اتهمت أقلام لبنانية مقربة من التيار العروبي وحزب الله السعودية باحتجاز رئيس وزراء كرهينة وإملائه خطاب الاستقالة الذي تلاه بالتزامن مع اعتقال "الملك المنتظر" محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي. وكتب طلال سلمان أحد أبرز الكتّاب اللبنانين من الإتجاه اليساري العروبي، ورئيس تحرير وناشر صحيفة "السفير" المقربة من حزب الله اللبناني، مساء اليوم الأربعاء، تحت عنوان "احتجاز الحريري: اعتداء على كرامة لبنان وشعبه.." مريدا ما ذهبت إليه صحيفة الأخبار اللبنانية في تقرير لها، كشفت فيه من خلال مصادرها عن اللحظات الأولى لوصول الحريري للسعودية، وما جرى معه قبل تقديم الاستقالة وبعدها.
حيث طلب من الحريري التوجه إلى مجمع "ريتز كارلتون" الفندقي لعقد اجتماعات، حيث فوجئ بإجراءات أمنية استثنائية، ليدرك بعد دقائق أنه بات بحكم الموقوف. وتم نقله إلى إحدى الفيلات التابعة للمجمع، بالقرب من الفندق مكان احتجاز نحو 49 أميراً ووزيراً ورجل أعمال سعوديين.
وقال طلال سلمان في مقاله إن اللبنانيين لا يملكون غير الاشفاق على دولتهم المستضعفة، كما على رئيس حكومتهم المحتجز رهينة في مملكة الصمت الابيض والذهب الاسود، سعد رفيق الحريري.
وأكد "سلمان" إستدعاء "الحريري" ليأتي على الفور وبلا تردد في غير طائرته، ومن دون جيش مرافقيه، ومن دون أن يتبع الاصول التي يفرضها عليه موقعه كرئيس حكومة في بلد آخر، معتبرا أن "نفوذ الثروة" كشف أن "البيان المكتوب، والمرجح انه قد أُملي عليه، وعبر محطة تلفزيون سعودية، وان كانت تموه هويتها بالادعاء انها عربية، تحولت الاسئلة إلى اتهامات قاسية وعواطف اشفاق".
وقلل "سلمان" من شأن قوة رئيس حكومة لبنان فتم "اتخاذه رهينة، بعد استخدامه منصة هجوم، عن بعد، وبالأسلحة الثقيلة على "حزب الله"" مستغربا أن يتم ذلك وحزب الله شريكه في حكومته بوزيرين، وأن يتوسع الهجوم على ايران التي "كان يستقبل قبل يومين فقط من استدعائه السعودي العاجل أحد ابرز الشخصيات الايرانية السيد ولايتي، وزير الخارجية الاسبق والمستشار الحالي للمرجعية العليا في الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد خامنئي".
اختلف اللصوص
وهاجم طلال سلمان السعودية والإمارات، وإن لم يكن بنفس الدرجة التي نالها بن سلمان معتبرا أن قادة الدولتين هما من العربان والبدوية اللذان فرضا مصالحهما بالوصاية على نجل رفيق الحريري، معتبرا أن زيارة الأخير مضبوطة التوقيت إلى امارة ابي ظبي للقاء ولي عهدها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في خضم الاختطاف لا تنفي احتجازه تعسفيا، فمعروف "أن بين الامير الذي يقترب من أن يصبح ملكًا للسعودية والشيخ الذي يقترب من أن يصبح رئيساً لدولة الامارات صلات اكثر من حميمة وعلاقات تتداخل فيها العاطفة مع النصح والارشاد.. بينها فتح ابواب البيت الابيض والرئيس الاميركي ترامب شخصياً أمام ولي العهد السعودي قبل الموعد “الطبيعي” وقبل غيره من قادة العربان في الجزيرة والخليج وغيرهما".
واعتبر أن "زيارة الساعات التي سُمح لسعد الحريري أن يزور خلالها ابو ظبي فيلتقي فيها الشيخ محمد بن زايد انما تمت للتخفيف من وقع الحديث عن احتجاز سعد الحريري في بيته في الرياض، ووضعه تحت الاقامة الجبرية".
ونشرت "الأخبار اللبنانية" تقريراً كشفت فيه من خلال مصادرها عن اللحظات الأولى لوصول الحريري للسعودية، وما جرى معه قبل تقديم الاستقالة وبعدها.
وأكدت الصحيفة أن الحريري تم فصله عن مكان إقامة عائلته، وتولى فريق أمني سعودي الإشراف على أمنه ومرافقته. أما مصير فريق الحريري الأمني فقد تمت مصادرة الهواتف الموجودة معهم، وتخييرهم إن كانوا يريدون المغادرة إلى بيروت، وأنه في هذه الحالة لن يكون بمقدور من يغادر المجمع أن يعود إليه مجددًا.
لحظتها طلب الحريري أن ينتقل 4 من مرافقيه بقيادة الضابط محمد دياب إلى منزله للبقاء مع زوجته وأولاده، فيما بقي مع الحريري، في الفيلا نفسها، رئيس حرسه عبد العرب وأحد مساعديه الشخصيين.
وعن تفاصيل الاستقالة، قالت الصحيفة، إن الحريري التقى مع مسؤول أمني سعودي بارز -لم تُسمه- إضافة إلى لقاء آخر مع ثامر السبهان، وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، الذي سلَّمه بيان الاستقالة مكتوباً من الديوان الملكي.
وقالت مصادر الصحيفة اللبنانية، إن تعليمات مشددة تلقاها الحريري، على أنه لا يمكن له الاتصال مع أحد، وأن السبهان سيتولى شرح الموقف لمن يهمه الأمر في بيروت.
وتتابع الصحيفة اللبنانية، أبلغ الحريري بعد ذلك أنه سيخضع لتحقيق بصفة شاهد، بوصفه مواطناً سعودياً لا رئيساً لحكومة لبنان. وسُئل عن ملفات تعود إلى حقبة تولي خالد التويجري منصب رئيس الديوان الملكي، خلال ولاية الملك السابق عبد الله.
وقالت الصحيفة إن الحريري طلب عقد مؤتمر صحفي، أو السفر خارج السعودية، إلا أن ذلك قوبل بالرفض في لحظتها، وطلب من مرافقيه الذين انتقلوا إلى منزل عائلته، بضرورة حسم قرارهم بالبقاء أو السفر إلى لبنان، وبالفعل عاد بعضهم أمس.
وقالت الصحيفة اللبنانية، إن مصادرها انتهت عند خبر استقبال الملك سلمان للحريري في قصر اليمامة، مشيرة إلى أن الحريري نقل بحراسة أمنية إلى القصر، وأن الهدف من الاجتماع كان إرسال إشارة بأنه ليس من ضمن قائمة الموقوفين بتهم الفساد، الذين لن يستقبلهم الملك ولا ولي عهده، وأنه سيصار إلى تسوية وضعه ربطاً بأمور تخص ملفات سعودية داخلية، وبما خص ملف لبنان.
وبعد استقبال الملك سلمان للحريري، أعلن عن توجهه إلى الإمارات للقاء ولي العهد محمد بن زايد، بشكل مفاجئ، ليتبعها فوراً وبعد ساعات نبأ توجهه إلى البحرين، قبل أن يعود مرة أخرى إلى الرياض.