أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية الأكاديمية التابعة للانقلاب من المشاركين في ما يسمى ب"الحوار الوطني" في مصر، إطلاق كيان سياسي جديد باسم "كتلة الحوار" خلال مشاركتهم بإحدى جلسات الحوار الوطني نهاية الأسبوع الماضي، يقوده البرلماني السابق باسل عادل، والذي استقال من حزب المحافظين المعارض وهو جزء من الحركة المدنية، قبل ساعات من انطلاق الحوار الوطني. ويبدو أنه في أوساط المعارضة الكرتونية، وهو الاسم المستوحى من أبعاد تاريخية للحركة المدنية بمكونها اليساري والليبرالي، فإن "كتلة الحوار" كانت متوقعة وغير مستغربة، بل إن هناك قناعة من الأحزاب الفاعلة داخل الحركة المدنية بأن هناك ترتيبات تجري لتدشين تحالف صوري جديد يمكن أن يحل محل المعارضة في حال اتخذت الحركة المدنية قرارا بالانسحاب من الحوار مع عدم الاستجابة لمطالبها كاملة قبل انطلاق جلساته المباشرة، وأن تلك المحاولات تعددت، وقبل عدة أشهر أقدم مجموعة من أحزاب الموالاة لتدشين "تحالف أحزاب المعارضة"، بحسب موقع مدى مصر ممتد العلاقات مع الحركة. ووصفت مصادر بلجنة أمناء الحوار لموقع "مدى مصر" 3 مايو 2023 ما جرى الإعلان عن كتلة باسل عادل بأنه "الخطة ب" أو السيناريو البديل، الذي نفذه المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان، لضمان حضور ممثلين عن المعارضة للجلسات والضغط عليهم. أوضحت أنه جرى استدعاء عدد كبير من الشخصيات المحسوبة اسما على المعارضة من السياسيين والحقوقيين وممثلي النقابات، لحضور جلسات الحوار لضمان وجود ممثلين لهم كبدائل للحركة المدنية في حال قررت عدم المشاركة. اللافت كان ترحيب المنسق الأمني لما يسمى ب"الحوار الوطني" المدعو.. ضياء رشوان، بتأسيس كتلة الحوار، معقبا: "نأمل في أن يكون الكيان نبراسا للتحالفات ذات وجهات النظر القريبة، وسنراعي وجود هذه الفكرة في مجلس الأمناء". اللعب على جميع الحبال ونقل موقع "عربي بوست" عن أحد مصادره بالحركة المدنية، رأيه "أن الكتلة بمثابة اختراق لأسس وقواعد إقامة الحوار؛ لأنها ارتبطت به وحظيت بدعم المنسق العام، وهو ما يشير لوجود مشكلات عديدة يعانيها الحوار جراء عدم قناعة الرأي العام بما يدور داخله، وأن أهدافه التي تتمثل في إنتاج مخرجات تساعد على لمّ الشمل السياسي لم تتحقق حتى، وعلى العكس من ذلك فإن الحوار يدعم التفرقة بين الأحزاب المشاركة فيه".
وأضاف أن "المشاركين في التكتل الجديد اعتادوا اللعب على جميع الحبال، وساهموا في حالة الفوضى السياسية التي أعقبت اندلاع ثورة يناير وهدفت لتفتيت قوى الثورة، وبينهم باسل عادل مؤسس الكتلة الذي شارك في تجارب حزبية عديدة منذ العام 2005 حينما انضم لحزب الغد قبل أن يستقيل منه مرورا بعدد من الأحزاب بينها الوفد والمصريين الأحرار والمحافظين". وفي تقرير لموقع (الاستقلال) رأى أنه لا جدوى لما سُمي "الحوار الوطني" بمصر، بسبب حظر الحديث عن الجيش والدستور والسياسة الخارجية، رغم أنها قضايا متعلقة بأهم الملفات السياسية، جاءت جلساته الأخيرة لتكشف أنه "ملهاة ومكلمة" للمعارضين لا جدوى منه. وأضاف، أن كتلة الحوار ربما تكون فخا لتقسيم المعارضة اليسارية والليبرالية المشاركة في الحوار وحدها، بعد إقصاء الإسلاميين، مضيفا أن من أسس "كتلة الحوار" منشقون عن الحركة المدنية، وموالون للسلطة، ما طرح تساؤلات حول من يقف وراءهم؟ وأشار إلى تساؤل البعض، هل وراءهم حيلة أمنية لاستبدال قوى الحركة المدنية اليسارية، حال انسحبت من الحوار، بالمنشقين الموالين للسلطة، بحيث يقال إن قسما انسحب والباقي حاضر، وتصدر التوصيات الوهمية باسم المعارضة؟. بيان الكتلة وفي بيان للكيان الجديد فمجلس الأمناء يضم 20 عضوا مؤسسا برئاسته ما بين مثقفين وأكاديميين وتكنوقراط وسياسيين.
وتحدث مؤسس الكتلة باسل عادل عن هدف فضفاض له هو "حب الوطن وإرادة النجاة من الواقع الضيق لآفاق رحبة من الحرية والرفاهية والعدالة". ونقل مصدران من أعضاء الحركة المدنية، أن الهدف من التكتل إيجاد بديل يشبه المعارضة في حال قررت أحزاب الحركة الانسحاب من الحوار الوطني أو الاعتراض على نتائجه، مشددين على أن غالبية أعضاء الكتلة الجديدة مفصولون من حزب المحافظين.
ووصف الحقوقي جمال عيد الحوار الوطني بأنه "خطوة شكلية، مثل الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، أو لجنة العفو الرئاسي، أو قرار وقف حالة الطوارئ، لمحاولة إرضاء الخارج، في حين أن الداخل يتم قمعه".
وأشار في تصريحات إلى أن كتلة الحوار جزء من تجميل المشهد، وتذرع بمحاولات الإفراج عن سجناء الرأي، والكثير من المشاركين يتجنب غضب الدولة ويحاول تأمين نفسه بالمشاركة في الحوار. وعدّ تعاون منظمي الحوار، ضياء رشوان والمستشار محمود فوزي مع مؤسسي "كتلة الحوار" وموافقتهم على مشاركتهم في جلساته، رسالة إلى أحزاب الحركة المدنية بأن تخفض سقف طموحاتها وشروطها بإطلاق المعتقلين أو تنسحب.
وكان رشوان أعلن في بيان 30 مارس 2023 مشاركة 16 شخصية ممن وصفهم ب "قيادات ورموز سياسية وفكرية وحقوقية وفنية ينتمون لمختلف مدارس الفكر والعمل في جلسات اللجان المتخصصة للحوار".
ثم في 30 أبريل 2023، أصدر بيانا آخر لم تنشره الصفحة الرسمية للحوار أيضا، متضمنا توقيع 14 شخصا، وصفهم ب "مجموعة من رموز وقيادات العمل السياسي والإعلامي" يرحبون بالمشاركة في الحوار الوطني ويحددون رؤيتهم له وللأوضاع الراهنة في مصر. بنود الحوار نفسها كانت مثار سخرية بعدما تفرعت لمئات الفروع، وجرى إضافة قضايا وهمية غير سياسية لاستنزاف المشاركين والادعاء أن هناك "حالة حوار" فعلية، مثل مناقشة سن الزواج، وهل يكون 18 أم 21 سنة؟ وتمكين الشباب، برغم أن أغلبهم في السجون.