حذر خبراء من انعكاس موجة التضخم التي تشهدها مصر حاليا على تزايد معدلات الفقر وعدم قدرة المصريين على الحصول على حاجاتهم الأساسية، ما يهدد بمجاعة تجتاح كافة المحافظات. وأرجع الخبراء ارتفاع معدلات التضخم إلى فشل الإدارة الاقتصادية لنظام الانقلاب وتراجع الإنتاج وضياع مدخرات المصريين وارتفاع الأسعار بجانب تسريح العمالة وتراجع الدخول. وقالوا إن "وصول معدل التضخم إلى هذه النسبة مؤشر خطير على الاقتصاد المصري من وجهة نظر المستثمرين الأجانب ، لأنهم يشعرون بأننا دولة ليس لديها نظام اقتصادي مستقر يمكنه وضع قوانين وأدوات تكبح هذا المعدل". كان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء كشف عن ارتفاع معدل التضخم الشهري بنسبة 1%، حيث بلغ الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين لإجمالي الجمهورية 119.1 نقطة لشهر يناير 2022 ، بينما سجل معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية 8% لشهر يناير 2022 مقابل4.8% لنفس الشهر من العام السابق. َوأرجع أسباب هذا الارتفاع إلى ارتفاع أسعار مجموعة السكر والأغذية السكرية بنسبة 14.7%، مجموعة الخضروات بنسبة 4.3%، مجموعة الألبان والجبن والبيض بنسبة 2.5%، مجموعة اللحوم والدواجن بنسبة 2.3%، مجموعة الحبوب والخبز بنسبة 2%، مجموعة الزيوت والدهون بنسبة 0.5%، مجموعة الإيجار المحتسب للمسكن بنسبة 0.5%، مجموعة الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بنسبة 0.2%، مجموعة السلع والخدمات المستخدمة في صيانة المنزل بنسبة 0.6%، مجموعة خدمات مرضى العيادات الخارجية بنسبة 1.1%، مجموعة خدمات المستشفيات بنسبة 0.5%، مجموعة المنتجات والأجهزة والمعدات الطبية بنسبة 0.1%، مجموعة الوجبات الجاهزة بنسبة 0.8% .
موجة تضخم من جانبها قالت الدكتورة هدى الملاح مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى إن "الارتفاعات الأخيرة في معدل التضخم الشهري بنسبة 1% والسنوي 8% بمثابة إنذار بحدوث موجة تضخمية ، ما لم يتم احتواؤها سريعا باتخاذ تدابير استباقية". وأرجعت "هدى الملاح" في تصريحات صحفية ارتفاعات الأسعار مؤخرا على الصعيد المحلي لسببين بشكل أساسي، الأول يتعلق باتجاه التجار وسلاسل العرض إلى المضاربة في الأسعار بشكل مبالغ فيه ، ما يترتب عليه بيع السلع نفسها بأكثر من سعر على امتداد النطاق الجغرافي، بالإضافة إلى قرارات تحريك أسعار بعض السلع المسعرة جبريا مثل الزيت والسكر والكهرباء والبنزين. وطالبت بضرورة العمل بشكل متوازن وسريع لإحتواء أي زيادة جديدة في أسعار السلع والخدمات وفق سياسات على المدى القصير والمتوسط، بداية من فرض رقابة مشددة لضبط الأسواق ومنع أي محاولات للاحتكار أو المضاربة، وزيادة المعروض من السلع عن طريق تنشيط عجلة الإنتاج وتعزيز تنافسية المنتج المحلي، في إطار خطة إحلال الصادرات محل الواردات والتي تسهم في الحد من درجة تأثرنا محليا بتغيرات الأسعار دوليا. وشددت على ضرورة زيادة الإنتاجية بما يؤدي إلى تعزيز القيمة الشرائية للجنيه المصري، وبالتالي السيطرة على مستويات الأسعار في السوق المحلي.
فشل اقتصادي وقال الخبير الاقتصادي الدكتور سرحان سليمان إن "السبب الرئيسي في زيادة معدل التضخم هو زيادات الأسعار الأخيرة التي تسببت فيها قرارات حكومة الانقلاب بزيادة أسعار البنزين ومن قبله الكهرباء والمياه". وأضاف سليمان في تصريحات صحفية ، كان من المتوقع أن تؤدي هذه الزيادات إلى ارتفاع كبير في معدلات التضخم ، مشيرا إلى أن هذه المعدلات لا توجد في أي دولة مستقرة في العالم. ولفت إلى أنه في حالة زيادة معدل التضخم فإن ذلك يعني أن الدولة أصبحت ذات ظروف خاصة مثل الحروب والأوبئة ، ولكننا في مصر لا نعاني من حروب أو أوبئة ، ولذلك فإن هذه المعدلات ناتجة عن فشل الإدارة الاقتصادية. وأوضح سليمان، أن وصول معدل التضخم إلى هذه النسبة مؤشر خطير على الاقتصاد المصري من وجهة نظر المستثمرين الأجانب، لأنهم يشعرون بأننا دولة ليس لديها نظام اقتصادي مستقر وإدارة اقتصادية تضع قوانين وأدوات تكبح هذا المعدل. وأشار إلى أن ارتفاع التضخم له انعكاسات خطيرة على مستوى المعيشة ومتوسطي الدخل ، لأن ارتفاع الأسعار يعني انخفاض الدخل بنفس النسبة ، أي أن المواطن يفقد نفس النسبة من ثروته، كما أن نسبة الفقراء ستزيد وستصل إلى أكثر من 60 % فضلا عن ارتفاع نسبة البطالة نتيجة زيادة تكلفة الإنتاج.
ارتفاع الأسعار وقال خالد إسماعيل، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، "نحن أمام عدة عوامل مترابطة تتعلق بارتفاع أسعار السلع والمنتجات وارتفاع معدلات التضخم عالميا ، مؤكدا أن مصر ليست بمنأى عما يحدث من هذا التضخم". وأضاف إسماعيل في تصريحات صحفية، أنه مع بدء التعافي في النشاط الاقتصادي من تأثيرات فيروس كورونا كان هناك طلب متزايد بصورة كبيرة على السلع والمنتجات بالتزامن مع عدم قدرة الجهات المنتجة على تلبية الطلبيات الكبيرة ، فظهرت عدة محاور الأول يتعلق بارتفاع أسعار الطاقة ، بل ونقص كميات الإنتاج فمع زيادة الطلب على النفط وصل إلى 90 دولارا للبرميل وارتفاع أسعار الغاز خاصة مع زيادة الطلب بدخول فصل الشتاء وارتفاع الاستهلاك بشكل كبير ومع تراجع استخراج النفط والغاز والفحم وفي إطار التحول إلى الطاقة النظيفة". وأوضح أن المحور الثاني تمثل في زيادة رسوم النقل البحري والتي تعتمد عليها التجارة ، فقد تضاعفت لأربعة أضعاف ، لافتا إلى أن التضخم تمثل أيضا في زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج بكافة أنواعها وكلها تصب على تكلفة المنتج النهائي ، وبالتالي على المستهلك، ومع التغيرات المناخية كان هناك تأثير على حجم الإنتاج الزراعي مع زيادة الفاقد وعن الأسعار عالميا فإن مؤشر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" ارتفع بنسبة 32.8% على أساس سنوي ، وهو يعكس الزيادة في أسعار الحبوب والسكر والزيوت. وتوقع إسماعيل ارتفاع معدل التضخم السنوي على مستوى الجمهورية لتأثر مصر بالتضخم العالمي ، لأنها ليست بعيدة عن متغيرات الاقتصاد العالمي، خاصة فيما يتعلق بالمواد الغذائية. وطالب بتكوين مخزون إستراتيجي من السلع الأساسية والعمل على زيادة الرقعة الزراعية، خاصة أننا أمام حالة عدم يقين فيما يتعلق بموعد نهاية هذه الموجة التضخمية.
إملاءات الصندوق أما الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد خزيم فأشار إلى أن "زيادات الأسعار سبب ارتفاع معدل التضخم، مشيرا إلى أن هذه الزيادة لن يتحملها سوى المواطن المصري الذي لم يعد في استطاعته تحمل المزيد من أعباء الركود التضخمي الذي يشهده الاقتصاد حاليا". وأضاف خزيم أن (حكومة الانقلاب) تنفذ إملاءات صندوق النقد الدولي بطريقة عمياء وصماء ، دون نظر إلى عواقب وخطورة تلك القرارات على المجتمع . وحذر من أن هذه السياسة ستؤدي إلى احتقان شديد للطبقة الوسطى ، وزيادة معدلات الفقر التي وصلت إلى نسب قياسية تاريخية خلال الشهور الأخيرة.