تعجب مراقبون من عدم إعلان رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان تمرد مليشيات الدعم السريع، وذلك منذ استيلائها على أماكن حيوية بالخرطوم وولايات أخرى، منذ وسط أبريل الماضي، وهو القرار الذي سيكون له تأثير خارجي على الوضع في السودان التي تدخل اعتبارا من صباح السبت هدنة قصيرة ل24 ساعة. ولم يفِ طرفا القتال بتعهدات متكررة بوقف كامل لإطلاق النار، وهو الذي يتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية. وقال الخبير العسكري والأمني الرشيد محمد إبراهيم: إن "عدم تصنيف قوات الدعم السريع في السودان على أنها "ميليشيا متمردة" من قِبل الدول الإقليمية وغيرها يوضح حجم الأزمة والمؤامرة". وقال إبراهيم: إن "الدول تبحث عن مصالحها، المصلحة تقتضي المراقبة إلى أين ستجري مجريات الحرب، هل ستمضي لصالح الجيش السوداني أم ستمضي لصالح المتمردين؟". وتابع "واضح جدا أن هناك تبدلات وتفاهما ربما لم يعلن عنه لدى كثير من الدول لأحد أطراف الحرب، وهنا أشير إلى الموقف المصري الذي يتحدث صراحة عن الجيش السوداني، وأن هناك اقتناعا بأن تماسك الدولة مرتبط مباشرة بتماسك المؤسسة العسكرية". وأضاف "إبراهيم" في تصريحات متلفزة أن "كل القوانين السياسية وحتى العسكرية تشير إلى أنه عندما يكون هناك فصيل من أي قوة أو جيش مسلح ويقوم بالتمرد، يصنف مباشرة على أنه قوة متمردة". وعبر "الجزيرة مباشر" أكد أن "قوات الدعم السريع هي قوة متمردة بكل القوانين والمصطلحات السياسية والعسكرية، لأن كل التشريعات تقول إنها جزء من القوات المسلحة، فماذا يعني أن يتمرد جزء على كل؟ لذلك فالمعادلة واضحة". تأخر الحسم وعن أسباب تأخر حسم الجيش السوداني للاقتتال في السودان، قال الخبير العسكري: "إذا كنا نقصد بالحسم إحباط مخطط الاستيلاء على السلطة فهذا تم حسمه، لأن لكل حرب هدفا، والمتمردون كانوا يريدون تغييرا ديمقراطيا بقوة البندقية في سابقة لم تشهدها الكثير من دول العالم". واعتبر ، لذلك فإن إحباط هذا المخطط وهذا الهدف الرئيسي في الاستيلاء على السلطة يمثل مرحلة متقدمة جدا من مراحل هذه الحرب. وبرأي خالد عمر، المتحدث باسم المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، أن السيناريوهات التي توصلت إليها قوى الحرية والتغيير في آخر تقرير لها "تتحدث عن حرب طويلة للغاية، ولا يمكن لأي طرف أن يحقق نصرا سريعا، وقد تتحول إلى حرب عرقية أو انفصالية وقد تؤدي لانهيار الدولة. وتجدد الاقتتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع غربي وشمالي العاصمة الخرطوم. وتحديدا بأحياء المهندسين والفتيحاب بأم درمان غربي الخرطوم جراء القصف المدفعي. ونقلت وكالة رويترز عن أحد السكان وسط أم درمان أن أعمال نهب تتم بصورة يومية. كما نقلت الوكالة عن أحد سكان شرقي الخرطوم أن قوات الدعم السريع تقوم بأعمال نهب في هذه المنطقة التي تقع تحت سيطرتها، مشيرا إلى أنه تتم سرقة السيارات والذهب والأموال. وأضاف خالد عمر أن مطلب جيش واحد لوطن واحد يُمثل أولوية حيوية في السودان الذي كان له منذ ثمانينيات القرن الماضي تاريخ مطبوع بالجيوش الموازية. الوضع الإنساني ومن جانبها، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية: إن "الوضع الإنساني في السودان بلغ مستويات كارثية من جراء الصراع الدائر في البلاد". وبعد نحو 95 يوما، أشارت الصحيفة إلى أن النزاع على السلطة بين كبار جنرالات السودان، تسبب نقص الغذاء ومياه الشرب في حالة طوارئ للعديد من سكان البلاد. وأوردت الصحيفة أنّ "العنف الفوري للحرب يتفاقم بسبب الانهيار الوشيك للخدمات التجارية والمصرفية، التي تدار بالكامل تقريباً من العاصمة الخرطوموأم درمان". وأضافت أن "الحصار في السودان يؤدي إلى تفاقم الجوع في دول جنوب السودان وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة، التي تستورد الكثير من طعامها ووقودها عبر السودان"، مشيرة إلى أن "هذه البلدان استقبلت أكثر من 120 ألف لاجئ سوداني، ووصل الكثير منهم بما يزيد قليلاً عن الملابس التي يرتدونها". وبحسب ما تابعت، يقول أطباء سودانيون إنّ 866 مدنيا على الأقل، قتلوا وأصيب أكثر من 3000، منذ اندلاع القتال، إذ فقد الملايين إمكانية الوصول إلى مدخراتهم ولا يمكنهم دفع ثمن الطعام أو الماء أو النقل. وقبل بدء القتال، كان واحد من كل ثلاثة سودانيين يعاني بالفعل من الجوع، بحسب برنامج الأغذية العالمي، ويحذر البرنامج من أنّ تناقص الإمدادات وارتفاع الأسعار سيضيف 2.5 مليون شخص إضافي، إلى أولئك الذين لم يعودوا قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية في الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة. وقدّر برنامج الغذاء العالمي الأسبوع الماضي، أن مواد غذائية تقدر بنحو 60 مليون دولار قد سُرقت من منشآتها في جميع أنحاء السودان منذ بداية الحرب. وتقول الأممالمتحدة والوكالات الإنسانية الأخرى، إنها "بحاجة إلى 3 مليارات دولار هذا العام، لتقديم المساعدات الإنسانية، والحماية لنحو 25 مليون سوداني، وأكثر من مليون لاجئ في الدول المجاورة".