احتجاجات أسبوعية مستمرة تشهدها إثيوبيا منذ أواخر2011 عام الثورات ينظمها آلاف المسلمين المنتمين إلي الفكر السلفي( حسبما وصفتهم السلطات الإثيوبية) ضد ما يعتبرونه تدخلا في شئونهم الدينية من قبل الحكومة من خلال فرض فكر الأحباش عليهم. وبدأت موجة الاحتجاج بعد إعلان المجلس الأعلي لشئون المسلمين الذي يعد بمثابة وزارة الشئون الدينية وتم انتخابه في أغسطس الماضي تبنيه لعقيدة الأحباش وتأييد الحكومة الإثيوبية للمجلس, في الوقت الذي رفع فيه المتظاهرون شعارا لا للأحباش و الشعب يريد إسقاط المجلس. المتظاهرون اعتبروا المجلس كيانا غير ديمقراطي يحكمه عملاء النظام. مسجدا أنوار و الأوليا بالعاصمة أديس أبابا اللذين يعتبرهما المتظاهرون ميدان تحرير إثيوبيا- حيث تنطلق منها المظاهرات بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع, أصبحا مركزا لهذه الاحتجاجات الأسبوعية متسعة النطاق التي سارت بطريقة سلمية طوال الشهور الماضية إلي أن وقعت أحداث العنف منذ أيام وحدثت اشتباكات وموجة من الاعتقالات. الدستور يستخدمه كلا الطرفين سببا لتبرير أفعاله, المتظاهرون اعتبروا خطوة حكومة رئيس الوزراء ميليس زيناوي لدعم الأحباش انتهاكا للدستور الذي يمنع الحكومة من التدخل في الشئون الدينية, بينما اعتبر زيناوي الاحتجاجات انتهاكا للدستور ضد حرية العقيدة الذي تكفله دولة علمانية تفصل بين الدين والدولة.وبالرغم من الصمت الحكومي والتعتيم الإعلامي المحلي, فإن الحكومة الإثيوبية خرجت عن صمتها بعد أكثر من خمسة أشهر من الاحتجاجات ببيان قوي أكدت فيه أن الاحتجاجات ابتزاز تحت ستار الدين, ووصفت المحتجين بالمتطرفين وحذرتهم من نفاد صبرها. الحكومة نفت الترويج لطائفة الأحباش, لكنها أكدت تصميمها علي منع انتشار ما تصفه بالتشدد الإسلامي من السودان والصومال المجاورين. كما اتهمت جهات خارجية بالوقوف خلف أعمال الاحتجاجات, حيث قامت السلطات الإثيوبية بإبعاد شيخيين من جنسيات عربية عن أراضيها بعد زيارتهما لمسجد أنوار الكبير باديس ابابا, ونسبت لهما ممارسة خطاب دعوي متشدد أصولي سلفي واعتبرتهما غير مرغوب فيهما حيث قامت باعتقالهما وترحيلهما. واعتقلت الشرطة رجل دين مسلما ينتمي للتيار السلفي بعد اتهامه بالتحريض علي استخدام العنف ليخرج بعدها أنصاره مطالبين بإطلاق سراحه حيث لقي أربعة اشخاص مصرعهم بينما أصيب أخرون جراء إطلاق الشرطة النار علي المتظاهرين. هذه الاعتقالات لم تمر مرور الكرام فقد دعت منظمة العفو الدولية السلطات الإثيوبية إما إلي توجيه تهم إلي المعتقلين أو إطلاق سراحهم فورا. كما دعت إلي السماح بالمظاهرات السلمية وعدم إستخدام العنف. وردت السلطات بأن المتظاهرين مجموعة من السلفيين الذين يحاولون ايجاد دولة إسلامية في إثيوبيا العلمانية. ويري بعض المراقبين أن السر وراء الأزمة أن المتظاهرين يرفضون فكر الأحباش ويرون أن حكومة زيناوي تدعمه. والأحباش طائفة دينية معروفة أيضا ب جمعية المشاريع الخيرية للإسلام وفدت حديثا إلي إثيوبيا في الثمانينيات ورغم أن مؤسسها عبد الله بن محمد الهرري الحبشي إثيوبي المولد ومن مدينة هرر المعروفة, فإنه سافر إلي لبنان في الخمسينيات وأسس الجمعية التي مزجت بين أفكار السنة والشيعة والصوفية. خليط من أفكار الشافعي وأبو موسي الأشعري ورفض لأفكار ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب وسيد قطب. ترفض الطائفة عقيدة السلفيين التكفيرين والوهابيين. لكن رجال الدين هاجموا الأحباش واعتبروا أن أفكارهم ضالة وأنهم يحملون عقيدة باطلة ويسعون إلي إعمال الفتنة بين المسلمين. ويمضي أخرون إلي اتهام فكر الأحباش بمحاولة نشر التشيع في إثيوبيا. وتعد هذه الاحتجاجات التي تشهدها إثيوبيا التي يشكل المسلمين أكثر من ثلث سكانها نادرة علي الدولة التي ظلت علي مدي عقودا مركزا للتسامح الديني في قلب إفريقيا ويعتبرها الغرب متراسا ضد التشدد الإسلامي في منطقة القرن الإفريقي. والسؤال الذي يطرح نفسه في ظل هذه الاحتجاجات والاتهامات المتبادلة بين الحكومة والمتظاهرين, هل يمكن أن تؤثر هذه الاضطرابات علي التسامح الديني في إثيوبيا؟ والإجابة أن الدولة الإفريقية التي اتخذت من نفسها خط دفاع أول ضد انتشار الإسلام الراديكالي في شرق القارة السمراء تحتاج إلي وضع حل لهذه الأزمة المتفاقمة والتي يتسع نطاقها يوما بعد يوم مع استمرار المخاوف من تحول هذه الاحتجاجات إلي العنف. ويحذر المراقبون من أن رفض إثيوبيا الاستماع إلي مطالب المحتجين واتخاذها خطا متشددا حيال المحتجين يمكن أن يوجد رد فعل انتقامي وأن يقوي شوكة المتطرفين التي حملت علي عاتقها سنوات طوال الوقوف في وجههم.