قالت د. شيماء بهاء -الباحث السياسي بمركز الحضارة للدراسات السياسية والاستراتيجية-: إن مواقف سلطات الانقلاب العسكري في مصر من العدوان الإسرائيلي على غزة أكدت بما لا مجال للشك فيه حجم التحول في الثوابت الأخلاقية والقيمية في سياسية مصر الخارجية، ولا سيما علاقاتها بالكيان الصهيوني والتي تهدف منذ اليوم الأول إلى استرضائه ومغازلته، مشيرة إلى أن دلائل ذلك واضحة؛ حيث نجد إن سلطات الانقلاب لا تخجل وهي تتحدث عن عنف وعنف مضاد في غزة ولا تجرؤ على إطلاق تصريحات تصف الأفعال الصهيونية بالإرهاب على نحو ما قال أردوغان مرارا وتكرارا. كما نجد أن الانقلابيين لديهم الاستعداد للتضحية بأمن سيناء لإرضاء حلفائهم، من خلال التبريرات الواهية للكثيرين من مؤيدي الانقلاب الذين يرون أن القضاء على غزة ودكها إنما يصب في أمن مصر!
وأشارت "بهاء" في تصريحات خاصة ل"الحرية والعدالة" أن ما بين الصهاينة والانقلاب مصالح متبادلة، فالصهاينة قد استعادوا كنزهم الاستراتيجي، وسمعنا جميعا تصريحاتهم الداعية لدعم السيسي، كما أن الانقلاب لن ينتقد الصهاينة حرصا على الدعم الأمريكي، تلك المعادلة التي يظن أطرافها أنها مغلقة عليهم، متناسين صمود شعوب أقسمت على كسر كل التابوهات.
وأكدت بهاء أن العلاقات الوثيقة بين سلطات الانقلاب وكيان الاحتلال الصهيوني بدأت منذ لحظاته الأولى، وتوالت المؤشرات الدالة على ذلك والتي كان من أبرزها حضور مسئول دبلوماسي رفيع المستوي جنازة السفاح شارون ليستمع إلى ما يقال فيه من مديح وهو المجرم الذي قتل على يديه آلاف العرب والمسلمين. ثم ما أعلن رسميًا من لقاء نبيل فهمي وزير الخارجية الانقلابي السابق بمجموعة من المنظمات الصهيونية أثناء زيارته الولاياتالمتحدة.
مشيرة إلى أن تواطؤ سلطات الانقلاب تجاه القيم والأمن على السواء لا تتوقف مؤشراته على مجرد مراسم وزيارات وإنما وصل الأمر إلى الإضرار بصميم الأمن القومي المصري على نحو غير مسبوق وبتبجح ليس له مثيل، وتذكر من ذلك تمكين الشركة الصهيونية التي أوكل لها حماية قناة السويس! وكأن الصهاينة ليسوا العدو الأول لهذه القناة الإستراتيجية. وأضافت أنه فوق ذلك خرج علينا وزير البترول الانقلابي ليقول إنه لا يرى عيبًا في استيراد الغاز من الكيان الصهيوني، مشيرة إلى أن الانقلابيين لا يفرقون من الأساس بين ما هو عيب وما هو مسموح، وإلا فما قتلوا ولا انتهكوا الحرمات.