فجأة ودون مقدمات أصبح النقاب فى مصر خطر داهم يهدد الأمن القومي ويحارب الهوية المصرية ويتعارض مع العادات والتقاليد فى دولة العسكر، وهو ما استوجب معه حكما قضائيا بحظر النقاب فى الجامعات كمقدمة لشن حرب شعواء على المنقبات فى الشوارع والميادين واعتقال من يرتدي الزي المحظور. الحكم غير المفاجئ يأتي بالتزامن مع تصاعد الأصوات الإعلامية الموالية للنظام العسكري ضد الحجاب اعتباره عادة لا تمت للإسلام بصلة، ودخيل وهابي على الثقافة المصرية من البيئة الخليجية، حيث أطلقت دولة السيسي آل الشوباشي من أجل الطعن فى الحجاب الإسلامي من خلال دعوة "شريف" لمليونية خلع الحجاب و"فريدة" للسخرية من الحجاب وإطلاق مبادرات مصر دون حجاب، ضمن ثورة قائد الانقلاب الدينية.
ومع إصدار جابر نصار –رئيس جامعة القاهرة المقرب من الأجهزة الأمنية- قرارا بمنع دخول المنقبات إلى الحرم الجامعي وحرمان المدرسات من أداء مهمتهم بغطاء الوجه، حرص السيسي على أن يحصن القرار الفاشي بحكم قضائي يمنع الطعن على القرار، فكان شامخ العسكر فى الموعد وقضت محكمة القضاء الإداري بحظر عمل المنقبات في الجامعات.
وتجاهل الشامخ 4 دعاوى قضائية أقامها عدد من المحامين نيابة عن 80 باحثة منقبة في جامعة القاهرة لإلغاء قرار الجامعة 1448 لسنة 2015 القاضي بحظر النقاب لأعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة من طلاب الدراسات العليا داخل المعامل البحثية ومراكز التدريب العلمية لطلبة الدراسات العليا.
ولم تلتفت منصة العسكر إلى تأكيد الدعاوى على أن قرار رئيس جامعة القاهرة "باطل بنص الدستور" حيث تنص المادة 53 من الدستور على أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي، أو الجغرافي.
ولأن دستور العسكر لا يغدو كونه حبر على ورق بلا قيمة أو تفعيل فى دولة الصوت الواحد، دهش الانقلاب النص القانوني الذي يشدد على أن "الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة، ويكلف القائمون عليها بخدمة الشعب، وتكفل الدولة حقوقهم وحمايتهم وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي إلا في الأحوال التي يحددها القانون".
وعلى نحو متسارع أطلق الانقلاب أذرعه الإعلامية من أجل التطبيل للقرار باعتباره انتصار للهوية المصرية على تلك الظاهرة الوهابية، حيث تحرك إبراهيم عيسي –عبر برنامجه على فضائية "القاهرة والناس" ليبارك الحكم العنصري ويقدم التبريرات العسكرية التى تؤكد أن الحكم يصب من النواحي العلمية والدينية فى صالح الدولة المصرية.
وتجاهل عيسي سنوات من التواصل العلمي بين استاذة الجامعات المنتقبات والطلاب دون معوقات، ليزعم أن النقاب يتعارض مع اهمية الصلة مع التلاميذ ومراقبة تعبيرات الوجه التى تدخل فى صلب العملية التعليمية، وفى حال خوف المدرسة من الفتنة فعليها أن تغادر المنظومة على الفور.
واعتبر الإعلامي أنه يجب الركون إلى العقل والعلم فقط فى هذا الشأن وتعميم القرار على كافة المدارس وليس الجامعات فقط وأن يسلك وزير التربية والتعليم فى حكومة العسكر الشربيني الهلالي نهج جابر نصار، لأنه لا مجال فى هذا الشأن للنظر إلى العادات أو الوهابية أو السلفية أو المزايدات أو التزمت أو التحريض السلفي ضد أصحاب الأراء. –بحسب تعبيره-
ويسخر السيسي كافة أذرع الانقلاب فى القضاء والأوقاف والإعلام من أجل مواصلة ثورته على الدين، والتى أعلن عنها على رأس العمائم قبل عامين فى احتفالية المولد النبوي، من أجل طمس الهوية الدينية والإطاحة بتيار الإسلام السياسي من المشهد، لضمان ترسيخ أركان الحكم العسكري وتنفيذ الأجندة الغربية التى تقضي بالتخلص من كافة المظاهر الدينية فى المجتمع وتمييع المناهج الدراسية بما يتماشي مع النظرة الغربية.