انتقدت دراسة قانونية صادرة في القاهرة، الأربعاء 11 نوفمبر، فوضى التشريعات القانونية في غيبة السلطة التشريعية، بعد ثورة يناير 2011 وانقلاب 30 يونيو 2013، وأكدت أنها انتصرت للفساد وقمعت الحقوق والحريات. واستنكرت مبادرة الحقوق الشخصية (مبادرة مجتمع مدني مستقلة) توسع رؤساء ما بعد الثورة في إصدار القوانين، والتي وصلت إلى 300 تشريع. وأشارت المبادرة في دراستها، التي صدرت تحت عنوان "للضرورة أحكام"، إلى عدم وجود ضرورة تبرر إصدار تلك القوانين في غيبة ممثلي الشعب، داعية البرلمان القادم إلى بحث تشريعات الفترة الماضية وإمكانية تعديلها أو إلغائها وإدخال تعديلات تقيد اللجوء لتشريعات الضرورة. وقال مدير وحدة الحريات المدنية في المبادرة، عمرو عبد الرحمن، خلال إطلاق التقرير الأربعاء، "هذه الحركة التشريعية النشيطة تمس تقريبا كافة جوانب الحياة العامة للمصريين"، وحذر من تقييد تلك التشريعات للحريات العامة وتأثيرها سلبا على الحقوق الاقتصادية. فيما لفت طارق عبد العال، كاتب التقرير إلى أن مفهوم الضرورة التي تسمح لرئيس الجمهورية بإصدار تشريعات في غيبة البرلمان يقوم في الدساتير الدولية على أن تكون لهذه التشريعات ضرورة مجتمعية وحاجة عاجلة بحيث يترتب على التأخر في إصدارها آثار سلبية لا تمكن معالجتها. وأشار عبد العال إلى أن الدستورين البرازيلي والإسباني كانا من أفضل نماذج الدساتير التي وضعت ضمانات تقيد رئيس الجمهورية في إصدار تشريعات تمس الحقوق والحريات في غياب البرلمان. وينص الدستور المصري الذي أقرته سلطات الانقلاب على حق رئيس الجمهورية في إصدار قرارات بقوانين "إذا كان مجلس النواب غير قائم"، على أن يتم عرض هذه القوانين على المجلس، واعتمادها خلال 15 يوما من انعقاده. وبحسب عبدالعال، أثارت هذه المادة جدلا حول قدرة المجلس على مناقشة الكم الكبير من القوانين التي صدرت في غيابه خلال المهلة القصيرة التي ينص عليها الدستور. وطرحت الدراسة العديد من التساؤلات حول مدى ضرورة تشريعات صدرت بقرارات من الدولة منذ الثورة، إذ أشارت إلى المرسوم الصادر في من جانب المجلس العسكري في يناير 2012 بتعديل بعض أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، والذي أجاز التصالح مع المستثمرين فيما يُرتكب من جرائم متعلقة بممارسة أنشطتهم. وأوضحت أن هذا التعديل ربط التصالح بأن يرد المستثمر الأموال أو العقارات محل الجريمة أو ما يعادل قيمتها السوقية وقت ارتكاب الجريمة، "وهو ما يعني عمليا أن يستفيد المجرم من متحصلات جريمته" كما تقول الدراسة، حيث "كان الأحرى أن يأتي النص الخاص بالتقييم المادي مرتبطًا بوقت التسوية وليس بوقت ارتكاب الجريمة". وبعد أحداث 30 يونيو أصدر المؤقت عدلي منصور في سبتمبر2013 قرارا بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم المناقصات والمزايدات، يتيح في بعض التعاملات إمكانية ترسية العقود بالأمر المباشر. وترى الدراسة أن "هذا القرار بقانون، نموذج لسوء استخدام سلطة القرارات بقوانين من قبل الجهة التنفيذية"، متسائلة عن طبيعة الظروف الطارئة التي تستدعي التحلل من الإجراءات الواجبة الاتباع وفقًا للقانون، وتمنح سلطة استثنائية لرؤساء المصالح والهيئات. وعلى مستوى القوانين المتعلقة بالعدالة الجنائية، رأت الدراسة أن سلطات الانقلاب أصدرت "الكثير من القرارات بقوانين، والتي تتسم جميعها بالشدة والتغليظ في العقاب دونما مقتضى، وكذلك برفع حدود الغرامات على نحو غير مسبوق". وأشارت الدراسة إلى التعديل التشريعي المتعلق بتمديد الحبس الاحتياطي في الجرائم المعاقب عليها بعقوبتي الإعدام والسجن المؤبد وجعلها دون حد أقصى، معتبرة أنه يمثل "عقابًا مسبقًا قبل الإحالة إلى محكمة الموضوع ... ذلك التعديل أو التدخل التشريعي يعد مصادِرًا لحريات المواطنين". كما اعتبرت الدراسة أن العديد من تشريعات السلطة التنفيذية في مجال العدالة الجنائية "قد أتت في أمور تمت بالفعل معالجتها في أكثر من موضع في قانون العقوبات، ولم تكن البنية التشريعية المصرية في حاجة إلى إضافة ما جاء من قرارات بقوانين إلى ترسانة التشريعات المصرية، المكتظة بطبيعة الحال من كثرة ما ورد عليها من تعديلات".