أمام تفاقم أزمة القمح عالميا في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا حيث تعتبر الدولتان من أكثر الدول إنتاجا وتصديرا للقمح والحبوب الغذائية، أعلنت الهيئة العامة للسلع التموينية التابعة لوزارة التموين بحكومة الانقلاب، السبت 26 فبراير 2022، عن طرح مناقصة دولية، لشراء كميات لم تحددها من القمح من موردين عالميين لم تذكرهم، على أن تعقد جلسة فض المظاريف يوم الإثنين 28 فبراير، ويليها جلسة البت في العروض المقدمة، والسداد، لتتسلم الهيئة القمح بداية من 13 وحتى 26 أبريل المقبل. وينقل موقع "مدى مصر" عن مصدر مقرب من وزارة التموين بحكومة الانقلاب أن المناقصة الحكومية في هذا التوقيت تأتي من أجل الاستفادة من قرار روسي صدر مؤخرًا بتخفيض أسعار القمح في الفترة من الثاني وحتى الثامن من شهر مارس المقبل. وكانت وزارة الزراعة الروسية قد أعلنت، الجمعة عن تخفيضها لرسوم تصدير القمح والشعير في مقابل زيادة طفيفة للذرة لفترة محدودة تمتد لمدة ستة أيام فقط، ليصبح سعر القمح 88.2 دولار للطن بدلًا من 91 دولارًا، والشعير 72.3 دولار للطن بدلا من 73.3 دولار في مقابل زيادة سعر طن الذرة إلى إلي 52.7 دولار بدلًا من سعرها الحالي 52.2 دولار. وتستهدف روسيا بذلك تقديم أسعار تنافسية لتعزيز قدرتها على مقاومة العقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب عليها في أعقاب العدوان على أوكرانيا. وبحسب المصدر فإنه رغم أن هذه الخطوة قد تساهم في تخفيض حدة أزمة الغذاء إلا أن ذلك لن يمنع حكومة الدكتاتور عبدالفتاح السيسي من المضي قدما في قرارها المنتظر برفع أسعار الخبز، متوقعا أن يصل ثمن رغيف الخبز المدعم إلى 25 قرشًا في موازنة العام المالي الجديد المقرر تطبيقها بداية من أول يوليو المقبل، وعرضها على البرلمان في بداية مارس المقبل. في السياق ذاته، تتضارب بيانات حكومة الانقلاب بشأن احتياطي البلاد من القمح، ما يزيد من ضبابية المشهد حول توافر هذه السلعة الرئيسية في ظل الغزو الروسي لأوكرانيا، بينما تعتمد مصر على استيراد القمح بشكل رئيسي من هاتين الدولتين لتغطية احتياجاتها. وقال إبراهيم عشماوي، المساعد الأول لوزير التموين، ورئيس جهاز تنمية التجارة الداخلية في تصريحات لوكالة رويترز، نُشرت في وقت متأخر من مساء الجمعة، إن مصر تملك احتياطياً من القمح يكفي حالياً لنحو أربعة أشهر ونصف شهر. بينما أكد وزير التموين بحكومة الانقلاب علي المصيلحي، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، في 13 فبراير، أن احتياطيات القمح لدى مصر "آمنة وكافية لفترة 5.4 أشهر"، مشيراً إلى أن المناوشات بين كبرى الدول المصدرة للقمح والحبوب في العالم تزيد الشكوك في الأسواق. وتُصدّر روسياوأوكرانيا وحدهما أكثر من 35% من شحنات القمح والشعير العالمية. وتعتمد مصر والعديد من الدول العربية في تغطية الجانب الأكبر من احتياجاتها من هذه السلعة الرئيسية على الاستيراد من هاتين الدولتين بجانب الواردات القادمة من أمريكا ودول أوروبية. وقال عشماوي إن مصر ستشتري من المزارعين المحليين في العام الحالي أربعة ملايين طن من القمح، ما سيغطي احتياجات البلاد حتى نهاية العام الجاري 2022. وألغت مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، مناقصة شراء دولية، يوم الخميس الماضي، بسبب الإقبال الضعيف من المُصدرين الرئيسيين نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا. وأضاف عشماوي في تصريحات لوكالة رويترز، إن بلاده لديها احتياطي استراتيجي من السكر يكفي ما يقرب من خمسة أشهر، واحتياطي من زيت الطعام والأرز يكفي لتغطية أكثر من أربعة أشهر من الاستهلاك. وبسبب الغزو الروسي لأوكرانيا، قفزت العقود الآجلة لشحنات القمح والذرة الأمريكية إلى أعلى مستوى تداول يوم الخميس الماضي، فيما سجلت أسعار فول الصويا أعلى مستوى لها منذ 2012، وسط مخاوف عالمية من تأثر الإمدادات. وارتفعت أسعار القمح لثالث يوم على التوالي، لتبلغ أعلى مستوى منذ أكثر من تسعة أعوام، فيما قفزت الذرة إلى أعلى مستوى في ثمانية أشهر. ولا تقتصر المخاوف على عدم تصدير القمح الروسي والأوكراني فقط، بل قد تتسع الدائرة لتشمل الدول التي قد تدخل في الصراع. وجاءت روسيا في صدارة الدول المصدرة للقمح خلال عام 2020، وفق بيانات صادرة حديثاً عن وزارة الزراعة الأمريكية، بما يصل إلى 37.3 مليون طن سنوياً، تليها الولاياتالمتحدة ب 26.1 مليون طن فكندا ب 26.1 مليوناً، ففرنسا ب19.8 مليون طن، فأوكرانيا 18.1 مليون طن، فالأرجنتين ب 10.6 ملايين طن، فأستراليا ب 10.5 ملايين طن، فألمانيا ب 9.2 ملايين طن، فكازاخستان ب 5.2 ملايين طن، فبولندا بنحو 4.7 ملايين طن. في المقابل، تشير بيانات وزارة الزراعة الأمريكية إلى أن مصر والجزائر جاءتا في صدارة الدول العربية المستوردة للقمح، إذ استوردت مصر خلال 2020، نحو 9.6 ملايين طن تشكل 5.8% من واردات العالم من القمح في ذلك العام، بينما استوردت الجزائر نحو 7 ملايين طن، تمثل 4.3% من الاستيراد العالمي في العام ذاته.