل من حوله حتى أيقنوا أنها جل أمنياته ، تمنى بأن يترك خلفه جيشًا قويًا لا يخاف فى الله لومة لائم فترك من لقن الاحتلال درسًا لم يعهده بعد استشهاده، وتمنى بأن يُفك قيد الأسرى فقاد صفقة الأحرار وفى شعوره عند تحقيق هذا الحلم تقول زوجته : وجدته فرحًا أكثر من يوم عرسنا ، كان سعيدًا لدرجة لا توصف وتمنى أن يؤدى الركن الخامس من أركان الإسلام ، فحج هذا العام وتحققت أمنياته . فى أيام التصعيد الثلاثة الأولى ، طلبت ألا يخرج لأننى كنت خائفة جدا عليه فتبسم ضاحكًا وقال لى :" إذا استشهدت فأنا فى نعمة كبيرة بهذه الشهادة فى هذا الوقت " ، وفعلا استشهد البطل ، وهنا تتذكر أم محمد كيف ودعت زوجها وهى التى تهيأت لهذا اليوم المبارك الصعب ، تقول:" لقد اصطفاه الله – عز وجل – فى لحظة وداعه رأيته يرفع السبابة ويمسك المصحف الصغير بيده ، رأيته يفتح عيناه ويبتسم لى " فى آخر كلمات لها أسمعت أم محمد زوجها جملة "الله يرضى عنك" تلك الجملة التى أحب سماعها دائمًا منها . واختتمت حديثها قائلة : لم يجد المحيطون بهذا الرجل وصية حرص عليها لأبنائه أكثر من "الصلاة" ، يغضبه كثيرًا رؤية أبنائه فى موعد الصلاة فى البيت ، كان يحب أن يرى كل أبنائه يؤدون الصلاة ، يتعلمون القرآن ، هذا الشيء كان يحبه كثيرًا وتسر نفسه إلى انجازات أبنائه فى حفظ وتلاوة القرآن الكريم ". بوابتك للحقيقة ثالث هذه الحملات تحمل عنوان " فلسطين الآن " وشعارها " بوابتك إلى الحقيقة " وتعرف نفسها على الفيس بوك بهذه الكلمات " موقع إخبارى فلسطينى عام ، داعم للمقاومة ورافض للمساومة ، ينتصر لعدالة قضيتنا ، يتناول القضايا السياسية والأحداث اليومية على الساحة الفلسطينية خاصة والعربية والدولية عامة ملتزما فى ذلك الموضوعية والمهنية والدقة والسرعة " . وأهم ما يميز هذا الموقع قيامه بترجمة كل الأخبار التى ينشرها للغة الإنجليزية ، كما يهتم بنشر الصفحات الرسمية لكافة الفصائل الفلسطينية لمنع الناس من متابعة الحسابات المزورة التى أطلقها باسمهم جيش الاحتلال الإسرائيلى على مواقع التواصل ، ومن الإنفرادات التى حققتها الحملة نشر تصريحات للمناضل القائد الأسير مروان البرغوثى التى حث فيها الرئيس الفلسطينى محمود عباس على زيارة غزة فورا ، كما انفردت بتوجيه تحذير مباشر من كتائب القسام لجيش الاحتلال مفاده أن هناك 300 استشهادى واستشهادية يحملون حزاما ناسفا ومستعدون لصد أى هجوم برى قد يجتاح غزة . وتركز الحملة كثيرا على ترجمة الصحف العبرية الإقتصادية تحديدا والتى جاء فيها " البورصات العالمية تتأثر سلبا بالحرب على غزة ، السياح يتركون إسرائيل ، سفينة سياح رفضت النزول فى ميناء حيفا ألغوا رحلة إلى القدس وتل أبيب بسبب الصواريخ " ، كما تولى الحملة اهتماما بالغا بمتابعة كل الأخبار المتعلقة بإقامة هدنة بين المقاومة والمحتل ، ومن آخر الأخبار التى ترجمتها الحملة نقلا عن التليفزيون الإسرائيلي:" القناة الثانية الإسرائيلية : الرئيس المصرى محمد مرسى لا يرد على اتصالات قادة إسرائيل اتصالاتنا مع المخابرات فقط " .