قال د. إبراهيم العناني –أستاذ القانون الدولي بجامعة عين شمس- في إطار تحليله للمشهد الليبي وعملية استهداف ثورات الربيع العربي والثورة الليبية بأنه بلا شك توجد محاولات مستميتة ودائمة من قبل الثورة المضادة التي تتشكل من المنتمين للنظام القديم وأصحاب المصالح بشتى الطرق لاستعادة مكانتهم ومواقعهم وسيطرتهم على السلطة في البلاد في ليبيا، فأي دولة تعيش حالة ثورة والدول التي قامت بثورات نجد أنصار النظام القديم والمنتفعين منه يسعون لإجهاض الثورة لاسترداد كل نفوذهم وجميع الأمور في أيديهم مرة أخرى. مخطط "سايكس بيكو" وأضاف في تصريح خاص ل"الحرية والعدالة" منبها إلى أن ثورات الربيع العربي مستهدفة، فهناك دول أجنبية في الغرب والشرق ودول عربية وإسرائيل لا ترضى بحق الشعوب في تملك حريتها وإرادتها وقرارها المستقبلي، وهذا واضح حتى في التاريخ الجديد بداية من القرن التاسع عشر والقرن العشرين، حيث محاولات تفكيك وإضعاف الشعوب العربية وإجهاض ثوراتهم، ووقع في عام 1916 اتفاقية تقسيم "سايكس بيكو" لاقتسام الدول العربية بين الدول الكبرى، محذرا من محاولة تكرار نفس مخطط التقسيم ولكن بالطرق الحديثة المناسبة للقرن الواحد والعشرين من قبل دول غربية تريد استمرار تبعية الدول العربية ورضوخها المحقق لمصالحها.
وأعرب "العناني" عن قلقه الشديد من أن مخطط التقسيم يتم بطرق وآليات غير مباشرة تختلف عن الشكل الاستعماري القديم، مشيرا إلى أن بدايات مخطط التقسيم الجديد اتضحت مع دولة السودان عن طريق دعم جنوب السودان، ومحاولات الآن لفصل مناطق أخرى فيه، كذلك محاولة الفصل بين شمال العراق والأكراد وبين جنوبالعراق والشيعة، وباليمن محاولات لإيجاد نوع من التقسيم بشكل جديد، لأن هذه الدول حين يتم تقسيمها ستضعف أكثر فأكثر، ف"سايكس بيكو" أدت للحال المتردي القائم وبالتالي لو تم تقسيم المقسم أصلا فهذا السيناريو الأسوأ.
تقسيم ليبيا والاستعمار الجديد وحذر "العناني" من أن ما يحدث بليبيا من انقلاب من قبل الثورة المضادة على الثورة الليبية قد يؤدي لتقسيمها لو تغلبت جبهة الثورة المضادة ببني غازي، لافتا إلى أنه لا يستبعد في حال سيطرة قوات "حفتر" أن يعلن "حفتر" انفصال إقليم بني غازي شرق ليبيا عن ليبيا، ويليه السيناريو المعتاد من الغرب وهو دعهما للانفصال بزعم حق الشعوب في الاستفتاء وتقرير المصير ثم يدعم النتائج مثلما حدث في جنوب السودان.
وكشف "العناني" استمرار الاستعمار الجديد المستهدف استمرار الهيمنة والتبعية، فنجد الغرب يدعم الثورة المضادة بطرق غير مباشرة منها الصمت والانتظار للتعرف عما تسفر عنه الأمور، ثم أبواق تنادي بحق شعب ليبيا بتقرير المصير ثم استصدار قرار دولي بدعم استفتاء الانفصال. وأوضح الطرق غير المباشرة ومنها دعم "حفتر" المنقلب فعودة النظام القديم في صالح الدول غير الراضية عن ثورات الربيع العربي وفي مقدمتها إسرائيل، وبأساليب دبلوماسية وسياسية ودعم القوات والفرق المناهضة للثورة بالسلاح، أو تقديم دعم لوجيستي بصور مختلفة.
وحول تأثير مخطط تقسيم ليبيا وإجهاض ثورتها على الداخل المصري خاصة وأن ليبيا دولة جارة ولها حدود مشتركة مع مصر من الناحية الغربية أكد "العناني" أن الدول العربية ومصر ستتأثر بالسلب، وأي إضعاف للمنطقة العربية في سوريا أو العراق أو ليبيا يضعف مصر بالذات الدول الحدودية التي تمثل عمق أمني واستراتيجي كليبيا، ومصر كطائر وهي كالجسد والدول العربية أجنحتها.
وأشار "العناني " إلى أن هذا الثورة المضادة أمر متوقع، ولكن المطلوب من أنصار الثورة التيقظ والحذر والقيام بالدفاع بشتى السبل عن ثورتهم وحقهم في تقرير مصيرهم، وعدم الردة للنظام القديم، عن طريق توحد قوى الثورة وترك الخلافات التي تنشب عادة بين قيادات الثورة والقائمين بها بعد إسقاط النظام، وعلاجها لأنها تضعف من أركانها وقد تعطي فرصة للثورة المضادة للنيل منهم.