"لو كل كلب عوى ألقمته حجراً..لأصبح الصخر مثقالاً بدينارِ"، بيت من الشعر يتعين على رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الدكتور يوسف القرضاوي، ترديده بين الحين والآخر أمام نباح صبيان النظام الحاكم في الإمارات، وآخر هؤلاء النابحين وزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد، بعد أن اتهم القرضاوي بالتحريض على "العمليات الارهابية"! وهو ما جعل "القرضاوي" يتكلف عناء إلقاء تغريدة في وجه بن زايد، بالقول: "ردا على عبد الله بن زايد بأني أشجع العمليات الانتحارية، خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين، نعوذ بالله من شر الشياطين إذا ما انحلت أصفادها".
وكان وزير خارجية الإمارات كتب على صفحته الرسمية على تويتر: "هل تذكرون تحريم الشيخ الجليل بن باز رحمه الله للعمليات الانتحارية، هل تذكرون مفتي الإخوان القرضاوي عندما حرض عليها"؟ وقد نشرت التغريدة في مواقع إماراتية شبه رسمية مثل "إرم نيوز".
وفي تحريض شبه مباشر للسعودية على الشيخ القرضاوي، الذي كان في ضيافة العاهل السعودي في العمرة قبل أيام، قال بن زايد: "علينا أن نحاسب من حرض واسترخص دماء البشر وأجاز العمليات الانتحارية"!
حمورية شديدة!
من جانبه يقول البرلماني السابق "مصطفى النجار"، تعليقا على هجوم صبيان زايد:"الحملة اللى بدأت فى مصر على الشيخ القرضاوى اليومين دول مجاملة للناس اللى هاجمته فى الإمارات تتميز بحمورية شديدة وسطحية فكرية بالغة تليق بأوهام تجديد الخطاب الدينى اللى بقى لبانة على لسان كل مدعى اليومين دول المختلين عملوا هاشتاج اسمه ( القرضاوى مجرم حرب) وما عملوش هاشتاج مماثل لتونى بلير اللى تسبب مع جورج بوش فى قتل مليون ونصف عراقى !".
وفي وقت سابق شن المفكر الإسلامي ، حسن الدقي، أمين عام حزب الأمة الإماراتي، هجومًا شرسًا على حكومة بلاده لدعمها "الانقلاب" في مصر، بعد خيانة السيسي للرئيس محمد مرسي.
وقال الدقي:"للأسف موقف حكومة الإمارات لا يعبر أبدا عن موقف الشعب الإماراتي المتطلع للحرية والحريص على العلاقات المصيرية مع الشعب المصري، فقد وقفت الحكومة الإماراتية من أول يوم للثورة المصرية المباركة موقفا سيئا يتماشى تماما مع الموقف الأمريكي والموقف الإسرائيلي بالتخوف الشديد من أن تحكم مصر بواسطة الإسلاميين".
وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة "استخدمت حكومة الإمارات كحصان طروادة للمكر بالشعب المصري ورعاية رموز الفلول الهاربين والتواصل مع قيادات أجهزة الأمن، لوضع خطة الانقلاب ومدها بكل مستلزماتها، خاصة الدعم المالي والدعم الإعلامي للتأثير على الرأي العام المصري حتى وقوع الانقلاب العسكري وحرمان الشعب المصري من خياراته وتقرير مصيره".
مقاومة لا إرهاب!
ووضع "القرضاوي" تنبيهين في نهاية حديثه عن العمليات الاستشهادية في كتاب موسوعة "فقه الجهاد"، حيث أشار في التنبيه الأول إلى أنه أجاز "هذه العمليات للإخوة في فلسطين، لظروفهم الخاصَّة في الدفاع عن أنفسهم وأهليهم وأولادهم وحُرماتهم، وهي التي اضْطرَّتهم إلى اللجوء إلى هذه العمليات؛ إذ لم يجدوا بديلا عنها، ولم نُجِز استخدام هذه العمليات في غير فلسطين، لانتفاء الضرورة الموجبة أو المبيحة.
وقياس البلاد الأخرى على فلسطين، كالذين يستخدمون هذه العمليات ضدَّ المسلمين بعضهم بعضا، كما في الجزائر ومصر واليمن والسعودية والعراق وباكستان وغيرها، هو قياس في غير موضعه، وهو قياس مع الفارق، فهو باطل شرعا، ومثل هؤلاء: الذين اتَّخذوها ضدَّ أمريكا في عُقر دارها، مثل أحداث 11 سبتمبر 2001م، فلا تدخل في هذا الاستثناء.
أما التنبيه الثاني الذي أشار إليه القرضاوي في كتابه، فهو أنَّ "الإخوة في فلسطين قد أغناهم الله عن هذه العمليات، بما مكَّنهم من الحصول على صواريخ تضرب في عُمق إسرائيل ذاتها، وإن لم تبلغ مبلغ الصواريخ الإسرائيلية، ولكنها أصبحت تؤذيهم وتقلقهم وتزعجهم، فلم يعد إذن المعوّل على العمليات الاستشهادية، كما كان الأمر من قبل، فلكلِّ حالة حكمها، ولكلِّ مقام مقال. والفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والحال"، حسب النص في الصفحة 1198 من الكتاب.
داعش والقرضاوي
وفي وقت سابق كشف الدكتور يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، النقاب عما وصفه ب"الفيديوهات المجتزئة"، والتي تناولتها وسائل الإعلام مؤخرًا، بخصوص انتماء أبو بكر البغدادي، خليفة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش".
وفي بيان صادر عن مكتب القرضاوى، أكد أن موقفه من "داعش"، والتي وضعها ضمن الحركات المتطرفة لم يتغير، وأنها تحيد عن منهج الإسلام الوسطى.
وأضاف أنه يختلف معهم في المنهج والوسائل والآليات، ويعارض تساهلهم في الدماء المعصومة، والطريقة البشعة التي يقتلون بها مخالفيهم، وبأن جماعات عنف تحارب الفكر الوسطي الذي يمثله الشيخ، وداعش وأمثالها تكفر الإخوان، ولا تعترف بمرجعية العلماء الوسطيين، وتعتبرهم مرتدين، ويتوعدونهم بالذبح، بحسب البيان.
مقاصد الشريعة
وتحتل مقاصد الشريعة منزلة كبرى في تفكير الشيخ يوسف القرضاوي، فهو من أبرز علماء الإسلام المعاصرين اهتمامًا بالمقاصد، سواء على مستوى التنظير والتفكير أو مستوى التنزيل والتطبيق، يهيمن الفكر المقاصدي على كل ما يكتب، ترى هذا الاهتمام وهذه الهيمنة في فتاواه وفي كتبه، لا سيما الفقهية منها، وتلحظه في تعليله للأحكام، كما يعتبر المقاصد معولاً أساسيًّا في الترجيح والوصول إلى حكم من الأحكام الشرعية، وشرطًا أساسيًّا لا بد من توافره كي يبلغ الفقيه درجة الاجتهاد.
فإذا دعا القرضاوي إلى التيسير في الفتوى أو التبشير في الدعوة فلأنَّ التيسير ورفع الحرج من مقاصد الشريعة، وإذا دعا إلى الوصل بين الفقه والحديث وربط الكليات بالجزئيات فمرجعه لنفس السبب، وإذا دعا إلى التأمل في فقه السنن فلأنه من ثمرات العلم بالمقاصد، وإذا دعا إلى رعاية المآلات والأولويات والموازنات، ومراعاة الترتيب السلمي المقاصدي من ضروريات وحاجيات وتحسينيات، أو مراعاة فقه النِّسب أو مراتب الأعمال فلأن ذلك كله مرجعه لمقاصد الشريعة العليا.
وإذا قال بوجوب الأخذ بأدب الاختلاف وفقهه لتوحيد الأمة فلأن الوحدة والقوة مقصد إسلامي عام، وما يؤكد على ذلك قوله: "وفي رأيي أن فقه المقاصد هو أبو كل هذه الألوان من الفقه؛ لأن المعنيّ بفقه المقاصد هو: الغوص على المعاني والأسرار والحكم التي يتضمنها النص، وليس الجمود عند ظاهره ولفظه، وإغفال ما وراء ذلك".
أبرز المفكرين
احتل فضيلة العلامة د. يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، المرتبة الثالثة بين أبرز المفكرين على مستوى العالم وفق استطلاع دولي أجرته مجلتا "فورين بولسي" الأمريكية و"بروسبكت" البريطانية.
وقالت مجلة "فورين بولسي" الأمريكية: إن الشيخ القرضاوي "من خلال برنامج الشريعة والحياة الذي تبثه قناة الجزيرة الفضائية يصدر فتاوى أسبوعية تتطرق لكافة مناحي الحياة"، مثل موقف الإسلام من تناول كافة أنواع الخمور، وما إذا كانت مقاتلة القوات الأمريكية في العراق تعد شكلا مشروعا من أشكال المقاومة.
وكشفت نتائج الاستطلاع التي نُشرت مؤخرا أن أبرز عشر شخصيات التي اختارها المستطلعة آراؤهم، من بين الشخصيات العشرين الأكثر تأثيرا على مستوى العالم لهذا العام، هم علماء دين، ومفكرون واقتصاديون، وأدباء مسلمون، حيث صوّت أكثر من 50 ألف شخص على مدار الأسابيع الأربعة الماضية لاختيار 20 شخصا يشكلون بأفكارهم اتجاهات الرأي العام، وذلك من بين قائمة ضمّت 100 شخصية في كافة التخصصات.
جدير بالذكر أنه ومنذ عدة سنوات، تتخذ الإمارات العربية المتحدة ووزارة خارجيتها العديد من المواقف الداعمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي، والتي تتضاد بوضوح مع مصالح الفلسطينيين، المباشرة وغير المباشرة.
وباستثناء عملية اغتيال الشهيد محمود المبحوح في دبي عام 2010، فإن “إسرائيل” حالياً تتمتع بعلاقة قوية جداً مع الإمارات يمكن وصفها بالأفضل بين دول الخليج. ففي عام 2013 استضافت الإمارات مؤتمراً للطاقة المتجددة شاركت “إسرائيل” فيه بقوة. بالإضافة إلى افتتاح ممثلية إسرائيلية في أبو ظبي، فضلا عن التقارير التي تؤكد عن العلاقات التجارية الوطيدة بين إسرائيل والإمارات.
وأثبتت تقارير إعلامية تعاون الإمارات مع دولة الاحتلال خلال الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، إذ قدمت الإمارات معلومات استخباراتية لدولة الاحتلال عن طريق أطقم إماراتية وصلت إلى قطاع غزة وسط الحرب.
وفي وقت سابق قام موقع ويكيليكس بتسريب وثائق تثبت علاقة وطيدة بين تل أبيب وأبوظبي، وكان من ضمن ما أوردته الوثائق تمتع عبدالله بن زايد بعلاقات شخصية جيدة مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية حينها (عام 2009) تسيبي ليفني، والتي أعرب بن زايد عن أن الإماراتيين غير مستعدين للإفصاح عنها على الملأ.