استنكر الدكتور محمد عمارة -المفكر الإسلامي- هجوم الشاعر السوري "أدونيس" على الثقافة العربية والإسلامية، التي وصفها بأنها ثقافة لا تعلّم سوى الكذب والرياء والنفاق، داعيًا إلى إحداث قطيعة معرفية مع التراث، وهدم الثوابت، وإحداث المتغيرات. أكد د. عمارة -في مقال افتتاحية مجلة الأزهر، بعددها الصادرة أمس الأربعاء- أن العلماء يرفضون هذا الغش الثقافي الذي روّج له الحداثيون العرب، مشيرًا إلى سخرية الجبرتي من ادعاء نابليون بونابرت وجيشه؛ الإسلام. وكان أدونيس طالب بالقطيعة المعرفية نفسها في ندوة له نظمها 4 فبراير الحالي، بعنوانها "محنة الخطاب الديني.. فشل الدين والسياسة معا"، والتي تضمنت هجومًا على الحجاب الذي ترتديه المسلمة في الغرب كرمز لهويتها الإسلامية، متهما تلك المحجبة بأنها تقوّض أسس الدول الغربية المدنية التي انتزعت حقوقها من الكنيسة. كما انتقد د.عمارة الفكر العلماني الذي يروج له أستاذ الفلسفة محمد أركون، الذي يدعي أن الحداثة هي "القول بمرجعية العقل وحاكميته، وإحلال سيادة الإنسان وسيطرته على الطبيعة مكان إمبريالية الذات الإلهية وهيمنتها على الكون، وهو ما نشره في صحيفة "الحياة اللندنية" في 8-11-1996. وذكر وصف الشيخ رفاعة الطهطاوي الحداثيين في باريس وفلسفتهم الوضعية اللا دينية قائلا: "إنهم إباحيون يقولون: إن كل عمل يأذن فيه العقل صواب، ولذلك لا يصدقون بشيء مما في كتب أهل الكتاب، لخروجه عن الأمور الطبيعية، ولهم في الفلسفة حشوات ضلالية مخالفة لسائر الكتب السماوية". وأضاف المفكر الإسلامي: "يبدو أن معركة العلمانيين ورافعي لواء الحداثة في العالم العربي من جانب، مع الإسلاميين ورافعي لواء الحضارة الإسلامية على الجانب الآخر، ستظل مشتعلة، فما إن تهدأ حينا، إلا وتدور رحاها أحيانا، وهي المعركة التي أعاقت تقدم الأمة قرونا عديدة، وأزمنة مديدة؛ بسبب غلو علماني هنا، وتطرف ديني هناك". وقالت الافتتاحية: "في حياتنا الثقافية خلط معيب بين التجديد الإسلامي والحداثة الغربية.. فالتجديد الإسلامي يميز في موروثنا بين المقدس المعصوم الذي يتمثل في البلاغ القرآني، وفي السنة النبوية الصحيحة التي هي البيان النبوي للبلاغ القرآني، وبين غير ذلك". فقد أشارت إلى أن هذا التجديد الإسلامي يميز بين هذا المقدس وبين الاجتهادات البشرية التي هي معارف إنسانية جزئية وكسبية، بينما المقدس هو علم إلهي كل ومطلق ومحيط، مضيفًا أن هذه المعارف والاجتهادات البشرية هي ثمرة لفقه الواقع أي ثمرة للوجود، بينما العلم الإلهي هو سبب في الوجود.