تملكت مشاعر الغضب والسخط من الغلابة في دولة الانقلاب التي أسس لها عبد الفتاح السيسي، وتلخصت كلمات المصريين بعد قرار رفع سعر الوقود والكهرباء اليوم الخميس، ما بين شيئين لا ثالث لهما أحدهما الدعاء على السيسي وأخرهما توجيه اللعنات عليه. لم يفق المصريون من صدمة رفع أسعار الوقود لمرة الثالثة على التوالي خلال عهد السيسي، بحسب ما أعلنته حكومة الانقلاب اليوم الخميس، حتى أعلن شريف إسماعيل، رئيس حكومة الانقلاب عن صدمته الثانية وكأنه يطرق على الحددي وهو ساخن، قائلا: " إنه سيتم تطبيق أسعار الكهرباء الجديدة من فواتير أغسطس، بحيث تكون الزيادة خلال شهر يوليو الجاري". "حسبي الله ونعم الوكيل في الحكومة كلها!".. "احنا كده بنموت بالبطيء".. "نعيش إزاي؟" .. "أنا بقيت ماشية باكلم نفسي حتى الأكل مش هنعرف نشتريه عشان كل حاجة هتغلى". هذه أبرز التعليقات التي قالها أغلب المصريين لوسائل الغعلام والصحف التي استطلعت أراءهم بعد قرار الزيادة، وسط صدمة وسخط عارم بعدما رفعت سلطة الانقلاب، الخميس، أسعار الوقود للمرة الثانية خلال 8 أشهر فقط بنسب تصل إلى 100%. وجاء قرار الحكومة اليوم برفع أسعار الوقود بعد أيام قليلة من إعلان السيسي زيادة دعم الفرد في البطاقة التموينية بنحو 140% وبعد حوالي شهر من إقرار حكومة شريف إسماعيل حزمة ضمان اجتماعي بقيمة 43 مليار جنيه (2.4 مليار دولار). وقال خالد عبدالرحيم، مدير إحدى محطات الوقود في الفيوم في تصريحات صحفية: "توقيت إصدار القرار سيثير موجة من الغضب بين المواطنين في الفيوم، خاصة أنهم كانوا في حالة من الفرح بعد تطبيق علاوة الغلاء وزيادة الدعم التمويني.. لكن ارتفاع أسعار الوقود سيحول حالة الفرحة إلى حزن". وقال وزير البترول طارق الملا، اليوم، إن الحكومة رفعت سعر البنزين 92 أوكتين إلى 5 جنيهات للتر من 3.5 جنيه بزيادة نحو 43%، كما رفعت سعر البنزين 80 أوكتين إلى 3.65 جنيه من 2.35 جنيه بزيادة نحو 55%. ورفعت مصر سعر السولار نحو 55% ليصل إلى 3.65 جنيه للتر من 2.35 جنيه. وبنبرة غضب قال مواطن لرويترز في محطة الوقود بشرق القاهرة: "حسبي الله ونعم الوكيل! حاجة تخلي الواحد يطفش (يهاجر) من البلد!". وزاد سعر غاز السيارات 25% إلى جنيهين للمتر المكعب من 1.60 جنيه. وقال أحد أصحاب السيارات في محطة وقود بالقاهرة: "فوجئت بالزيادة النهاردة.. كنت عارف إن فيه زيادة بس جت (جاءت) كبيرة.. حاجة مفاجئة جداً ومش متوقعة". أما في وسائل المواصلات فقد وجه المصريون الغاضبون لعناتهم وسبابهم للسيسي، الذين أكدوا أنهم أكبر عقاب لهم على مشارتهم في الانقلاب على الرئيس محمد مرسي. وقال محمد عبدالله سائق سيارة أجرة من الاسكندرية: "كل ما نحس (نشعر) بالأمل أن الأحوال ممكن تتعدل (تتحسن) يطلع قرار يجيب لنا إحباط. "الشغل وقف حاله علشان ناس كتير بطلوا يركبوا التاكسي بعد ارتفاع الأسعار في كل حاجة. أنا مكسوف (محرج) أني أزود الأجرة على الناس والله بس مضطر وياريت أعرف اشتغل". وفي محافظة كفر الشيخ شمالي مصر نشبت مشادات كلامية بين بعض المواطنين والسائقين الذين رفعوا أسعارهم بين 25 و50% عقب إعلان زيادة أسعار الوقود مباشرة. ورفع سائقو الميكروباص، وهو وسيلة المواصلات الرئيسية لمتوسطي ومحدودي الدخل، سعر التذكرة إلى 1.5 جنيه من جنيه واحد كما رفع سائقو سيارات الأجرة (التاكسي) السعر نحو 25%. وقال وليد عوض سائق ميكروباص: "الناس بتتخانق معانا رغم أن مالناش ذنب ومش عاوزين الحاجة تزيد... احنا أصحاب بيوت ودخلنا معروف وفيه ناس عليها أقساط... احنا أضعف ناس في الحلقة دي". خناقات في الشوارع وفي أحد مواقف الميكروباص في محافظة القليوبية شمالي القاهرة اشتعلت الخلافات بين الركاب والسائق حول الأجرة. وانتهت المشادات بانصياع الركاب بدفع زيادة في الأجرة، ولكن ليس كما طلبها السائق. وتساءل هاني شعلان الموظف بمكتب لتوزيع الصحف في دمياط: "هنعمل إيه؟ مفيش حد من أصحاب العمل هيوافق على زيادة الأجور لنا. نعمل إيه؟ منهم لله!". وبداخل محطة وقود في مدينة الفيوم وقف إبراهيم جمعة سائق سيارة نقل جماعي ليزود سيارته بالسولار وهو في حالة من الغضب وصاح قائلاً: "كله على الزبون وهو اللي هيتحمل الزيادة. الأجرة كانت 15 جنيهاً من الفيوم للقاهرة وبعد الزيادة هاخلي الأجرة 20 جنيهاً وغيري ممكن يخليها 25 جنيهاً". وقالت ريهام الدسوقي محللة الاقتصاد المصري في أرقام كابيتال ل"رويترز" إن زيادة أسعار الوقود "ستؤثر بشكل مباشر على الطبقات الوسطى والأقل دخلاً. سنشهد موجة ثانية من ارتفاع التضخم وقد نصل إلى مستوى 35% في الصيف بسبب تزامن الزيادات في الأسعار مع بعضها البعض". وأعقبت الزيادة السابقة في أسعار الوقود في نوفمبر الماضي وتعويم الجنيه سلسلة قفزات حادة في التضخم الذي وصل إلى مستويات فوق 30%. وقال عبدالله رضوان، من كبار منتجي العنب والخضراوات بالفيوم،: "تكلفة النقل ستزيد بشكل كبير. قد تصل لضعف الأسعار الحالية وهو ما سيؤدي لارتفاع أسعار الفاكهة والخضراوات من المزرعة أو الأرض الزراعية وسيتبعها ارتفاع آخر عند تجار التجزئة". في المنيا قالت مريم كامل، وهي موظفة تعول ثلاثة أبناء: "لن يكفينا مع الزيادة الجديدة للوقود 60 جنيهاً يومياً أجرة المواصلات غير زيادة أسعار السلع". وتساءلت: "هل علاوة الغلاء التي لم تتجاوز 70 جنيهاً مبرر لزيادة الأعباء علي الأسرة المصرية بهذا الشكل القاسي؟". وتقول نادية السيد (55 سنة)، أرملة وأم لأربع 4 بنات ثلاث منهن متزوجات والرابعة مخطوبة وتواجه صعوبة في تجهيزها: "إحنا كده بنموت بالبطيء.. الأيام دي صعبة قوي.. حتى التموين لما زودوا الفرد لخمسين جنيه رفعوا أسعار الزيت والسكر. نعيش إزاي؟ "أنا بقيت ماشية بكلم نفسي حتى الأكل مش هنعرف نشتريه عشان كل حاجة هتغلى". ويضرب عادل إسماعيل، موظف حكومي بالمعاش، (61 سنة) كفا بكف وهو يقول: "إحنا لسه مقبضناش زيادة المعاشات يقوموا يرفعوا الأسعار بالطريقة دي! كل حاجة هتغلى بسبب النقل ومفيش حد بقدر يحكم عشوائية السوق في مصر". وشهدت مصر التي تعتمد على الاستيراد في توفير أغلب احتياجاتها ارتفاعات كبيرة في أسعار السلع والخدمات خلال العامين الماضيين بسبب شح العملة الصعبة ونشاط السوق السوداء. ووعد السيسي المصريين في ديسمبر الماضي بتحسّن الظروف الاقتصادية الصعبة خلال 6 أشهر ودعا رجال الأعمال والمستثمرين إلى مساعدة الحكومة على كبح جماح الأسعار. الشهور الستة مرّت لكن الأسعار ارتفعت أكثر ولم تنخفض. وفي دمياط قال أحمد عنتر، موظف بإحدى الشركات الخاصة، ساخطاً: "حسبي الله ونعم الوكيل في الحكومة كلها". وكانت قد أقرت حكومة الانقلاب أسعار المنتجات البترولية والغاز الطبيعي إعتباراً من صباح اليوم، وذلك على النحو التالي : - البنزين 80 من 2.35 إلى 3.65 جنيه/لتر. - البنزين 92 من 3.5 إلى 5 جنيه/لتر. - سولار من 2.35 إلى 3.65 جنيه/لتر. - البتوجاز من 15 إلى 30 جنيه/إسطوانة. كما قررت حكومة الانقلاب رفع أسعار المواد التموينية، اعتباار من هذا الشهر.