اتهمت مجلة "إيكونوميست" البريطانية حكومة الانقلاب في مصر بالتلكؤ في الكشف عن قاتل الطالب الإيطالي جيوليو ريجيني "28"سنة، والذي تم العثور على جثته في حفرة بالقرب من إحدى ضواحي مدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة. جاء ذلك في سياق مقال تم نشره، الأربعاء، تحت عنوان «الشكوك تحوم حول السلطات الأمنية المصرية بعد القتل العنيف للشاب الإيطالي». وقالت المجلة «رغم مشاركة الجانب الإيطالي في قضية مقتل ريجيني؛ لكن يبدو أن الحكومة المصرية تتلكأ في الكشف عن القاتل؛ حيث أهملت السلطات جمع براهين قد تلقي الضوء على وفاته، مثل لقطات فيديو من كاميرات مراقبة بالقرب من مكان اختفائه». وأضاف المقال أن السلطات المصرية تظهر القليل من الاهتمام في حل قضية مقتل الباحث الإيطالي جيوليو ريجيني، فبعد اختفاء طالب جامعة كامبريدج الإيطالي في القاهرة يوم 25 يناير الماضي، قام شخص ما باقتلاع أظافر يديه وقدميه، وحرقه بسيجارة، وضربه حتى الموت. ووُجدت جثته نصف عارية، بعد تسعة أيام على جانب طريق صحراوي». وتابع المقال «التشريح الإيطالي لجثة ريجيني أشار إلى تعرضه لعنف حيواني مجرد من الإنسانية، وفقا لوزير الداخلية الإيطالى إنجيلينو ألفانو». تورط الأجهزة الأمنية وأبرز المقال الشكوك حول تورط الأجهزة الأمنية المصرية، التي وصفها بذات السمعة الوحشية في مقتل ريجيني، لافتا إلى أن بحث الطالب الإيطالي كان يتركز حول الحركات العمالية في مصر، ويكتب بشكل متقطع للصحيفة الإيطالية اليسارية "المانيفستو". وأشارت المجلة إلى أن طبيعة بحث ريجيني ربما قاده إلى اتصالات بجماعات تعتبرها الدولة أعداء لها، مثل جماعة الإخوان المسلمين. وحشية الشرطة المصرية وحول الانتهاكات المتزايدة للشرطة قالت المجلة، «بالرغم من أن انتهاكات الشرطة ساعدت على إشعال انتفاضة 2011، لكن القوات الأمنية في عهد السيسي زادت درجة توحشها، إنهم يزجون بالمصريين في السجون لاتهامات واهية، وكان الأمر في البداية مقتصرا على الإسلاميين، لكن الآن يبدو أن أي شخص يناهض الحكومة بات مستهدفا». وأضافت «عشرات الآلاف من السجناء السياسيين يقبعون في السجون، التي يقول حقوقيون إن ممارسات الضرب والإكراه والتعذيب باتت شائعة بداخلها. ويعتقد أن المئات محتجزون سرا، كما توفي العشرات في أماكن الاحتجاز». ولفت المقال إلى أن الحكومة تنكر معظم هذه الاتهامات، لكن الضغوط تتزايد عليها. تواطؤ قضائي وتحقيقات فارغة وبعد استعراض المقال لعدد من جرائم الشرطة واتهامها بانتهاك حقوق الإنسان، لفت المقال إلى الجمعية العمومية للأطباء، والتي تم عقدها يوم الجمعة 12 فبراير الماضي، احتجاجا على اعتداءات أفراد شرطة على طبيبين بمستشفى المطرية بالقاهرة. واتهمت المجلة القضاء بالتواطؤ في توثيق ومعاقبة عناصر الشرطة الذي اتهموا بجرائم وحشية، وأن التحقيقات التى تجريها السلطات المصرية بحق معظم الحوادث التي وقعت باءت بالفشل ولم تصل إلى نتيجة. وقالت المجلة «قرارات قضائية حديثة تلقي الضوء على غياب المساءلة، مثل تبرئة ضابط شرطة كان قد حكم عليه بالمؤبد بتهمة تعذيب معتقل إسلامي، بدعوى الاشتباه في تفجير كنيسة بالإسكندرية عام 2011. وكان شرطيان آخران قد نالا البراءة بعد أن تلقيا أحكاما بالحبس المؤبد في وقت سابق. وفي قضية مقتل الناشطة شيماء الصباغ أثناء مشاركتها في مسيرة سلمية في يناير 2015، بدا في البداية أن العدالة أخذت مجراها عندما حكم على ضابط شرطة بالسجن 15 عاما، ولكن في 14 فبراير الجاري، أسقطت محكمة استئناف الحكم، وأمرت بإعادة محاكمة الضابط. وحول عدم جدوى التحقيقات في مصر، استعرض المقال فشل السلطات في الوصول إلى نتائج ملموسة بشأن قتل الجيش 8 سياح مكسيكيين كانوا يتنزهون في الصحراء في سبتمبر الماضي، وقد ألقى اللوم، وفقا لتقارير، على شركة السياحة بدعوى وضعها السياح على خط النار. ولم تنشر نتائج التحقيقات، وتم حظر النشر في القضية، أضف إلى ذلك أن الحكومة لم تنته بعد من التحقيق في سقوط طائرة الركاب الروسية في أكتوبر الماضي، وخلصت دول أخرى، بينها روسيا، إلى أن عملا إرهابيا نفذه تنظيم موالٍ لداعش وراء السقوط. لا يمكن التعويل على تحقيقات مصرية وينتهي المقال إلى ضرورة عدم التعويل على تحقيقات الجانب المصري في قضية مقتل ريجيني، متهما الحكومة المصرية بالتلكؤ وعدم الاكتراث في جمع أدلة وبراهين من شأنها الكشف عن القاتل، منها مقاطع فيديو في كاميرات مراقبة بالقرب من المكان الذي تم فيه احتجاز ريجيني. واعتبر المقال أن التعويل على الجانب المصري- على الرغم من ضغوط الحكومة الإيطالية والإعلام- يعد نوعا من الخفة والسذاجة.