ألقت المظاهرات التى نظمها مسلمو إثيوبيا فى عدة مدن بعد صلاة عيد الأضحى للاحتجاج على سياسات الحكومة، الضوء على محاولات تهميشهم وفرض أفكار تنافى صحيح الدين الإسلامى عليهم، وذلك رغم كونهم أغلبية وأكثرية. فبحسب دراسة نشرتها -منظمة اتحاد مسلمى إثيوبيا- فإن المسلمين يواجهون ظروفا قاسية للغاية من قتل وتشريد وإبعاد عن التعليم وتحويل قراهم لثكنات عسكرية، إلا أنهم يشهدون حاليا طفرة فى كل شىء للارتقاء بمستواهم التعليمى والاقتصادى مستخدمين إستراتيجية ترتكز على السلمية والوحدة، وهو ما دفع السلطات لمحاولة إفشالها. وأوضحت الدراسة -التى وصلت نسخة منها ل"الحرية والعدالة"- أنه فى السنوات الأخيرة برز المسلمون كقوة شعبية تكتب تاريخا جديدا لإثيوبيا ككل، مما دفع الحكومة لافتعال الأزمات معهم لشغلهم عن إنجازاتهم والعودة لسابق عهدهم من التشرذم والبعد عن تحقيق مكتسبات فى التعليم والاقتصاد والوحدة الإسلامية وبث روح الانقسام والقبلية. وحسب دستور البلاد المادة 27، فإنهم مواطنون إثيوبيون ولهم كامل حقوق المواطنة من حيث التعلم وحرية التدين والدعوة لدينهم، إلا أن السلطات تسعى لتهميشهم وإقصائهم عن مناصب الدولة، وفى مواجهة هذه الهجمات العنصرية بلور المسلمون إستراتيجية جديدة للدفاع عن حقوقهم أساسها السلمية، وللحصول على أفضل الشهادات التعليمية، والارتقاء اقتصاديا، ووحدة الصف. وبرز أبناء المسلمين فى جميع مراحل التعليم الذى حرموا منه على مدار قرون، وخاصة المراحل الثانوية والجامعات من خلال حسن الانضباط والتفوق على الآخرين مع الالتزام بتعاليم الإسلام رغم العراقيل للحيلولة دون التزام الطلبة والطالبات بمبادئ دينهم، وقامت بعض العناصر بتدنيس المصحف الشريف كما حدث فى جامعة أواسا وكتابة مقالات فى الصحف للإساءة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لصرف المسلمين عن الاهتمام بالتعليم واختار المسلمون الطريقة السلمية والتركيز لبناء أنفسهم تعليميا. وكذلك أثبت الموظفون الإثيوبيون المسلمون تميزا فى العمل من خلال نزاهتهم وترفعهم عن الرشاوى، وفى التجارة تمكن تجار المسلمين وخاصة الشباب من إنشاء شركات ومؤسسات تجارية فى مجالات الاستيراد والتصدير والتوكيلات التجارية واستطاعوا فتح قنوات مع الشركات العالمية وأصبحوا قوة اقتصادية تسهم فى رسم سياسة إثيوبيا الاقتصادية. كما قام الشباب المسلم وقيادة المسلمين بطرح مشروع "الصدقات والوحدة" لتوحيد الصف والكلمة وبتوعية تجار المسلمين فى البلاد بأهمية المشاركة فى هذا البرنامج ودعمه ماديا ومعنويا لإطعام الفقراء والمساكين لرفع المعاناة عن المسلمين الفقراء ولقى هذا البرنامج نجاحا منقطع النظير؛ حيث بدأ فى المدن الصغيرة والقرى ثم انتقل للمدن الكبيرة، إضافة إلى المحاضرات والتوعية التى قدمت للمسلمين عن فرقة الأحباش وضلالاتها التكفيرية التى استدعتها الحكومة الإثيوبية من لبنان لضرب الإسلام الصحيح من خلال منهجها الفاسد. وتقوم أبجديات هذه الفرقة على تكفير المسلمين وعلمائهم أينما كانوا أحياء وأمواتا، خاصة علماء أهل السنة والجماعة، وكذلك تشويه صورة العلماء أمام الرأى العام الإثيوبى بمختلف انتماءاتهم الدينية وكذلك خريجو المدارس الإسلامية، كما استولت هذه الطائفة دون وجه حق على المجمع التعليمى بالأولية ليكون منبرها لنشر أفكارها الهدامة لصحيح الدين وزرع الفرقة بين المسلمين، كذلك قامت هذه الفرقة الضالة بمساعدة القوات الإثيوبية بطرد أئمة المساجد الذين رفضوا الاستسلام لمذهبهم المنحرف واستبدلوهم بأتباعهم. وقدمت القيادة الإسلامية محاضرات أخرى لتوعية المسلمين بدستور البلاد وما فيه من حقوق دستورية كحرية التدين وحرية التعبير؛ بحيث إن الدولة لا يحق لها التدخل فى القضايا الدينية لا من قريب ولا من بعيد.. فهناك تدخل سافر فى القضايا الدينية ومحاولة لنشر أفكار فرقة الأحباش بين المسلمين الإثيوبيين وهو ما يمثل خرقا واضحا للدستور بغض النظر عمن يخرقه سواء كان مسئولا كبيرا كرئيس الوزراء أو مسئولا صغيرا. ونجح المسلمون -الذين تبلغ نسبتهم ما بين 65 إلى 70% من سكان إثيوبيا البالغين 95 مليون نسمة- فى تكوين لجنة تتكون من 17 من الحكماء مهامهم الدفاع عن المسلمين ومكتسباتهم، حيث قامت اللجنة بجمع التوقيعات من داخل العاصمة وخارجها ومن الجاليات الإثيوبية المسلمة فى المهجر وتجاوزت هذه التوقيعات عدة ملايين لتثبت بذلك أنها مفوضة من المسلمين للدفاع عنهم. وحدثت صدامات بين قوات الشرطة الإثيوبية والمسلمين الذين خرجوا فى مظاهرة سلمية فى منطقة عروسا وبالتحديد فى مدينة "أساسا" وقتل أربعة من المسلمين، وذلك بعد الكلمة التى ألقاها رئيس الوزراء الراحل ميلس زيناوى محذرا فيها من النشاط الإسلامى. وبلا شك هناك أياد خارجية معادية للإسلام والمسلمين منزعجة من المستوى الجيد الذى وصل إليه المسلمون الإثيوبيون خلال العقدين الماضيين وفى مقدمتهم إسرائيل التى سهلت إحضار فرقة الأحباش ولها علاقات خاصة وسرية مع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وكذلك المخابرات الأمريكية من خلال سفارتها فى أديس أبابا والتى لا تخجل من دعم فرقة الأحباش وتشجعهم على ضرب أهل السنة، وكذلك جمعية الكتاب المقدس وهدفها تحريض الشارع المسيحى ومسئولى الدولة ضد الإسلام والمسلمين.