دشن الرئيس محمد مرسي مرحلة جديدة في تاريخ علاقات مصر الخارجية، حيث حددت القيادة المصرية التوجهات الخارجية الجديدة التي تعتمد التوازن في العلاقات الدولية والإقليمية مع الدوائر التي تهم السياسة الخارجية، التي تمثل الدائرة العربية والإسلامية أولوية، تليها الدائرة الإفريقية والعالمية. وتتسم تحركات الرئيس مرسى الخارجية منذ توليه مهام السلطة رسميا، مطلع شهر يونيو الماضي، بالرغبة في إعادة تشكيل علاقات مصر الخارجية مع دول العالم، بحيث تعتمد على الوضوح والصراحة والتوازن. وفجر اليوم، غادر الرئيس مرسي إلى نيويورك لحضور أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، بعد غياب مصر على المستوى الرئاسي منذ 23 عاما، حيث كانت آخر مرة تحضر فيها مصر على المستوى الرئاسي إبان حكم المخلوع حسني مبارك 1989. ومن المتوقع أن يستعرض الرئيس محمد مرسى في كلمته التي سيلقيها أمام محفل الأممالمتحدة يوم الأربعاء المقبل توجهات السياسة الخارجية المصرية خلال المرحلة المقبلة. كما يتوقع أن تركز كلمة الرئيس مرسى على التطورات التي يشهدها الواقع السياسي المصري في أعقاب ثورة يناير، فضلا عن استعراضها مجمل المتغيرات في المشهد المصري بعد الثورة المصرية العظيمة. وتتناول الكلمة التي سيوجهها الرئيس مرسى إلى العالم من مقر منظمة الأممالمتحدة شرحا لهذا المشهد بالتفصيل، والذي أسس للمشهد السياسي الذي أصبح حديث العالم فيما يتعلق ببناء مصر الدولة المدنية الديمقراطية المستقرة، وبناء نظام سياسي، وما تمر به مصر الآن من متغيرات. وتوضح الكلمة الجهود المبذولة لإعلاء كلمة القانون ووضع الدستور الجديد وما يستتبعه من إجراء انتخابات برلمانية جديدة، وكفالة حرية التعبير والمساواة بين جميع المواطنين دون تمييز. من جانبها، توقعت د. شيرين فهمي، مدرس العلوم السياسية، أن تعكس كلمة الرئيس مرسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بعدا ثقافيا وحضاريا متعلقا بهوية مصر العربية والإسلامية، مشيرة إلى أن الأزمة السورية وتهويد القدس وازدراء الأديان، ليست أزمات سياسية فحسب بل تحمل أيضا صبغة ثقافية وحضارية. وشددت فهمي على أن هذا المنظور لم يكن له دور على الإطلاق في عهد نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، سواء على مستوى الخطاب أو على مستوى الممارسة، مشيرة إلى أنه حتى قبل مبارك كانت القضايا ينظر لها عبر النافذة السياسية فحسب. في الوقت نفسه يعقد الرئيس محمد مرسى، عدة لقاءات مع قادة وزعماء ورؤساء خمسة دول عقب وصوله، يعقبه لقاء مع قادة العالم، قبل أجرائه لقاء تليفزيونيا مع قناة "بى بى إس" الأمريكية، حسبما أعلن الدكتور ياسر على، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية. كما يزور الرئيس مقر البعثة المصرية بالأممالمتحدة ومجموعة من القيادات الدينية في إطار الحوار بين الأديان، ويحضر، صباح الثلاثاء، الجلسة الأولى للجمعية العامة للأمم المتحدة، يعقبها مأدبة غداء، ثم يحضر الجلسة المسائية للجمعية العامة، ومن المقرر أن يعقد الرئيس لقاء بسكرتير عام الأممالمتحدة، بان كي مون، في مساء اليوم نفسه. من جهته، أكد مندوب مصر لدى الأممالمتحدة، السفير معتز أحمدين خليل، أن العالم كله يتطلع باهتمام شديد للاستماع إلى كلمة الرئيس محمد مرسي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال أحمدين: إنه "لا يوجد في برنامج الرئيس دقيقة واحدة للراحة"، فهناك جدول حافل من اللقاءات الثنائية، مع عدد كبير من قادة العالم، وبطلبات شخصية منهم للقاء الرئيس المصري، حرصا على التواصل معنا خلال هذه المرحلة الهامة. وأشار إلى أن هذه اللقاءات ستضم الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني، ورئيس الوزراء الياباني، وغيرهم، مؤكدا أن جدول زيارة الرئيس يشهد تغييرات يومية، بسبب كثافة اللقاءات التي تتحدد على مدار الساعة، لمحاولة التركيز على بحث ومناقشة العديد من القضايا العالمية والإقليمية. ويرى المحللون أهمية التوجه بصياغة علاقات تعتمد مبدأ الشراكة في ظل القواسم والمصالح المشتركة، سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي، فمصر بما لها من دور إقليمي مهم في منطقتها لا يمكن تجاهله حتى في ظل فترات الانحدار التي مرت بها خلال السنوات الماضية في سياساتها الخارجية، وامتداد هذا الدور إلى صياغة علاقاتها وتوازناتها الإقليمية. ويتوقع هؤلاء أن يحمل المستقبل في طياته ملامح تغيير في الرؤية لطبيعة ترتيب العلاقات بين مصر ودول العالم، بما يحقق المصالح الوطنية اتساقا مع ما تشهده المنطقة العربية من متغيرات يستوجب الاهتمام والمتابعة، فضلا عن شكل التحالفات الإقليمية والتوازنات المستحدثة بين القوى الإقليمية ذات التأثير، وعلى رأسها تركيا وإيران إلى جانب دول الخليج العربية وشمال إفريقيا وتكتلات المصالح التي يمكن أن تتشكل بين القوى السياسية الجديدة التي برزت على الساحة الإقليمية مؤخرا.