أثار لقاء وفد أمريكي رسمي لعدد من ممثلي منظمات حقوق الإنسان المقربة من نظام السيسي؛ بدعوى التعرف على وضع حقوق الإنسان في مصر، تساؤلات حول مدى اهتمام الولاياتالمتحدة بملف حقوق الإنسان في مصر، وما إذا كانت الإدارة الأمريكية تجهل الانتهاكات الصارخة لتلك الحقوق خلال العامين الماضيين، وما أسباب اقتصار اللقاءات على منظمات وشخصيات تابعة للنظام الحالي، وتجاهل لقاء المنظمات الحقوقية المستقلة، والاطلاع على الملفات الموثقة التي بحوزتها. كان من ضمن الشخصيات التي التقي بها الوفد الامريكي حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، والذي نقل للوفد صورة وردية عن وضع حقوق الإنسان في مصر، زاعما أن الشعب المصري ينتقد مساندة الولاياتالمتحدة لجماعة الإخوان المسلمين. من جانبه، حاول ناصر أمين، رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إمساك العصا من المنتصف، وتحدث مع الوفد الأمريكي عن محاربة مصر للإرهاب، إلا أنه انتقد أوضاع السجون والتعامل مع المنظمات الحقوقية، وقال "أمين": إن الأوضاع داخل السجون وأقسام الشرطة صعبة للغاية؛ لما تعانيه من تكدس شديد، والذى يؤدى بدوره إلى العديد من المشاكل التى تتطلب إخلاء سبيل المحبوسين احتياطيا بكفالات مالية كبديل لعقوبة الحبس التى تحولت من إجراء احترازى إلى عقوبة سالبة للحريات. وأضاف "أمين" أن المنظمات الحقوقية تشهد حملة اغتيال معنوى منظمة من وسائل الإعلام، مطالبا بضرورة إعداد قانون ينظم عمل الجمعيات الأهلية ويضمن استقلالها، دون تدخل الحكومة والجهات الإدارية والأمنية بالدولة، مؤكدا ضرورة وجود ضمانات لاحترام حقوق الإنسان، وما يتطلبه ذلك من استصدار تشريعات تضمن عدم المساس بالحقوق الأساسية. وأكد أنه لا مبرر على الإطلاق لانتهاك أى من تلك الحقوق فى إطار الحرب على الإرهاب، مشيرا إلى أنه من المفترض على الحكومة المصرية أن تضع تصورات لحماية الحقوق الأساسية من الانتهاك مثلما تضع خططا أمنية لمكافحة الإرهاب. ويري مراقبون أن أوضاع حقوق الإنسان في مصر لم تعد خافية على أحد، لا سيما الإدارة الأمريكية، مشيرين إلى وجود العديد من التقارير الصادرة بهذا الشأن من منظمات دولية ومحلية مستقلة تفضح تلك الانتهاكات، من بينها ما رصده مركز "النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب"، والذي رصد بالتواريخ والأسماء والتفاصيل موت حوالي 130 معتقلا في سجون العسكر خلال الأربعة أشهر الماضية فقط (36 في يوليو، و14 في يونيو، و10 حالات في أبريل، و23 حالة في مايو، و42 حالة في مارس الماضي). ورصد المركز، في شهر "يوليو" الماضي، 36 حالة وفاة خلال شهر يوليو، من بينهم 14 طلقا ناريا فى مطاردات مع الأمن، و12 حالة تصفية، و5 نتيجة الإهمال الطبى، و3 نتيجة التعذيب، و2 بسبب طلق نارى فى مشاجرة مع ضباط شرطة، وحالة دهس بدراجة بخارية لضابط مرور، في حين رصد في شهر "يونيو" الماضي، 14 حالة وفاة فى السجون والأقسام بأمراض السرطان والفشل الكبدى والإهمال الطبى والتعذيب والاختناق، والهبوط الحاد فى الدورة الدموية، مشيرا إلى أن الشهر شهد 36 حالة تعذيب، بينهم فتاتان، فضلا عن 5 حالات تعذيب جماعى فى معسكر الأمن المركزى ببنها، وسجن طلخا، وقسم شرطة طلخا، وقسم شرطة فاقوس، وسجن ميت سلسيل.
أما في شهر "مايو"، فرصد المركز 49 حالة تعذيب، و23 وفاة، و20 إهمال طبى، و19 حوادث اختفاء قسرى، و6 تكدير وتشريد جماعي، و6 حالات نٌفذ فيهم حكم الإعدام، و3 اتٌخذوا رهائن للضغط على أقاربهم لتسليم أنفسهم ، في حين كشف المركز عن وجود 10 حالات وفاة خلال شهر أبريل الماضي داخل مناطق الاحتجاز، و68 حالة تعذيب، و14 حالة إهمال طبى، والقبض على 6 أشخاص كرهائن لحين تسليم ذويهم أنفسهم، من بينهم نساء ، بالإضافة الي رصد وقوع أكثر من 147 حالة تعذيب، و42 حالة وفاة داخل الأقسام والسجون، ومحاولة انتحار واحدة لطالب بلغ من العمر 17 عاما داخل قسم سيدي جابر، هربا من الاعتداء الجنسي والانتهاكات المتكررة معه داخل الزنزانة، في شهر مارس الماضي.