يوم 6 يوليو 2023 أطلق أبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا تصريحات متناقضة حول الملء الرابع لسد النهضة، قائلا: إن "إثيوبيا ستراعي مخاوف نصر والسودان من ملء سد النهضة، لكنه سيتم ولكن بطريقة مختلفة عن المرات الثلاث السابقة". قال في اجتماع مع مجلس النواب: "سيتم ملء هذا العام بشكل مختلف عن الجولات الثلاث السابقة من خلال تنفيذ الملء بطريقة تخفف من مخاوف سكان الجوار". وأشار إلى أنه بدلا من استكمال الملء، مطلع أغسطس 2023، كما في الجولات السابقة، سيتم في بداية سبتمبر أو نهاية أغسطس، وفق ما نقلت وسائل إعلام أثيوبية. وجاء حديثه تزامنا مع تأكيد المسؤولين المصريين أن التصرفات الأحادية التي تقدم عليها أديس أبابا ستؤدي إلى أزمة مائية في بلادهم، وتصاعد لهجة التحذيرات المصرية. إعلان "أحمد" لا يشكل تراجعا لأنه أكد أن الملء سيبدأ في موعده هذا الشهر يوليو، ولكن بدلا من الملء بكثافة والانتهاء في أول أغسطس، أي خلال شهر، سيتم حجز مياه النيل على مراحل بحيث يستغرق الملء شهرين تقريبا. مع هذا اعتبر محللون أن محاولة أثيوبيا التهدئة في الملء الرابع مع مصر، خصوصا في ظل انشغال السودان بحربه الداخلية، يقف خلفه جملة أسباب. الخبير في شئون المياه هاني إبراهيم قال:" إن "الملء التدريجي ربما يكون فرصة أثيوبيا اختبار قدرة السد ببطء على التحمل، لأن الملء هذه المرة كبير ويصل إلى 20 مليار متر مكعب، لفكرة اختبار السد ببطء، بحيث لو ظهر عيب يتوقف الملء". https://twitter.com/HanyIbrahim17/status/1677845941288591360 محللون ونشطاء أرجعوا تخفيف أثيوبيا الملء الرابع لها علاقة بانتخابات الرئاسة المصرية وعدم إحراج السيسي في ظل اتهامات المصريين له بالتخلي عن أمن مصر المائي، بحيث يبدو وكأن مصر هددت إثيوبيا والأخيرة رضخت للسيسي أخيرا. فنيون قالوا: إن "التصريحات الأثيوبية لها علاقة بنقص الأمطار التي تساقطت على الهضبة الإثيوبية هذا العام، ومن ثم نقص كميات مياه النيل وتعرض مصر والسودان لمخاطر جفاف لو تم حجز المياه كما هو معتاد، خاصة أن إثيوبيا تتحدث عن 18 مليار متر مكعب، وهي كمية ضخمة". وربط محللون سياسيون بين هذا النقص والتهديدات المصرية أو محاولة السيسي الإيحاء بعمل عسكري ضد السد كي يستعيد مصداقيته أمام المصريين، ويرفع أسهمه في انتخابات الرئاسة المقبلة في ظل حالة غضب شعبي لأسباب اقتصادية وسياسية. وتوقع فريق آخر أن تكون تصريحات "أبي" مقدمة لتهدئة واستئناف المفاوضات بوساطة إماراتية ولكن مقابل توقيع عبد الفتاح السيسي اتفاقا مع أديس أبابا، يتنازل بموجبه عن حصة مصر المائية التاريخية، خاصة بعد حديث السيسي عن حلول وسط. التمهيد للتنازلات السيسي خلال مؤتمر صحفي مع رئيس موريتانيا 4 يونيو 2023 قال: "شددنا على أهمية حث إثيوبيا، على التحلي بالإرادة السياسية، للأخذ بأي من الحلول الوسطى، التي تم طرحها على مائدة التفاوض، والتي تلبي مصالحها". مع هذا اعتبر خبراء مصريون حديث رئيس الوزراء الإثيوبي محاولة جديدة لكسب الوقت لإنهاء عملية الملء الذي تقدم عليها إثيوبيا بشكل أحادي في ظل مطالبات دولتي المصب، خاصة مصر، بالتوصل لاتفاق ملزم بتشغيل وملء الخزان. وكدليل على هذه التنازلات والحلول الوسط كشفت مصادر مطلعة على ملف المفاوضات الخاصة بشأن سد النهضة الإثيوبي، أن هناك مؤشرات جديدة بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد بين القاهرةوأديس أبابا، برعاية إماراتية، يشمل تحديد حصة من مياه النيل لكل طرف. وأوضحت المصادر ل"العربي الجديد"، أن "من ضمن المؤشرات الحديث حول تخفيض إثيوبيا ارتفاعات كانت مقررة للسد، بما يسمح بحصول مصر على كمية مياه أكبر". ومنها أيضا كشف مصادر مطلعة على ملف المفاوضات الخاصة بشأن سد النهضة الإثيوبي أن هناك مؤشرات جديدة بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد بين القاهرةوأديس أبابا، برعاية إماراتية، يشمل تحديد حصة من مياه النيل لكل طرف. أثيوبيا تخزن نصف حصة مصر وتستهدف إثيوبيا تخزين ما يوازي نصف حصة مصر السنوية من مياه النيل، حسب عباس شراقي أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، أي تخزين ما بين 20 إلى 25 مليار متر مكعب في الملء الرابع لسد النهضة. أكد أنه في المرات الثلاث السابقة كان إجمالي التخزين 17 مليار متر مكعب في 3 سنوات، والآن تستهدف تخزين 25 مليار متر مكعب مرة واحدة، أي يمثل تقريبا نصف حصة مصر المائية من مياه نهر النيل، التي تبلغ 55 مليار متر مكعب من المياه سنويا. ووصف عباس شراقي حديث رئيس وزراء إثيوبيا بأنه لا توجد أضرار على مصر من الملء الرابع لسد النهضة ب «الأكذوبة» لافتا إلى أن إثيوبيا ترى أن الضرر على مصر، يعني أن المصريين يموتون من العطش أو يتوقفون عن الزراعة. أكد أن تخزين كمية كبيرة من المياه مرة واحدة داخل سد النهضة، وهي 25 مليار متر مكعب يعني توقف مليون فدان عن الزراعة في مصر، وارتفاع متوقع في نسبة البطالة. لماذا قررت إثيوبيا إبطاء ملء السد في المرة الرابعة؟ هل لأسباب فنية أم سياسية؟ وهل يتنازل السيسي بحل وسط، أم أن أثيوبيا لاحظت أو تتوقع أن منسوب الأمطار هذا العام ضعيف نسبيا، ومن ثم لم تشأ الدخول في مشكلة مع مصر أو تستفزها فأعلنت الاستمرار في عملية الملء التدريجي ولكن بصورة ناعمة هادئة؟ وهل لتصريحات إثيوبيا الهادئة علاقة بمراعاة انتخابات الرئاسة وإعطاء السيسي مادة ليتحدث عنها كإنجاز؟.