جاء امتناع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي كذلك عن دعم حكومة الدكتور هشام قنديل في عهد الرئيس المدني المنتخب الدكتور محمد مرسي، ورفض الصندوق إقراض الحكومة 3,2 مليارات دولار ثم الموافقة على دعم قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بقرض قيمته 12 مليار دولار ليفتح الباب واسعا أمام توجهات المؤسسات الدولية التابعة للأمم المتحدة والرافضة لتطلعات الشعوب العربية والإسلامية نحو الحرية والحكم الرشيد. فعلى الرغم من أن الأممالمتحدة تعتبر مبدأ العدالة الاجتماعية أساسيا للتعايش السلمي بين أبناء الأمة الواحدة ووتحتفي به يوم 20 فبراير من كل عام إلا أن توجهات المؤسسات الدولية التابعة لها تثير الريبة والشكوك حول مصداقية المؤسسات الدولية. وبحسب الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالتواب بركات في مقال له بعنوان «خروقات أممية في عدالة مصر الاجتماعية» على صحيفة العربي الجديد اليوم الأحد، فإن مصر على سبيل المثال، رصدت الدراسات الاجتماعية أن 25% من جموع الشباب الذي نزل ميدان التحرير كان له مطالب سياسية، بينما كانت المطالب الاقتصادية، وفي صدارتها العدالة الاجتماعية سبب نزول ال75% الباقية. ويتهم بركات الأممالمتحدة بتقويض فرص العدالة الاجتماعية في مصر حين رفض صندوق النقد الدولي، الذراع المالي للأمم المتحدة، التعاون مع نظام الرئيس محمد مرسى المحسوب على ثورة يناير، رغم جديته في تحقيق العدالة الاجتماعية، ونشر مظلة دعم الغذاء لفئات أخرى كانت محرومة، ورفع رواتب 1.9 مليون موظف واستحدث معاش "المرأة المعيلة" فأكرم نصف مليون أسرة تعولها امرأة، وأشاع مناخ الشفافية والثقة فجذب الاستثمارات الأجنبية وتحويلات العاملين بالخارج، وأنعش الصادرات والسياحة وسوق العمل. الصندوق رفض منح مصر الثورة قرضا متواضعا بقيمة 3.2 مليارات دولار كان على وشك الموافقة عليه للمجلس العسكري بسبب انتقال السلطة للرئيس محمد مرسي، ثم رفض قرضا آخر للرئيس المنتخب بقيمة 4.8 مليارات دولار! في المقابل، رحب الصندوق بإقراض نظام عبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب، مبلغ 12 مليار دولار، وهو مبلغ يزيد عن ضعف ما كان يطلبه الرئيس مرسي، رغم تقويض السيسي تجربة ديمقراطية فريدة بانقلاب عسكري دموي على ثورة سلمية أكبرتها الأممالمتحدة وأبهرت زعماء العالم الحر. السيسي يسحق الفقراء الصندوق بحسب عبدالتواب، خرق العدالة الاجتماعية لما منع مرسي، المنتخب، وأقرض السيسي الذي انقلب على إنجازات سلفه وسحق الفقراء، وبدد حلم العدالة الاجتماعية وطرد الاستثمارات الأجنبية وعائدات العاملين بالخارج، وأهدر مليارات الخليج، وقوض سوق الصادرات، وأقفر سوق السياحة، وأصاب 40% من الشباب بالبطالة، وبدد المليارات في مشروعات توسعة قناة السويس والعاصمة الجديدة المشكوك في جدواها، ثم أقال قاضيا، رئيس المركزي للمحاسبات، لأنه عرّى نظامه الفاسد. يعزز ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي ما نشرته وكالة "بلومبيرغ" الأميركية من تحليل اقتصادي حمّلت فيه السيسي المسؤولية المباشرة عن الفشل الاقتصادي الذي تعيشه مصر، ونشرت مجلة الإيكونوميست البريطانية مقالا بعنوان "خراب مصر" اتهمت فيه السيسي بإخفاقه في إدارة شؤون البلاد ولا سيما الجانب الاقتصادي. شروط الصندوق وخرق صندوق النقد الدولي، العدالة الاجتماعية حين أغرى حكومة الانقلاب بتخفيض قيمة الجنية مقابل الدولار إلى النصف في بلد يستورد 75% من غذائه بالدولار، ما ضاعف معدلات التضخم من 10% في يونيو 2013 إلى 30% في يناير 2017، بحسب الإحصائيات الرسمية، بينما يقدرها معهد السياسات الأميركي، كاتو، بأربعة أضعاف الإحصائيات الرسمية! وخرق الصندوق العدالة الاجتماعية أيضا حين أثنى الحكومة عن دعم غذاء الفقراء، فشكلت لجنة من 4 وزارات، التموين والتخطيط والمالية والتضامن، أوصت في النهاية باستبعاد 10 فئات اجتماعية من مظلة دعم الغذاء رغم تسميتها "لجنة العدالة الاجتماعية"! وحرمت اللجنة المواطن من دعم الغذاء إذا تعدى دخله الشهري 1500 جنيه، 80 دولاراً، أو زاد معاشه عن 1200 جنيه، 65 دولاراً، كل ذلك إرضاء لصندوق نقد الأممالمتحدة! بل مرسي هو الذي رفض وكان المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، خلال حكم الرئيس الدكتور محمد مرسي، قد كشف كواليس قرض صندوق النقد الدولي الذي انخرطت حكومة الدكتور هشام قنديل في مفاوضات للحصول عليه عام 2012 والمقدر ب4.2 مليار دولار. وقال سليمان الذي يعد أحد منظري تيار الاستقلال داخل الساحة القضائية أن الرئيس محمد مرسى رفض شروط صندوق النقد وهى إلغاء الدعم، وتخفيض قيمة العملة، وإنفاق القرض فى الغرض الذى يحدده الصندوق. وتابع سليمان في تدوينة له علي شبكة التواصل الاجتماعي "فيس بوك" هذه كلمة للإنصاف والتاريخ فقد رفض الرئيس مرسي بشكل واضح وصاية الصندوق وشروطه المجحفة وأبلغ الحكومة بالبحث عن حلول تنقذ مصر من شروط التعسفية.