وكأنّ المصائب لا تأتي منفردة على مصر في ظل حكم العسكر، الذين لا يجيدون إلا "تمام يا أفندم" والكفر بدراسات الجدوى، وإنهاء القرارات الإستراتيجية في ثانية بين كامل الوزير والسيسي، حيث ذكرت وكالة "رويترز" أن روسيا قد تطرح مسارا بديلا لقناة السويس بحلول عام 2024. ومن المقرر أن تبدأ شركة الطاقة الروسية "روسنفت" تستهدف البدء في شحن المنتجات النفطية من مشروعها الضخم "فوستوك أويل" عبر طريق بحر الشمال في غضون 3 أعوام. وسيمثل المشروع الذي تُقدر احتياطاته بنحو 6.2 مليار طن من النفط، تحديا لقناة السويس إذ سيُقصر المسافة بين أوروبا وآسيا. كما يعتبر مشروع "فوستوك أويل" أحد أكبر مشاريع النفط في روسيا، ويماثل في الحجم الكشف النفطي في غرب سيبيريا خلال السبعينيات، ومنطقة باكن النفطية الأمريكية على مدار العقد الماضي. وحاولت موسكو بالفعل استغلال حادثة "إيفر جيفين"، زاعمة أن الأزمة التي استمرت 6 أيام في مارس الماضي، سلطت الضوء على مدى أمان واستدامة طريق بحر الشمال بالمقارنة مع قناة السويس. وقالت أيضا في السابق: "إنها تخطط لجعل المسار نشطا على مدار العام وليس فقط خلال الفترة من يوليو وحتى أكتوبر بحلول 2030" وأنها ستقدم التغطية التأمينية لشركات الملاحة التجارية التي تتحمل المخاطر المتمثلة في حدوث اضطرابات في سلاسل التوريد. وروسيا ليست المنافس الوحيد لقناة السويس إذ تُجري إسرائيل والإمارات محادثات لنقل النفط الإماراتي عبر خط أنابيب "إيلات-عسقلان" الإسرائيلي إلى أوروبا مباشرة، دون المرور بقناة السويس. ويجرى شحن نحو 66% من النفط المنتج بدول مجلس التعاون الخليجي إلى أوروبا عبر قناة السويس أو خط أنابيب سوميد الذي يربط الأسكندرية بالبحر الأحمر. وتعد إيرادات قناة السويس مصدرا مهما للعملة الصعبة في مصر، إذ بلغت 5.8 مليارات دولار في العام المالي 2020/2019. وإذا كان كل من طريق بحر الشمال والممر الشمالي الغربي الذي يربط المحيط الأطلسي بالهادئ، يحقق مَيْزة تنافسية وهي قصر الوقت المُستغرَق في المرور، لكنهما يواجهان مجموعة من القيود مقارنة بقناة السويس. إذ إن أكبر السفن التي يمكن أن تمر عبر طريق بحر الشمال لا يمكنها أن تحمل إلا أقل من خُمْس حاويات الشحن البالغ عددها 25 ألفا التي يمكن أن تحملها أكبر السفن التي تمر عبر قناة السويس. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يمثل الطقس بالقطب الشمالي تحديا كبيرا، كما أن هناك تحديات أخرى عديدة تتعلق بالملاحة، إلى جانب أن هذه الطرق تفتقر إلى البنية التحتية المطلوبة في حال حدوث أية مشكلات، بدءا من البنية التحتية للإنقاذ وحتى خدمات الصيانة. وتضع تلك المشاريع قيودا عدة على قناة السويس، التي يسعى السيسي ونظامه لتحصيل أكبر عوائد من ورائها بشكل قمعي وعسكري كما يجري حاليا مع السفينة اليابانية إيفر جيفين، والتي يطالبها نظام السيسي بدفع مبلغ 918 مليون دولار، تم تخفيضها الى 500 مليون دولار، تحول الأمر لمطالبة الشركة المالكة للسفينة بتعويضها لدور مرشدي قناة السويس في أزمة السفينة، والتي تسببت في أزمة عالمية في مارس الماضي. كما أن تراخي نظام السيسي في إقامة مشروع حضاري اقتصادي على امتداد القناة وتحويلها لمنطقة اقتصادية تقدم الخدمات اللوجستية للسفن المارة يزيد من أزماتها، والراجع بلا شك لدور الإمارات في تعطيل المشروع الذي اقترحه الرئيس الشهيد محمد مرسي، والذي يهدد تفرد وتميز منطقة جبل علي بالإمارات، وهو ما يدفع شركة موانئ دبي للسيطرة على الموانئ والمنافذ البحرية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، لضمان سيطرتها على خطوط الملاحة والحيلولة دون تطورها في مواجهة منطقة جبل علي.