في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد الفقراء في مصر ويتراجع مستوى المعيشة لدرجة أن أصبح أكثر من 60 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر وفق تقارير البنك الدولي، يجهز نظام الانقلاب الدموي بقيادة عبدالفتاح السيسي لإلغاء ما تبقى من الدعم، وفي هذه المرة ينوي نظام الانقلاب الانقضاض على رغيف العيش ورفع سعره أو استبدال الدعم العيني بدعم نقدي لعدد محدود من المستحقين، بزعم ارتفاع أسعار القمح عالميا وزيادة تكلفة رغيف الخبز، وهو ما ألقى بمزيد من الأعباء على فاتورة الدعم وفق تعبير حكومة الانقلاب . في هذا السياق كشف مصدر مسئول بحكومة الانقلاب، أن الموازنة الجديدة تواجه تحدي القفزة الكبيرة في أسعار القمح عالميا، والتوترات الخاصة بأزمة أوكرانيا والتي رفعت أسعار القمح والبترول. وأضاف المصدر أن تكلفة دعم السلع التموينية معرضة للارتفاع لأكثر من 100مليار جنيه بالموازنة الجديدة . وزعم أن تكلفة رغيف الخبز سترتفع من 65 قرشا إلى 78 قرشا وفقا لمتوسط الأسعار ما لم تواصل ارتفاعها لأكثر من ذلك، بالإضافة لارتفاع سعر النولون ونقص سلاسل الإمداد بالغذاء. وقال المصدر إنه "لا يوجد قرار حتى الأن بشأن آليات مواجهة تلك الزيادة في التكلفة، لكن الأنظار تتجه إلى رفع سعر الرغيف أو تقديم دعم نقدي بدل العيني مع تقليص أعداد المستحقيق، خضوعا لإملاءات صندوق النقد الدولي".
التجارة العالمية نوايا نظام الانقلاب لرفع أسعار رغيف الخبز أكدها علي المصيلحي، وزير تموين الانقلاب رغم زعمه بأنه لا يوجد تحريك في سعر الرغيف في القريب العاجل، وقال المصيلحي في تصريحات صحفية إن "بعض المواطنين يجففون الخبز ويبيعونه في الأسواق بسعر 3.50 جنيه للكيلو ، أي أن الرغيف يعادل 35 قرشا في حين أن تكلفته الأساسية 60 قرشا". وزعم أن مصر لا بد أن تكون جزءا من حركة التجارة العالمية، حتى لا يصاب السوق بالتشوه، ما يكشف عن توجه حكومة الانقلاب لإلغاء الدعم ورفع أسعار الخبز . وأشار المصيلحي إلى أن دولة العسكر تشتري نصف المساحة التي يزرعها المصريون من القمح، أي أنها تشتري نحو 4 ملايين فدان، والباقي يخزنه المواطن ويبيع منه بالتجزئة طوال العام وفق تعبيره .
مؤشر خطير في المقابل حذر الدكتور مصطفى يوسف باحث الاقتصاد السياسي، نظام الانقلاب من الإقدام على هذه الخطوة، مشيرا إلى أن نظام السيسي انخرط في مشروعات بمئات مليارات الجنيهات دون دراسة جدوى من رفع الدعم والاقتراض وزيادة الضرائب، وإذا كانت مناقصات المشروعات توزع على الهواء على المقاولين كما تابع ملايين المصريين، فأي نظام اقتصادي هذا؟ وفي أي بلد في العالم شاهدنا هذا الهراء؟ واعتبر يوسف في تصريحات صحفية ما يجري في زمن الانقلاب نوعا من السفه الاقتصادي، والتلاعب بعقول المصريين . وتساءل ، كيف يتحسن مستوى معيشة المصريين ولا يوجد إنتاج زراعي وصناعي وتكنولوجي حقيقي لتصديره للخارج؟ وما قيل عن مضاعفة الصادرات قبل عملية التعويم في 2016 لم يتحقق منه شيء، والوعود تلو الأخرى بعدم زيادة الأسعار وإنعاش جيوب المواطنين ذهبت هباء، وليتهم سكتوا، بل واصلوا فرض المزيد من الضرائب والرسوم ورفع الدعم حتى تآكلت الطبقة المتوسطة، وهو مؤشر خطير على بدء انهيار النسيج المجتمعي . وقال يوسف "البنك الدولي يقدر حجم الفقر في مصر ب60 بالمئة من عدد السكان، ونحن أمام بالونة ضخمة من الفقر ممتلئة بملايين الفقراء توشك على الانفجار، موضحا أنه لو تم استثمار أموال مشروعات السيسي الفنكوشية في الصحة والتعليم والزراعة والمشروعات الصناعية الصغيرة والمتناهية الصغر لكان خيرا لمصر وللمصريين ولتغيرت أحوالهم بشكل كبير، لكن سياسة الفرد الواحد في إدارة اقتصاد بلد بحجم مصر ستؤدي إلى كارثة عاجلا أم آجلا".
لقمة العيش وأكد الدكتور مصطفى شاهين أستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية، أن أموال المصريين يتم إنفاقها بشكل مباشر وغير مباشر على مشروعات فنكوشية غير إنتاجية لا علاقة لها بتحسين أحوال الفقراء ومحدودي الدخل الذين يبحثون عن الحد الأدنى من لقمة العيش في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة . وقال شاهين في تصريحات صحفية إن "حكومة الانقلاب تطلق في كل مناسبة بيانات وأرقاما لا أساس ولا وجود لها على أرض الواقع، مؤكدا أن المواطن لا يعنيه سوى تقديم خدمات حقيقية تتناسب مع حجم ما تم استقطاعه من ضرائب وما تم خفضه من دعم" . وتساءل أين مصر من جودة التعليم والصحة؟ وأين مصر من حجم الصادرات؟ وما هو متوسط قيمة أجور المصريين؟ وما هو حجم الديون الخارجية والداخلية؟ مشيرا إلى أن هذه هي المؤشرات الحقيقية لتحسين مستوى معيشة المصريين .
أسعار السلع وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي إن "غالبية المصريين لم تتحسن أحوالهم المعيشية، رغم مزاعم البيانات الرسمية حول تحقيق تحسن في إيرادات قناة السويس والتصدير واحتياطيات النقد الأجنبي". وأكد الولي في تصريحات صحفية ، أن المصريين لا يأكلون المؤشرات الاقتصادية التي تعلنها حكومة الانقلاب، لافتا إلى أن معدلات التضخم الحقيقي أعلى من نسبة الزيادات السنوية بالأجور سواء من القطاع العام أو الخاص، ما ينعكس على معاناة العاملين بسبب زيادة أسعار السلع والخدمات، خاصة المقدمة من قبل حكومة الانقلاب من كهرباء وغاز طبيعي ووقود وخدمات حكومية.