جملة من المكسب حققتها مظاهرات اليوم الجمعة 15 أبريل رفضًا للأوضاع الراهنة تحت حكم الانقلاب العسكري وخصوصًا التفريط في جزيرتي "صنافير وتيران" للمملكة العربية السعودية مقابل حفنة من "الرز" بلغت 25 مليار دولار في إطار صفقة ترسيم الحدود البحرية بين البلدين التي أقرها السيسي بعيدًا عن الشعب وحتى البرلمان الذي صنعه على عينه. إنهاء ثنائية العسكر والإخوان
أول المكاسب على الإطلاق هو إنهاء ثنائية العسكر والإخوان، فالحركة الإسلامية تناضل منذ انقلاب 3 يوليو 2013 من أجل استرداد المسار الديمقراطي الذي أجهضه السيسي في ظل دعم معظم القوى الليبرالية واليسارية، وبرر بعضها جرائم الانقلاب الرهيبة بحق الإسلاميين، وعلى رأسهم الإخوان المسلمون، ولكن يحسب للحركة الإسلامية أنها حافظت على الزخم الثوري رغم التضحيات الجسام التي لا يمكن إنكارها..
شيئًا فشيئًا بدأت هذه القوى الليبرالية واليسارية تدرك أنها فعلاً أمام انقلاب عسكري دموي خصوصًا بعد قانون التظاهر سبتمبر 2013 ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية وتراجع الجنيه وارتفاع الأسعار بصورة جنونية كان السيسي يفقد رصيده يوما بعد آخر مع التفريط في جزيرتي صنافير وتيران أدرك الشعب أنه أمام عميل خائن ومع جريمة مقتل ريجيني أدرك العالم أن الانتهاكات من جانب النظام غير مسبوقة ولا يمكن تصورها؛ ما أكسب الحراك الشعبي تعاطفًا كبيرًا على المستوى الدولي يمكن توظيفه مستقبلاً في إطار عمل ثوري متصاعد.
وبهذا انتهت خرافة العسكر والإخوان، وانضمت القوى الليبرالية واليسارية إلى الحراك الاحتجاجي، وسط توقعات مراقبين بدخول فئات شعبية واسعة إلى الحراك حتى يتحول إلى ثورة حقيقية بأدوات الثورة القادرة على اقتلاع الحكم العسكري إلى الأبد.
طارق الزمر، رئيس حزب البناء والتنمية، يؤكد هذا المعنى في تدوينة له اليوم وقال الزمر, خلال تغريدة له على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي: "ثورة يناير أمامها اليوم "فرصة ذهبية" للخروج من ثنائية العسكر، والإخوان التي غرستها الثورة المضادة، فهل ننجح؟"، داعيًا إلى تجنب الخلافات والتوحد خلف هدف واحد هو إسقاط الانقلاب.
من جهتها، نشرت حركة شباب 6 أبريل على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي، بعد إعلانها مشاركتها الجمعة: "خلوا النهاردة بداية جديدة، أهم من الشعارات ومن الترتيبات ومن الصراع السياسي كله، اللي نازل اليوم نازل يقول أنا هنا.. لسة موجود ولي رأي وصوت وقيمة".
وتابعت الحركة: "إحنا مع بعض أقوى.. ولسه فيه كتير قابضين على جمر الحلم والأمل.. لسة ثورة يناير عايشة وأثرها فينا باقٍ رغم كل اللي حصل.. دم آلاف الشهداء وتعب آلاف المعتقلين مراحش هدر ومش هيروح هدر.. اليوم نقدر نبنى أول طوبة في جدار الأمل ونهدم جدار الخوف.. ربما لو لم يكن هذا الجدار.. ما عرفنا قيمة الضوء الطليق".
الشارع يستعيد شرعيته وهيبته
ويرى الكاتب الصحفي جمال سلطان أن من أهم مكاسب اليوم هو استرداد الشارع شرعتيه وهيبته وكتب ذلك في مقال له بعنوان "جمعة الأرض .. الشارع يستعيد شرعيته وهيبته".
يقول سلطان: "المظاهرات التي حدثت اليوم، وما زالت مستمرة حتى كتابة هذه السطور، ليست بضخامة احتجاجات يناير 2011، هذا صحيح، ولكنها مؤشر لا تخطئه أعين المختصين، في علوم السياسة أو الأمن أو الاجتماع، على أنها بداية حراك شعبي واسع أعلن عن مولده، وأنه سيجرف في الطريق المزيد من المتعاطفين وصولاً إلى نقطة لا يعرف إلا الله مداها الآن".
كسر حاجز الخوف
وبحسب سلطان فإن من المكاسب المهمة اليوم هو كسر حاجز الخوف حيث يضيف الكاتب "الآلاف التي خرجت اليوم في أنحاء عديدة من مصر، في القاهرة والاسكندرية والمنصورة وغيرها من المدن ، مثلت كسرا لحاجز الخوف الذي عملت الدولة على صناعته طوال ثلاث سنوات تقريبا منذ 3 يوليه ، بفعل ممارسات عنيفة ودموية للغاية من قبل الجهاز الأمني إضافة إلى إجراءات قانونية شديدة القسوة زجت بالآلاف خلف أسوار السجون بتهم التظاهر أو الإخلال بالأمن أو تهديد السلام الاجتماعي أو غير ذلك من اتهامات، وهي إجراءات شكّلت حاجزًا رهيبًا يحول دون التظاهر، ولكن الآلاف قرروا اليوم كسر هذا الحاجز غير عابئين بأي نتائج".
من جانبه يؤكد الدكتور أيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، أن الشعب المصري كسر حاجز الخوف والاستقطاب خلال المظاهرات التى اندلعت اليوم، وأضاف نور خلال تدوينة له على مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائلاً إنها بداية النهاية وأن المظاهرات استعادت روح 25 يناير.
يناير ما زالت حية نابضة
ويرى سلطان أن "مظاهرات "جمعة الأرض" حدث لافت بالفعل، وتحول جديد في الحالة السياسية المصرية، وتمثل نقلة جديدة وخطيرة في مسار 3 يوليو وتحديًا خطيرًا أيضًا لنظام السيسي؛ لأنها المرة الأولى الذي ترفع فيها لافتة "ارحل" في تلك المرحلة مثلما لاحظت وكالة رويترز في تقريرها، وتحمل مظاهرات اليوم دلالتين أساسيتين، الأولى أن ثورة يناير ما زالت حية ونابضة في ضمير هذا الجيل من المصريين، وأن مطالبها في الحرية والكرامة والعدالة، ما زالت تمثل المشروع السياسي الوحيد الذي يرضي هذا الجيل، وأن أي نظام سياسي يتجاهل هذا المشروع وتلك المعالم لا يملك فرصة للحياة.
فشل مؤسسات الانقلاب
وبحسب سلطان أيضًا، فإن "الملاحظة الثانية التي تكشف عنها المظاهرات الجديدة فتتمثل في أن كل الهياكل المؤسسية التي تم بناؤها منذ 3 يوليو 2013 وحتى الآن، من حكومة وبرلمان ومنظومة تشريعية، فشلت فشلا ذريعا في ملأ الفراغ السياسي، كما فشلت في أن تسحب "القرار" من الشارع، وبعد موجة القمع التي امتدت قرابة ثلاث سنوات وتجميد شبه كامل للحراك السياسي الثوري، ها هو الشارع يستعيد قراره ويستعيد شرعيته ويستعيد هيبته ، ويتقدم ليملأ الفراغ ، بينما البرلمان الذي تم إنجازه قبل حوالي ستة أشهر ما زال حتى الآن عاجزا عن أن يكمل "لائحته الداخلية" في مشهد تعجز الكوميديا السوداء عن محاكاته".