أكدت 10 منظمات حقوقية أنه لا يوجد أي تحسن ملموس في ملف حقوق الإنسان في مصر، بل أنه أنه على العكس، تتصاعد حدة الانتهاكات الحقوقية وفق استراتيجية ممنهجة تشارك فيها كل مؤسسات الدولة، ما أدى إلى تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمصريين. وفي تقريراً مشتركاً للأمم المتحدة، ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل حول حالة حقوق الإنسان في مصر، في إطار الإعداد للدورة الرابعة للاستعراض الدوري للملف الحقوقي المصري أمام الأممالمتحدة، والمقرر عقدها في يناير المقبل، قدمت تلك المنظمات تقريرا عن الحالة المزرية لحقوق الإنسان في مصر. وكشف التقرير استمرار أزمة حقوق الإنسان وتفاقمها في مصر منذ جلسة الاستعراض الماضي في نوفمبر 2019، والتي تلقت فيها الحكومة المصرية 375 توصية أممية بتحسين أوضاع حقوق الإنسان. لكن من المؤسف أنه لا يوجد أي تحسن ملموس في هذا الصدد. وأوضح التقرير أنه خلال السنوات الخمس الماضية، كثفت الحكومة المصرية جهودها لطمس الحقيقة حول أزمة حقوق الإنسان المستمرة، مدعيةً احترام الدستور والمعاهدات الدولية، ومصرة على تجاهل كل التقارير الحقوقية المصرية والأممية التي تؤكد تصاعد أزمة حقوق الإنسان. ونوه أنه: "من المتوقع أن تستمر الحكومة المصرية خلال جلسة الاستعراض المرتقبة في التستر خلف المبادرات الزائفة التي تهدف اسمياً وشكلياً فقط إلى معالجة الوضع الحقوقي، وتبييض وجه السلطات المصرية أمام المجتمع الدولي، مثل إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسية، واعتماد الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وإعلان حوار وطني. هذه المبادرات لم تسفر عن أي تحسن حقيقي في حالة حقوق الإنسان". وجاء في التقرير: "هذا بالإضافة إلى الانتهاكات التي تزامنت مع الانتخابات الرئاسية مطلع العام الجاري، والتي افتقرت إلى الحرية والنزاهة وكانت مؤشراً واضحاً على انعدام أية مساحة للمعارضة أو التداول السلمي للسلطة، إذ تم اعتقال العديد من النشطاء والمعارضين السلميين، بمن فيهم منافسون محتملون للرئيس (عبد الفتاح) السيسي في الانتخابات. كما واصلت السلطات المصرية حبس المواطنين لمجرد اعتراضهم على سياسات الحكومة في مجال الاقتصاد". وأشار التقريرإلى أنه "لا تزال السلطات الأمنية مستمرة في إخفاء المواطنين وتعذيبهم بشكل منهجي، فضلاً عن اعتقال الصحفيين والمدونين، وتصاعد الأعمال الانتقامية بحق المدافعين عن حقوق الإنسان". وتناولت، بالرصد والتوثيق، "مدى عصف الحكومة المصرية بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك التوصيات التي تعهدت بتنفيذها في 2019، إذ استعرض التقرير أمثلة لتصاعد الانتهاكات في الفترة الممتدة من نوفمبر 2019 وإلى منتصف العام الجاري، في مجالات الحق في الحياة ومكافحة الإعدام، وأوضاع أماكن الاحتجاز والحماية من التعذيب والإخفاء القسري، والحق في حرية التجمع السلمي والتنظيم، وحقوق النساء والعنف ضد المرأة، والحقوق والحريات الجنسانية، وأوضاع حقوق الإنسان في سيناء، بالإضافة إلى أوضاع اللاجئين والإخلاء القسري للسكان، والقمع العابر للحدود بحق النشطاء المصريين في الخارج". والمنظمات ال 10 الحقوقية التي شاركت في إعداد التقرير، هم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، جمعية عنخ، المنبر المصري لحقوق الإنسان، لجنة العدالة، المفوضية المصرية للحقوق والحريات، مركز النديم، الجبهة المصرية لحقوق الإنسان، مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان، منصة اللاجئين في مصر، ايجيبت وايد، مؤسسة دعم القانون والديمقراطية، إلى جانب منظمتين فضلتا عدم ذكر اسميهما خشية الأعمال الانتقامية. يشار إلى أن آلية الاستعراض الدوري الشامل هي إحدى آليات الأممالمتحدة لحماية حقوق الإنسان في الدول الأعضاء. وتعتمد هذه الآلية على استعراض ممارسات حقوق الإنسان في جميع دول العالم الأعضاء في الأممالمتحدة مرة كل أربع سنوات، استناداً إلى التقارير الواردة للأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها حول حالة حقوق الإنسان في الدولة موضوع الاستعراض. وبناء عليه، تقدم الأممالمتحدة للدولة محل الاستعراض مجموعة من التوصيات التي تعلن الدولة قبولها وتلتزم بتنفيذها حتى موعد الاستعراض التالي. وتأتي التقارير للأمم المتحدة من ثلاثة مصادر، الأول: تقرير تقدمه الدولة موضوع الاستعراض. والثاني: تقرير تقدمه لجان الأممالمتحدة المختصة بكل حقوق الإنسان. والثالث: تقرير يقدمه مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان والذي يكون عبارة عن تلخيص لتقارير تأتيه من منظمات المجتمع المدني المختلفة والمجالس الوطنية لحقوق الإنسان.