أكدت دراسة بعنوان "الموقف الشعبي في الضفة الغربية من العدوان الإسرائيلي علي غزة: الأبعاد والمحددات" أن السلوك "الإسرائيلي" المتصاعد في الضفة الغربية بالأراضي الفلسطينية المحتلة يسير بشكل مواز للحرب على غزة من خلال 9 اعتبارات. أكثر إيلاما وأشارت الدراسة إلى أن الاعتبار الأول؛ يتعلق ب"الترابط الجغرافي وخشية الامتداد المقاوم"؛ حيث يخشى الاحتلال، بشكل واسع، من انخراط الضفة الغربية في المواجهة الحالية؛ لأنها في حال ثارت ستكون الأكثر إيلامًا للاحتلال من حيث التداخل بين البلدات الفلسطينية والمستوطنات، إضافة إلى الإمكانية النسبية للدخول إلى الأراضي المحتلة عام 1948. وأضافت الدراسة أن الكيان يخشى من "عمليات عبور المقاومين من غزة كما حدث يوم 7 أكتوبر 2023، قد يضع افتراضية وصول بعض هذه المجموعات المقاومة مستقبلًا إلى الخليل أو امتدادها الجغرافي، وهو ما قد يشكل أولًا حاضنة حماية لهم من جانب، ومن جانب آخر تسهيل الانطلاق لاستهداف التجمعات الاستيطانية المقامة على أراضيها". إعادة الثقة للجنود ورأت الدراسة أن الاعتبار الثاني؛ يتعلق ب"إعادة الثقة لجنود الاحتلال؛ فبعد أن اهتزت ثقتهم بأنفسهم وفقًا لما وثقته مشاهد الفيديوهات التي بثتها المقاومة خلال تنفيذهم اقتحام المستوطنات في غلاف غزة، بات يعمد جنود الاحتلال الذين يقتحمون منازل المواطنين في الضفة خلال عمليات الاعتقال اليومية إلى تعريض المعتقلين للضرب المباشر، وشتمهم بألفاظ نابيه، في محاولة لاسترجاع هذه الثقة المفقودة". استراتيجية الردع وقالت الدراسة إن الاعتبار الثالث؛ هو؛ إعادة تعزيز استراتيجية الردع "الإسرائيلية"؛ والتي "اهتزت في أعقاب معركة طوفان الأقصى، وأن المعركة منحت الفلسطيني إمكانية تعزيز المبادرة في المواجهة، وهذا ما بات يخشاه الاحتلال في الضفة، فشرع في تنفيذ مجموعة من الخطوات الاستباقية سواء عبر إغلاق الحواجز الرئيسة بين المحافظات، وفرض شبه الإغلاق الشامل واستعراض القوة بارتفاع وتيرة الاستهداف اليومي من عمليات القتل والاعتقال وهدم المنازل والعمليات العسكرية. تغييب القيادات والمؤثرين وأشارت الدراسة إلى أن الاعتبار الرابع؛ يتمثل في إضعاف ردة الفعل الشعبية من خلال تغييب القيادات أو المؤثرين والتخوف لتحولها لانتفاضة شعبية؛ وقرنت ذلك برؤيتها أن "أي تحرك جماهيري في الضفة دون وجود القيادة أو المؤثرين لتوجيه هذا الحراك يبقى وليد ردات الفعل وعدم القدرة على إحداث حالة من الانضباطية والتوجيه المركز". ورأت أنه بغياب قرار سياسي من القيادة الفلسطينية، وغياب منظمة التحرير الفلسطينية والتنظيمات الشعبية وفي مقدمتها حركة فتح، يجعل الجماهير تشارك في الفعاليات كنوع من التفريغ الداخلي دون تحوله لنموذج منضبط في خطة جماهيرية متصاعدة. تحطيم النماذج المقاومة ولفتت الدراسة إلى أن الاعتبار الخامس هو؛ تغييب أو إضعاف النموذج الملهم كما جرى من استهداف لكتيبتي طولكرم ومخيم جنين؛ وغيرها مدركين تحول النموذج المقاوم لحالة الهامية في الضفة مع توفر البيئة العامة في ظل العدوان على قطاع غزة. وسجلت خشية الاحتلال من "تطور الأداء والاتساع الجغرافي" فكان "إلحاق الأضرار والخسائر الكبيرة لإشغال الناس بإعادة ترتيب احتياجاتهم". عدم انخراط السلطة وأوضحت أن الاعتبار السادس؛ هو للحفاظ على الحالة السياسية القائمة في الضفة؛ فقد أظهرت العديد من المؤشرات الميدانية تحول عدد من المظاهرات إلى حالة احتجاجية مطالبة السلطة الفلسطينية بالتحرك أو الانخراط المباشر بالمواجهة، أو مطالبة الأجهزة الأمنية الفلسطينية للاشتباك مع الاحتلال، الأمر الذي يعيد للذاكرة الإسرائيلية أحداث الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، وقبلها هبة النفق عام 1996، التي كان لانخراط أفراد الأمن الفلسطيني انعكاسات في تطورات الحالة الميدانية ونمط المواجهة، وهو ما لا تريد إسرائيل له أن يتكرر مرة أخرى في هذه التوقيت. دعم اليمين الصهيوني ورأت الدراسة أيضا الاعتبار السابع؛ يتعلق بسعى نتنياهو إلى الحفاظ علي الدعم الذي يحظى به داخل القاعدة اليمينية في الشارع "الإسرائيلي"؛ وهي ذات القاعدة التي يراهن عليها لمرحلة ما بعد الحرب، إذ إن جميع المؤشرات تدفع باتجاه الخسارة الإسرائيلية في الحرب، وهو ما يعني أن مستقبل نتنياهو السياسي سيكون على المقصلة. ولفتت إلى أنه لذلط يحقق نتنياهو رغبات الشارع اليميني وممثليه في الحكومة يمكن أن يساعده في المنافسة مرة أخرى للبقاء في الحلبة السياسية في أي انتخابات مقبلة، وهذا ما يفسر منحه "بن غفير" و"سموتريش" مساحة لتمرير رغباتهما في تسليح المستوطنين، إلى جانب اعتماد الميزانية المخصصة للاستيطان في الضفة. مساحة مناورة أوسع وأضافت أن الاعتبار الثامن؛ يتعلق بوسع نتنياهو المناورة في ساحة الضفة؛ هروبًا من الاخفاقات العسكرية في غزة وفقًا للمؤشرات الميدانية في الحرب، من خلال تقديم انجازات في عمليات القتل والتدمير التي تجري بشكل ممنهج ومتصاعد. رفع تكلفة المقاومة وكما الوضع في الدمار الشامل في غزة، أشارت الورقة في الاعتبار التاسع؛ إلى سعى الكيان وجيشه لرفع ما يمكن بتسميته بتكلفة المقاومة؛ من خلال اعتقالات مئات المواطنين الفلسطينيين حتى يتحولوا لجزء من فاتورة الانجازات الميدانية لها من جانب، ومن جانب آخر سعيها لاستخدامهم في مرحلة للمساومة المستقبلية، سيما إذ ما تم فتح مفاوضات حول ملف صفقة لتبادل الأسرى الفلسطينيين بما تمتلك فصائل المقاومة من أسرى للاحتلال في قطاع غزة. تحركات السلطة الدراسة وتحت عنوان "الملاحقة الأمنية من قبل السلطة الفلسطينية" إلى تفسير موقف السلطة التي تختلف مع حماس منذ 2007 والتي تدير غزة، حيث تحركت السلطة لمنع اشتعال الضفة وتلتقي مع المصلحة "الإسرائيلية" في ذلك. وعليه تخشى السلطة في الضفة الغربية من "مرحلة عدم العودة وهو ما يؤثر على قدرتها على الاستمرار ويهدد بنيتها ومستقبلها السياسي. كما أن وقف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية ومراجعتها، قد دفعها إلى اتخاذ مواقف أكثر تشددًا مع المظاهرات والعمليات العسكرية" ومسارعتها ل"تنفيذ خطوة الإضراب في مختلف المؤسسات للحفاظ على الهدوء" ضمن إحباط "أي تحرك شعبي موازي ل "طوفان الأقصى" وينعكس بالسلب على التحركات الفلسطينية الشعبية لمواجهة الاحتلال". وأشارت إلى تفريق أمن السلطة بالقوة مسيرة، فباتت وكيلًا عن الاحتلال لقمع الفلسطينيين واعتقال المقاومين، وقتل المواطنين ومنهم محمود أبو لبن في 17 أكتوبر، والذي أعلنت المؤسسة الأمنية في بيان تحملها "المسؤولية عن الحادث المؤسف". واعتقلت السلطة ما يزيد على 50 شخصًا في محافظة رام الله وحدها في 17 أكتوبر، وهو ذات اليوم الذي قصف فيه الاحتلال المستشفى المعمداني في غزة. تحولات الضفة وقالت الدراسة إن "أعدادًا متزايدة من داخل حركة فتح بدت أكثر نقدًا لمواقف السلطة السياسية ويمكن أن يؤدي ذلك إلى زيادة جاذبية العمل المسلح بين بعض أطرها. إلا أن مواقف حركة فتح في الضفة الغربية ستحدد بشكل واسع مصير أي تحركات جماهيرية واسعة ومتواصلة بسبب نفوذها الكبير في الضفة الغربية. وأن التفاعلات الحاصلة في الضفة الغربية والقدس، سواء من المقاومة وأفراد الشعب الفلسطيني أو من الاحتلال الإسرائيلي، تثبت تصاعد وتيرة العنف والاشتباكات لن تتوقف وستظل مرتبطة بل ومتصاعدة باستمرار الاعتداء الصهيوني على قطاع غزة". وقالت إنه للمقاومة والحراك الشعبي الفلسطيني، فإن الجميع يكافح من أجل التنغيص على العدو، وزيادة توتر كافة الجبهات المفتوحة عليه، صحيح أن هذه المقاومة تتم بأدوات محدودة، ولكن هذا المتاح بالنسبة لأهل الضفة الغربية، وهي منطقة تعتمد بالأساس على الحراك المدني وليس المسلح، وتعاني منذ مطلع العام بالأخص من حالة ممتدة من القتل والاعتقال والتضييق. وخلصت الدراسة إلى أنه علي الرغم من إعلان نتنياهو هدفه بمحو حركة حماس، وبدء إسرائيل في شن حملات اعتقال واسعة استهدفت العديد من قيادات وناشطي الحركة في الضفة الغربية. فقد أظهرت السنوات الماضية أن السياسات التي تنتهجها إسرائيل والسلطة الفلسطينية، لن تتمكن من القضاء على حركة حماس، وذلك بفضل البنية الأيديولوجية والاجتماعية العميقة التي أسسها أعضاء الحركة على مدى السنوات. وأكدت أن حركة حماس وقواعدها العسكرية، والسياسية والمالية لهجمة كبيرة بعد الانقسام الفلسطيني في عام 2007، لكنها تمكنت من الصمود والبقاء وحافظت على شعبيتها وشرعيتها. بالإضافة إلى ذلك، أسهمت طوفان الأقصى في زيادة أسهم التأييد الشعبي للحركة خصوصًا جناحها العسكري، وهو ما قد ينعكس أيضًا على عمل الحركة العسكري في الضفة الغربية خلال الفترة القادمة. https://politicalstreet.org/6320/