رغم الغضب الشعبي الداخلي بأمريكا من عنصرية وتطرف الأطروحات السياسية والإعلامية للمرشح الرئاسي دونالد ترامب، عداءه الواضح للإسلام والمسلمين، وتسبب تصريحاته العدائية في مقتل إمام مسجد بنييويوك، إلا أن نظام الانقلاب العسكري في مصر سارع إلى التودد والتقرب إلى ترامب. وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية لوسائل إعلام، عن وجود اتصالات مباشرة وسرية بين أفراد في البعثة الدبلوماسية المصرية في واشنطن، وقيادة الحملة الانتخابية للمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب، لتنسيق التعاون في عدد من الملفات الإقليمية، ودراسة آفاق العلاقات المصرية الأمريكية في حالة فوز "ترامب" بالرئاسة.
الاتصالات بدأت منذ شهرين، وتحديداً بعدما أصبح في حكم المؤكد تسمية ترامب مرشحاً للحزب الجمهوري، في مواجهة مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، فيما أكدت المصادر أن "مصر لم تجرِ اتصالاتٍ مشابهة بقيادة حملة كلينتون، بل تكتفي فقط بالاتصالات الرسمية بين السفارة المصرية، والحزب الديمقراطي وإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما". ووفقاً للمصادر التي صرحت اليوم، لوسائل إعلام عربية، فإن الاتصالات أسفرت عن "تعهّد الجانب الجمهوري بتوثيق التعاون مع مصر في مجال مكافحة الإرهاب، والعمل على استمرار تدفق المساعدات الاقتصادية والعسكرية، ورعاية التحركات الإقليمية لعبدالفتاح السيسي، خصوصاً بما يخصّ القضية الفلسطينية والتقريب بين الفلسطينيين وإسرائيل. ترامب لا يهتم إلا بإسرائيل كما تشير المصادر إلى أن "فكرة إقامة دولة فلسطينية عاجلة على حدود الرابع من يونيو 1967، التي يدعو إليها السيسي مقابل التقارب مع إسرائيل، ليست ذات أولوية بالنسبة لترامب ومساعديه، لكن الأهم بالنسبة لهم، هو ضمان حماية إسرائيل ومصر من الأخطار الإرهابية المتوقعة من سيناء. وأوضحت المصادر أن الاتصالات بين الجانبين تضمنت أيضاً إبداء الدبلوماسيين المصريين اعتراضهم، وامتعاض السيسي من عدم دعوته رسمياً إلى واشنطن خلال فترة رئاسته، على الرغم من دعوته لجميع العواصم العالمية، بالإضافة إلى التعامل البارد من قبل إدارة أوباما مع الأوضاع الجديدة في مصر. ويرى مراقبون، أن "التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، أمنياً واستخباراتياً، ثم سياسياً، بالتضييق على تيارات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط وتحركاتها السياسية في الغرب، سيكون على رأس مجالات التنسيق بين السيسي وترامب، في حال فوز الأخير بالرئاسة الأمريكية". أهداف الانقلاب وحسب خبراء، يسعى السيسي لنيل المزيد من صفقات توريد الأسلحة بعد رفع الحظر الذي كان قد فرضه الكونجرس على الصادرات لمصر، إضافة لوقف الضغوط التي مارستها إدارة أوباما أخيراً بشأن أزمتي التمويل الأجنبي لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني، والأوضاع الحقوقية للمعارضين والسجناء. كما يرغب السيسي في في أن تتجاهل واشنطن سلبيات نظامه في ملفات الحقوق والحريات، والأمن، في ظل العديد من مساحات الاتفاق بين أفكار السيسي وأفكار المعسكر المتشدد داخل الحزب الجمهوري، الذي خرج منه ترامب، لا سيما الاتفاق على نظرية "معاداة الثورات الشعبية للحفاظ على كيانات الدول" التي لا يكف السيسي عن ترديدها، وذكرها ترامب أخيراً في خطابات عدة. وكان ترامب قد اختصّ السيسي، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني كنموذجين للزعماء الذين سيتعامل معهم "لمحاربة الإسلام المتطرف، ورفض ثقافة الموت التي يتبنّاها تنظيم "الدولة الإسلامية"، في مؤتمر دعائي عقده، يوم الأحد، كما اعتبر أنهما "من أصدقائه". وفي هذ المؤتمر انتقد ترامب إدارة أوباما "لاتخاذها سلسلة من القرارات الكارثية في الشرق الأوسط" كما انتقد ثورات الربيع العربي ضمنياً بقوله "كان لدينا في مصر حليف، ينتهج نظاماً علمانياً هو حسني مبارك الذي كنت ضد خلعه، فأنا ضد سياسة خلع وإسقاط الأنظمة في الشرق الأوسط، لما تسببه من فراغ تشغله التنظيمات الإرهابية كما يحدث في ليبيا". وتكاد كلمات ترامب في هذا السياق تتطابق مع خطابات السيسي المعادية للتيارات الإسلامية، والداعية لتجديد الخطاب الديني المتوارث، والتي تعتبر الثورات الشعبية كوارث تؤدي لانهيار الدول، ونجت منها مصر بسبب انقلابه على الرئيس محمد مرسي.