وافق مجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي الذي يختتم أعماله اليوم في جيبوتي، على إنشاء جهاز إسلامى للأمن الغذائي في العاصمة الكازاختسانية (أستانا)، وهو الاقتراح الذي تقدمت به جمهورية كازاخستان، في خطوة جديدة هي الأولى من نوعها في تاريخ منظمة التعاون الإسلامي. ويواجه الجهاز تحديات ضخمة على رأسها مواجهة موجات "المجاعات" التي تضرب عددا من الدول أعضاء المنظمة خاصة في القارة السمراء، فيما تشير أكثر الإحصاءات تواضعا إلى أن أكثر من 500 مليون مسلم يعانون نقصا شديدا في الطعام بمستويات مختلفة تصل في بعض المناطق مثل الصومال وأفغانستان واليمن وجنوب الصحراء إلى حد المجاعة. وحث المجلس الدول الأعضاء في المنظمة والبنك الإسلامي للتنمية ومؤسسات المنظمة الأخرى إلى المساهمة في إنجاح مهام الجهاز الجديد. وقال خبراء متخصصون في الأمن الغذائي في تصريحاتهم إلى صحيفة "الوطن" السعودية إن قرار إنشاء الجهاز- وإن كان متأخرا بعض الشيء على حد قولهم- فإنه يعد خطوة حيوية مهمة تحمل دلالات تتعدى مفهوم الأمن الغذائي، إلا أنهم أكدوا على مرتكز مهم وهو كمية التحديات الكبيرة التي ستواجهها "التعاون الإسلامي" في إفريقيا لانعدام الوضع الصعب في مقومات توفير البنية التحتية الغذائية وهي أكثر المواضيع سخونة أمام جهاز "التعاون الإسلامي" الجديد. ويقول الباحث في دراسات الأمن الغذائي عبد المنعم عطية إن مجموع التحديات التي سيواجهها الجهاز في قارة إفريقيا تتعلق بأن أسباب "انعدام" الأمن الغذائي في إفريقيا متعددة ومعقدة، وتشمل فيروس نقص المناعة البشرية الإيدز، وتغير المناخ والتردي البيئي والجفاف والفيضانات والنزاعات والانفجار السكاني ونظم الحكم السيئة والانهيار في الخدمات العامة والديون، والتنمية غير المستدامة، وغياب إستراتيجيات دول أعضاء المنظمة الإفريقية الأكثر فقرا في التصدي لمعالجة آثار مخاطر انعدام الأمن الغذائي في بلدانهم التي تفوق قدراتهم الذاتية. وتوقعت الدراسات المتخصصة في تقديرات الأمن الغذائي الإفريقية والمؤتمرات العالمية التي جرت خلال العام الجاري، ارتفاع عدد الأشخاص الذين سيعانون من انعدام الأمن الغذائي، لنحو مليار نسمة معظمهم من المسلمين، وتوقع آخر مؤتمر دولي عقد في يونيو الماضي باسم (قمة ريو+20) بالبرازيل ارتفاع عدد الأشخاص الذين سيعانون من انعدام الأمن الغذائي في إفريقيا حتى 2020 لنحو 500 مليون شخص". في الوقت نفسه طالب مجلس وزراء خارجية "التعاون الإسلامي" المنعقد في جيبوتي مؤسسات المنظمة المعنية بوضع برامج لبناء القدرات في القطاعين العام والخاص، في ظل ارتفاع معدلات البطالة والفقر وانعدام الأمن الغذائي والتحديات الصحية وتدهور القدرات البشرية والمؤسسية. وتشير مصادر منظمة التعاون الإسلامي التي تضم بين دفتيها 57 دولة عربية ومسلمة إلى أن الأفراد الأقل فقرا حول العالم وفقا لتقديرات الهيئة الدولية "الأممالمتحدة" ينتمون لبعض دولها في إفريقيا وهم الذين يقل دخلهم اليومي عن دولار أمريكي، وتربط المنظمة في إستراتيجيتها العلاجية الحالية بين "برامج مكافحة الفقر" وتوفير الأمن الغذائي. الجهاز الجديد جاء بدلا من مبادرة قدمت خلال العام الجاري كانت تهدف إلى إنشاء "اتحاد منظمة التعاون الإسلامي للصناعات الزراعية"، بهدف توفير الاحتياطات اللازمة للأمن الغذائي في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي. ويرى خبير الأمن الغذائي طه إسماعيل أن الأسباب العميقة للأزمات الغذائية وانعدام الأمن الغذائي الناجم عنها معقدة ومترابطة فيما بينها ما يستوجب استثمارات أكثر شمولية وكثافة إذا توفرت هناك فعلا إرادة للتغلب على مشاكل انعدام الأمن الغذائي في إفريقيا، مؤكدا ضرورة تغليب الحد من الفقر بهدف تحسين الوضع الغذائي الشامل والارتقاء بالتنمية في البلدان الإفريقية. ودعا في هذا السياق لتركيز عمليات مكافحة انعدام الأمن الغذائي أكثر على زيادة الإنتاج الغذائي وخلق مصادر دخل زراعية وغير زراعية في المناطق الريفية والحضرية الفقيرة. يذكر موقع الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في مبادرة الأمن الغذائي على وجه الخصوص جنوب الصحراء في الدول الإفريقية، مؤكدا أنها ستكون أكثر أقاليم العالم تضررا من هذا الوضع؛ لأن الأمن الغذائي مهدد فيها باستمرار نتيجة الانعكاسات السلبية للتغيرات المناخية والتأثيرات الخارجية ونقص البنى التحتية الملائمة والضرورية.