تواصل سلطات الاحتلال الصهيونى سياسة التنكيل بالفلسطينيين في مدينة القدسالمحتلة، مستهدفة هذه المرة فئة معيّنة تعتبرها خط الدّفاع الأوّل عن القدس والمسجد الأقصى، وسط غياب تام للمؤسسات الوطنية الفلسطينية. فقد أقدمت قوات الاحتلال، فجر اليوم الأحد، على اعتقال نحو 20 شابًا واستدعاء آخرين لمراكز التحقيق التابعة لها؛ قبل أن تقوم بتسليمهم قرارات تقضي بإبعادهم عن المسجد الأقصى لمدد مختلفة. الناشط المقدسيّ عنان نجيب قال: إن سياسة الإبعاد عن المسجد الأقصى ليست جديدة، "لكنّ الاحتلال يسعى من خلالها إلى قتل الرّباط في المسجد وعدم الاعتكاف فيه". وأضاف، في حديث ل"قدس برس"، أن قضية الإبعاد لا تتم من خلال عناصر المخابرات الإسرائيلية، "بل هناك أيدٍ تُساعد الاحتلال على ذلك، فالاحتلال فشل خلال السنوات الماضية في الحصول على معلومات عن الشبّان المقدسيين". ومن الجدير بالذكر أن "عنان نجيب"، أحد النشطاء الذين اعتُقلوا مرارًا على خلفية الأحداث في القدس والمسجد الأقصى، وأُبعد عنهما لمدد متفاوتة ومستمرّة، بعد أن حاول الاحتلال إلصاق تهم متعددة له؛ أبرزها الانتماء لعدد من الفصائل الفلسطينية، وهو ما نفاه نجيب، معتبرًا أن ذلك "دليل تخبّط الاحتلال وسخفه"، متابعًا: "الاحتلال لا يعرف شيئًا عن المقدسيين". وأكّد أن الاحتلال يسعى من خلال سياسة الإبعاد إلى أمرين؛ قتل الرباط في المسجد الأقصى، ومحاولة التنكيل بالفلسطينيين في مدينة القدس، ويُريد الاحتلال من خلالها إلى إيصال رسالة للمقدسيين بأن من يقوم بالاقتراب من الأقصى، سيتم التنكيل به ليس فقط من خلال اعتقاله بل إبعاده أيضًا. وشدد على أن سلطات الاحتلال تُمارس "سياسية الانتقام" من المقدسيين لمجرد أنهم يدافعون عن المقدسات، لافتًا النظر إلى أن المواطن مصباح أبو صبيح (مقدسيّ ملقّب بأسد الأقصى) اعتقل ثلاث مرّات خلال أسبوع. مبينًا "أبو صبيح اعتُقل في المرّة الأولى واحتُجز لمدة ساعتين، وفي المرّة الثانية تم تسليمه أمرًا بمنع السفر خارج البلاد، والثالثة عندما اعتُقل مساء أمس وتم تمديد اعتقاله وسيُحاكم في محكمة الصلح الإسرائيلية اليوم". ومن خلال متابعة الإعلام العبري، فإن الإسرائيليين يتّهمون الشبّان المقدسيين والمرابطين في المسجد الأقصى بأنهم السبب وراء اندلاع انتفاضة القدس، ولذلك يتم السعي وراء التنكيل بهم بكافة الطرق والوسائل الممكنة. ومن وجهة نظر نجيب، فإنه لا يوجد أي طرف يعترف بالمقدسيين، "القدس خارج كافة الأطر السياسية في المنطقة". مبيّنًا أن "الأعداء تكاثروا على المقدسيين من كل الجهات؛ سواء العرب أو الاحتلال أو الأوروبيين، فجميعهم يعادون الوجود الفلسطيني في القدس". ويقول إنه خلال السنوات الثلاث الأخيرة، برزت حالة أسماها الاحتلال ب"الحراك الشعبي"، وحاكم عددًا من الشبان المقدسيين على أساس العمل فيها. مستطردًا "ومن الطبيعي أن يخرج هذا الحراك في ظل غياب دور المؤسسات الوطنية والرسمية في القدس"، مستدركًا: "نعم هناك العديد من المؤسسات التي تُعنى بشؤون القدس، لكن أين هي مما يحصل؟ وماذا قدّمت للمدينة وأهلها؟!". وبيّن "علينا البحث عن مرجعية تمثّلنا أمام العالم، فنحن أصحاب حق، فهذه الأرض لا تمثّل انتماءً للوطن وحسب بل انتماء لعقيدة، ويستحيل في يوم من الأيام- رغم كل السياسات الإسرائيلية- أن تتخلّى الأجيال الحالية والقادمة عن ذرّة تراب من القدس والمسجد الأقصى، ولن يقبلوا المساومة عليهما". واتهم الناشط المقدسي نجيب السلطة الفلسطينية بأنها "تخلّت بشكل كامل عن القدس، ولا يوجد أي تمثيل لها في المدينة إلّا من خلال بعض أبناء الأجهزة الأمنية". موضحًا أن عملهم قائم على رفض المقاومين وتسليم تقارير لقادة الأجهزة الأمنية، التي بدورها تسرّب التقارير إلى الجانب الإسرائيلي، وعلى أساسها يتم اعتقال الشبّان والحكم عليهم بالسجن الفعلي أو الإداري أو الإبعاد عن الأقصى والقدس، وفق نجيب. وأضاف أن على جميع الفصائل الفلسطينية أن تجتمع وتشكّل لجنة لرعاية مدينة القدس، "وهذا ما سيشكّل ثلث الرأي العام في المدينة كحد أدنى (...)". يُشار إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي ينتقم من المقدسيين بشكل مستمر وعلى مدار اليوم، فتكون البداية مع عمليات دهم واقتحام المنازل وترويع أفرادها وإصابة عدد من الشبّان نتيجة المواجهات المندلعة. وتكتمل ممارسات الاحتلال في اقتحام المنازل فجرًا لتنفيذ أوامر الهدم الإدارية لها، فتقوم بتشريد أهلها وتتركهم دون مأوى، ليلتحق ذلك سلسلة من مشاهد التفتيش الجسدي "المُهين" للشبّان وسط القدس؛ خاصة منطقة "باب العامود" و"شارع السلطان سليمان" و"باب الساهرة". ويستمرّ اليوم مع سلسلة من الاقتحامات الاستفزازية للبلدات والقرى المقدسية بالتزامن مع دخول عشرات الطلاب أو خروجهم من مدارسهم، أو مداهمة بلدية الاحتلال وطواقم الضريبة إمّا لتحرير مخالفات، أو توزيع أوامر هدم، أو الجباية.