تشهد أسعار العديد من السلع فى الأسواق المحلية، ارتفاعات غير مسبوقة مع نقص في المخزون نتيجة عدة عوامل تتعلق بكميات المنتج أو أسعار صرف الدولار والارتفاع المستمر له مقابل الجنيه، إضافة إلى قرارات حكومة الانقلاب بمنع الاستيراد من الخارج وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية. أزمة أسعار السلع امتدت الى الأدوية ومستلزمات الانتاج ما تسبب فى توقف العمل داخل الكثير من المصانع والشركات كما امتدت أيضًا الى القهوة التى شهدت أسعارها ارتفاعات كبيرة مع نقص ملحوظ في الكميات المطلوبة لتلبية احتياجات الأسواق المحلية، نتيجة لارتفاع أسعار البن عالميا والتخوفات من نقص الإنتاج البرازيلي، وهو ما أثر على السوق المحلى. حول هذه الأزمة أكد عدد من خبراء ا الاقتصاد وتجار السلع الغذائية أن موجة ارتفاع أسعار السلع الغذائية ترجع الى 3 أسباب رئيسية تتمثل فى سعر الدولار وزيادة أسعار المواد الخام وزيادة تكلفة النقل . وقال التجار انه يمكن السيطرة على الأسعار من خلال زيادة المعروض من كافة السلع الاستراتيجية والاستهلاكية، مع عدم المغالاة في هامش الربح من قبل تجار التجزئة. وتوقع الخبراء أن يؤدى خفض قيمة الجنيه ورفع سعر الفائدة من جانب نظام الانقلاب من أجل الحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، إلى رفع أسعار المحروقات على المدى المنظور. وعادة ما يضيف رفع سعر الفائدة أعباء إلى موازنة حكومة الانقلاب، لأنها ترفع كلفة الاقتراض كما يزيد خفض العملة من كلفة الاستيراد، لكنه على الجانب الآخر يجذب المستثمرين لأدوات الدين الحكومية فيما يعرف ب "الأموال الساخنة".
3 أسباب
من جانبه قال محمد احمد تاجر جملة مواد غذائية إن ارتفاع اسعار السلع الغذائية التي شهدتها السوق المحلية ترجع الى ارتفاع سعر الدولار وزيادة أسعار المواد الخام على المصانع، وكذلك زيادة تكلفة النقل على المصانع والشركات و تجار الجملة. وتوقع استمرار ارتفاع الأسعار طالما استمرت سياسات حكومة الانقلاب التى لا تعمل لمصلحة الشعب وأكد علاء عبدالله تاجر تجزئة أنه رغم توافر جميع السلع في السوق المحلية بشكل كبير وعدم وجود أى نقص في أي سلعة الا أن الارتفاعات التي تشهدها أسعار أصناف كثيرة من السلع الغذائية مستمرة ومتواصلة . وقال ان هناك احتكار من قبل تجار غير معروفين هم الذين يرفعون الأسعار رغم أنف الجميع خاصة فى ظل غياب رقابة حكومة الانقلاب على الأسواق .
سعر الدولار
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد النبى عبد المطلب ، إن أزمة ارتفاع الأسعار وانخفاض الكميات المطلوبة بالأسواق، يرجع إلى تأثير الاستمرار فى زيادة معوقات وعراقيل استيراد العديد من السلع على السوق والمستهلك المصري، وهى كثيرة ومتنوعة. وأوضح عبد المطلب فى تصريحات صحفية أن المعوقات تتمثل في شح السلع وقلة المعروض منها، مما يؤدى إلى ارتفاع أسعارها كل يوم، وأيضًا زيادة حالات التهريب عبر الحدود مما ينتج عنه ضياع أموال الرسوم الجمركية على السلع المهربة. وأشار إلى أن من ضمن أسباب ارتفاع الأسعار خروج عدد غير قليل من تجار التجزئة من السوق، بسبب رغبة كبار التجار فى الاحتفاظ بعلامتهم التجارية فى الأسواق خاصة البن، لافتاً إلى بعض كبار التجار بدأوا فى توفير منتجاتهم للمستهلك بشكل مباشر. ونوه عبد المطلب إلى أن عددا غير قليل من التجار يسعرون بضائعهم حاليا عند سعر دولار يزيد كثيرا عن سعره الرسمى، وكل يوم هناك سعر جديد . وأكد أن هذا الارتفاع فى سعر الدولار يؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل يومى ومستمر.
الحرب الروسية
وأرجع الخبير الاقتصادي الدكتور مدحت نافع، ارتفاع الأسعار في مصر بشكل كبير إلى الحرب في أوكرانيا وتداعيات جائحة كورونا والأزمات العالمية ومنها الصراع الأمريكي الصينى المشتعل حاليا . وقال نافع فى تصريحات صحفية أن ارتفاع الأسعار يعد أحد أعراض الموجات التضخمية التي أصابت العالم كله بما في ذلك مصر، خاصة ما يتعلق بسلاسل الإمداد أولا بسبب جائحة كورونا وثانيا الصدمة الآنية جراء الحرب بين روسياوأوكرانيا ولاسيما العقوبات والعقوبات المضادة فضلا عن الزيادة في أسعار النفط ومشتقاته.
رأسمالية متوحشة
وطالب الخبير الاقتصادي حمدي الجمل حكومة الانقلاب باتخاذ المزيد من القرارات والإجراءات لخفض الأسعار ومنع جشع التجار موضحا أن حكومة الانقلاب يجب أن تقوم بتطبيق ما تقوم به الحكومات في أوروبا وأمريكا فيما يتعلق بالرأسمالية في سياق ضبط الأسعار. وشدد الجمل فى تصريحات صحفية على ضرورة أن تصدر حكومة الانقلاب قوانين لضبط الأسعار كما حدث في تحديد سعر الخبز وأن تسن قوانين خاصة بمحاربة الاحتكار . وأشار الى أنه من المفترض أن تتدخل دولة العسكر عبر شركاتها في وزارة التموين والوزارات الأخرى المتمثلة تقريبا في 48 شركة لتقوم باستيراد السلع الأساسية جنبا إلى جنب مع القطاع الخاص. بحيث تنافس دولة العسكر القطاع الخاص بل تقهره حتى تعود الأسعار إلى ما كانت عليه وأكد الجمل أن الحرب الروسية-الأوكرانية غيرت الأوضاع الاقتصادية في العالم كافة، مشيرا الى أن أوروبا كلها تعاني من ارتفاع أسعار النفط وما نجم عنه من ارتفاع اسعار النقل والشحن البحري والجوي في ظل ضبابية المشهد. وأشار إلى أن هناك أسباب أخرى لارتفاع الأسعار لا ترتبط بالصراع في أوكرانيا بل تعود إلى سياسات حكومة الانقلاب الاقتصادية. وانتقد الجمل غياب الرقابة الحكومية وإيمان حكومة الانقلاب بالرأسمالية المتوحشة أكثر من صانعي هذه السياسة في أوروبا وأمريكا، حيث الرأسمالية لها ضوابط، لكن في مصر فى زمن العسكر الرأسمالية تأخذ فقط من جيوب الفقراء لصالح الأغنياء، فضلا عن هشاشة الصادرات المصرية، بمعنى ارتفاع فاتورة الاستيراد بمعدل ضعفي الواردات