تكشف بيانات البنك المركزي أن حكومة الدكتاتورعبدالفتاح السيسي اقترضت خلال الربع الأول من العام المالي الجاري (2023/2024) نحو "1.2" تريليون جنيه (تساوي نحو39 مليار دولار)، وبذلك ترتفع إصدارات الدين المحلي بنسبة "25%" خلال الشهور الثلاثة (يوليو أغسطس سبتمبر 2023). يأتي هذا التوسع في الاقتراض من جانب حكومة السيسي رغم إعلان الحكومة أكثر من مرة أنها تستهدف خفض معدلات الدين العام من 96% من إجمالي الناتج القومي إلى 93%، نهاية عام 2024م. فيما لم تصدر السلطات أي بيانات حديثة عن قيمة الدين الخارجي منذ شهر مارس الماضي"2023″م. وتبلغ عوائد أذون الخزانة الحكومية (الربا) لأجل 3 أشهر، في سبتمبر، نحو 25%، و25.6% لأذون ذات أجل 364 يوماً، بينما بلغ العائد على سندات الخزانة لأجل 3 سنوات نحو 24.1%. فيما تبلغ الاحتياجات التمويلية للحكومة خلال العام المالي الحالي نحو 2.14 تريليون جنيه، منها 1.955 تريليون جنيه من خلال التمويل المحلي عبر سندات وأذون الخزانة. وتبلغ أسعار الفائدة (الربا) في البنوك حالياً 19.25% للإيداع و20.25% للإقراض، بينما بلغ التضخم السنوي لأسعار المستهلكين 39.7% في أغسطس 2023، مقابل 38.2% في يوليو و15.3% في أغسطس 2022م. الأمر الذي يجعل أسعار الفائدة سلبية لانخفاض نسبة الربا عن نسبة التضخم (تآكل قيمة العملة)؛ ما أدى إلى هروب الاستثمار الأجنبي في سندات الديون المصرية، وخروج نحو 22 مليار دولار (أموال ساخنة) في مارس 2022م. ورجحت وكالة فيتش، في تقرير لها، في وقت سابق من شهر سبتمبر، أن يواصل المستثمرون الأجانب سحب الأموال من سوق الديون المحلية، بسبب أسعار الفائدة الحقيقية السلبية، وتراجع الإقبال على أصول الأسواق الناشئة، والأوضاع المالية العالمية المشددة. ويتعين على مصر سداد 15.1 مليار دولار أخرى من مدفوعات الديون قصيرة وطويلة الأجل خلال النصف الثاني من العام الحالي، تليها 46.3 مليار دولار أخرى على المدى المتوسط وطويل السداد خلال عامي 2024 و2025، بحسب بيانات البنك المركزي. وأضاف البنك في بيانات حديثة عن الوضع الخارجي للاقتصاد المصرى وفقا لنشرة " إنتربرايز" الاقتصادية المحلية الاثنين 2 من أكتوبر 2023م، أن مصر عليها سداد 29.2 مليار دولار، أو ما يقرب من خمس إجمالي التزامات الديون الخارجية في عام 2024 وحده. وأضاف أن هذه المدفوعات تقدر ببنحو 10 مليارات دولار عن فاتورة خدمة الديون المتوقعة لهذا العام(الربا) والتي يقدرها حاليا عند 19.3 مليار دولار. وتقدر مدفوعات الديون المصرية بين عامي 2024 و2027 نحو 83.7 مليار دولار، طبقا للبنك المركزي، ويتجاوز هذا الرقم التقديرات الصادرة في يونيو بنحو 6.4 مليارات دولار. ودأبت حكومة السيسي باستمرار على رفع الضرائب والرسوم، فيما تذهب تلك الحصيلة وغيرها من إيرادات الدولة لسداد تلك الأعباء من أقساط وفوائد الديون التي تتجاوز قيمتها 1.3 تريليون جنيه، أي ما يعادل 42.31 مليار دولار، خلال العام المالي الحالي"2023/2024م".
توقعات المرحلة المقبلة وتوقع الخبير الاقتصادي هاني جنينة حسب نشرة إنتربرايز" أن تتلقى حكومة السيسي الجديدة بعد تمرير مسرحية الرئاسة تدفقات ديون بقيمة إجمالية تتراوح بين 6 و7 مليارات دولار، من عائدات مبيعات محتملة لسندات الباندا والساموراي بقيمة مليار دولار، والشريحتين الثانية والثالثة من قرض صندوق النقد الدولي، إلى جانب 1.2 مليار دولار في إطار برنامج الصمود والاستدامة التابع لصندوق النقد، وما يزيد عن 5 مليارات دولار من برنامج بيع الأصول. كما توقع أن يضاعف صندوق النقد الدولي قيمة برنامج القرض البالغة قيمته 3 مليارات دولار إلى (6 أ و8 مليارات دولار)؛ إذ نفذت الحكومة التزاماتها بشأن الاتفاق، بما يوفر موردا حيويا للعملات الأجنبية من شأنه تضييق فجوة التمويل الخارجي الكبيرة. وأوضح أن السيسي حال التزامه بشروط صندوق النقد التي أسماها بالإصلاحات وتشمل رفع دعم الطاقة، وزيادة كبيرة في أسعار الفائدة بما قد يتجاوز 300 نقطة أساس، وقرار بتعويم الجنيه؛ فإنه سوف يتلقى هذه الحزمة من التمويلات. مشيرا إلى أن الحكومة يتعين عليها تسديد ديون بقيمة 5.1 مليارات دولار لصندوق النقد الدولي وحده العام المقبل "2024". وهو رقم يتجاوز قيمة القرض الحالي "3" مليارات دولار فقط.
خروج مصر من التصنيف وفي سبتمبر 2023م، أعلنت بورصة لندن، فوتسي راسل، إضافة مصر لقائمة الدول المراقبة لاحتمال خفض تصنيفها في مجموعات مؤشرات الأسهم التابعة لها، من تصنيف الأسواق «الناشئة الثانوية» إلى «غير المصنفة»، والذي من المقرر البت فيه نهائيًا بحلول مارس المقبل"2024″. وأرجع تقرير لموقع «CNN» الاقتصادية، قرار وضع مصر تحت المراجعة مع احتمالية إزاحتها لخارج التصنيف، لارتفاع مؤشر سوق الأوراق المالية المصري إلى مستويات قياسية، حيث تجاوز العشرين ألف نقطة لأول مرة في تاريخه، فيما أشار خبراء بالتقرير إلى أن سبب ذلك التحرك من «فوتسي راسل» هو عدم قدرة المستثمرين على إخراج أموالهم من مصر منذ مارس 2023م. ويشرح خبير أسواق المال وائل النحاس ذلك بأن التقرير الصادر من المؤسسة البريطانية خطير، "والحديث عن خروج مصر تمامًا من مؤشرات التصنيف، وليس فقط خفض تصنيفها". وأضاف لبرنامج (المسائية) على الجزيرة مباشر، الجمعة 29 سبتمبر 2023 أن الخروج من مرحلة التصنيف، يعني "تحذير جميع المؤسسات من الاستثمار داخل السوق المصري"، وفقًا للنحاس الذي أشار إلى مشكلة أخرى وهي "خروج الاستثمارات الموجودة بالأصل وأرباحها، نتيجة عدم حصولهم على العملة الأجنبية الدولارية". وقال النحاس إن تقرير "فوتسي راسل" ليس الأول، فقد صدرت تقارير تنذر بتخفيض تصنيف مصر من كبرى مؤسسات التصنيف في الولاياتالمتحدة في مايو الماضي. وأوضح أن تحذير المؤسسة البريطانية يكمن في التأثير على الأسهم المدرجة في بورصة لندن. لكنه أشار إلى أن التقارير جميعها والتحذيرات من المؤسسات الدولية تؤدي إلى قبول مصر "التعويم الجذري"، حتى تبقي على الاستثمارات الأجنبية، "وليس لدعم الاقتصاد المصري داخليًا". وحول أهم الحلول لهذه المشكلة أضاف النحاس أن التقرير أطلق جرس الإنذار بارتفاع قيمة تكليف الديون المصرية وتأمينها، وزيادة العجز داخل الدولة المصرية، "مما يعرض الموازنة المصرية إلى المزيد من الأزمات، ويقلل من الأصول الموجودة". مؤكدا على ضرورة أن يكون الحل سياسيا قبل أن يكون اقتصاديا مع ضرورة تغيير الحكومة وكل المسئولين علن الملف الاقتصادي. ونشرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية تقريرا الخميس 28 سبتمبر 2023م، يؤكد أن حالة من التردد والشكوك تسود الأسواق العالمية فيما يتعلق بمسألة منح نظام الدكتاتورعبدالفتاح السيسي قروضا جديدة لمواجهة الأزمة الاقتصادية في ظل تصنيف مصر كثاني أكثر الدول عرضة للتخلف عن سداد الديون بعد أوكرانيا، بعدما تم وضع القاهرة على قائمة المراجعة السلبية نتيجةً للصعوبات التي يواجهها بائعو السندات الحكومية في استرداد العملة الأجنبية، والخوف من إقراض دولة توجه نصف إيرادتها لسداد فوائد وأقساط الديون. وخلال لقاء عقد السبت 9 سبتمبر 2023م، بالمجلس الأعلى للإعلام، قال وزير المالية بحكومة الانقلاب الدكتور محمد معيط إن مصر سددت التزامات خارجية خلال العامين الماليين الماضي والسابق له (2021/2022 2022/2023) بقيمة 52 مليار دولار بخلاف 22 مليار دولار قيمة الاموال الساخنة على الرغم من التحديات الاقتصادية. معنى ذلك أن الحكومة سددت نحو 74 مليار دولار في سنتين فقط؛ لكن العجيب أن حجم الديون لم يتراجع مطلقا بل ارتفاع في مارس 2023م إلى 165 مليار دولار! وفي نبرة ساخرة، كتب المحلل الاقتصادي تيموثي إي كالداس على صفحته على إكس: "وفقًا لتحليل بلومبيرج، تعد مصر ثاني أكثر الدول عرضة على وجه الأرض لأزمة الديون. والدولة الوحيدة الأكثر عرضة للخطر هي أوكرانيا". وتابع معلقا: "لقد تم غزو أوكرانيا من قبل الجيش الروسي في حين تم غزو الاقتصاد المصري من قبل جيشها"!