قال ياسر الزعاترة، الكاتب والمحلل السياسيي، إن أوباما يتورط في مستنقع منطقة الشرق الأوسط بتصريحاته عن شن هجوم ضد تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام "داعش"، وذلك بعد محاولاته طوال سنوات حكمه الماضية بالخروج من المستنقع الذي ورط به بوش الولاياتالمتحدةالأمريكية من خلال حربه على العراق. وأضاف الزعاترة، في مقال له نشر على "العربي 21"،:" من استمع إلى تصريحات أوباما خلال الأيام الماضية، وآخرها استراتيجية العتيدة لا بد أنه تذكر خطاب جورج بوش عشية هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ويبدو أن أوباما قد جعل من قتل الصحفيين الأمريكيين بمثابة 11 سبتمبر الخاصة به، وسيحاول أن يبدو أقوى في السياسة الخارجية في ظل اتهامات تُوجه له بالضعف على هذا الصعيد". وأوضح أن أوباما وجه اهتمامه خلال السنوات الماضية نحو حوض الباسفيكي ومواجهة الصعود الصيني، مشيرًا إلى أن الخطاب الأمريكي يعود الآن إلى ذات المعزوفة التقليدية التي أطلق في ظلها بوش حروبه، وهي محاربة الإرهاب. وتابع الزعاترة:" يبدو أن أوباما ينسى أو يتناسى أن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام هو من نتاجات الغزو الأمريكي للعراق، ولولا ذلك الغزو لكانت القاعدة قد تراجعت بحصارها في أفغانستان وتشتتْ قادتها في أرجاء الأرض، لكنه أصرَّ على شن حروب لا صلة لها البتة بمواجهة الإرهاب، حيث كان غزو العراق لحساب الهواجس الصهيونية (جورج تينيت، مدير السي آي إيه الأسبق قال إن جورج بوش دخل البيت الأبيض وقرار غزو العراق في جيبه)، والنتيجة هي استنزاف أمريكا وفرض التراجع عليها". وأشار إلى أن أوباما لم يستمع لنداءات الصهاينة لشن حرب على إيران من أجل انتزاع برنامجها النووي، وفضَّل الدبلوماسية، وتمكن من انتزاع الكيماوي السوري بمجرد التلويح بالضربات العسكرية، لكنه يتورط الآن في مستنقع المنطقة، وإن قال إنه لن يرسل جنودا على الأرض. وبين أن التنظيم الذي يحظى بمريدين كثر من جيل الشبان في مناطق كثيرة من العالم، لن يكتفي بمواجهة هجوم بوش في الأماكن التي يجري فيها، بل سيتجاوزها إلى محاولة الضرب في مناطق أخرى ضد المصالح الأمريكيةوالغربية، وبالطبع في زمن العنف الرخيص الذي لا يحتاج لأكثر من الإرادة والإيمان بالبرنامج. واستطرد المحلل السياسي قائلا:" ثمة فارق بالطبع بين الحالة البوشية والحالة الأوبامية عنوانها أن أحدا لا يتعاطف مع تنظيم الدولة هذه الأيام، بل يراه الجميع خطرا داهما، خلافا لمرحلة المواجهة مع الغزو الأمريكي للعراق، وحيث تعاون النظام السوري معه، وكانت الأموال تتدفق عليه من دول الخليج، من فعاليات شعبية كان كثير منها يتحرك بمعرفة السلطات، فضلا عن أن إيران كانت في ذات المربع الذي يريد إفشال مشروع الغزو أيضا رغم استهداف التنظيم للشيعة في العراق". وأكد أن التنظيم أصبح أكثر قوة بكثير مما كان عليه في السابق، حيث يسيطر على مساحة جغرافية وساعة، فضلا عن قدراته التسليحية التي حصل عليها من مواجهته في الموصل والمحافظات الأخرى، ومن ضمنها مضادات للطيران، مضيفًا أن وجود الدولة الإسلامية في سوريا، وليس في العراق وحده يعقد الأمر على أوباما، الذي أعلن أن الضربات ستشمل سوريا. وقال:" في الملف السوري يبدو الأمر أكثر تعقيدا، فهنا يحضر الرأي الصهيوني الأكثر ميلا لمواصلة النزيف والتدمير لجميع الخصوم والأعداء، بمن فيهم القوى الجهادية والإسلامية عموما، وكذلك إيران وحزب الله وتركيا والربيع العربي، كما يحضر الشعب السوري والقوى الثورية التي تقاتل نيابة عن غالبيته، وهي قوىً لها أيضا معركتها مع تنظيم الدولة، لكن معركتها الأكبر مع النظام". وتساءل الزعاترة قائلا:" السؤال الأكبر المتعلق بالأمريكان والغربيين هو ما إذا كانت الضربات الجوية ستكون كافية بوجود قوىً محلية على الأرض، أم سيضرون إلى خوض المستنقع ودفع أثمانه الباهظة من جديد. وإذا كانت القوى المحلية معروفة في العراق، فهل هي في سوريا القوى الثورية أم النظام، وهل ستكون النتيجة حلول تلك القوى مكان تنظيم الدولة وبقاء الصراع مع النظام"؟ وأضاف:" أسئلة كثيرة لا يملك أحد الإجابة عليها، فضلا عن المدى الذي ستستغرقه المعركة، لكن الشيء المؤكد هو أن موجة العنف في المنطقة لن تتراجع ما لم تتغير الظروف التي أنتجتها، وفي مقدمتها الإقصاء الطائفي في العراقوسوريا كجزء من الغطرسة الإيرانية في المنطقة (اليمن ولبنان، وربما البحرين جزء من السياق)، وكذلك الحرب على الإسلاميين المعتدلين في باقي الدول، فضلا عن الصراع مع الصهاينة الذي قد ينفجر في أية لحظة في الضفة الغربية ليعيد خلط الأوراق من جديد في كل المنطقة". وأكد أن النتيجة ستكون صراعات متداخلة بعضها مع بعض؛ فسيكون الصراع مع الغطرسة الغربية والصهيونية، والصراع مع أنظمة الاستبداد، والصراع مع الغطرسة الإيرانية أيضا، الأمر الذي ينبئ بأنه صراع سيطول.