كشفت جائحة فيروس كورونا عن انهيار الاقتصاد المصري فى عهد نظام الانقلاب العسكري بقيادة عبدالفتاح السيسي الذي ورط البلاد فى ديون خارجية تصل الى 130 مليار دولار، وهى مبالغ كبيرة قد يستغرق سدادها أكثر من 60 عاما وفقا لخبراء الاقتصاد؛ ما يعني أنها ستؤثر على الأجيال القادمة وليس الجيل الحالي فقط. كان الحساب الختامي المبدئي الصادر عن وزارة المالية بحكومة الانقلاب قد كشف عن تراجع مؤشرات الأداء الاقتصادي للموازنة العامة لعام 2019/ 2020م. واعترف الحساب الختامي، المنتظر أن تحيله مالية الانقلاب إلى برلمان العسكر فور انعقاده، بالآثار الاقتصادية السلبية لفيروس كورونا على جميع القطاعات خاصة خزانة الدولة، مؤكدا أن الإيرادات الضريبية وغير الضريبية فقدت نحو 17% من قيمتها المتوقعة بسبب الجائحة. وأشار إلى أن الإيرادات العامة حققت 83.1% فقط من المستهدف الفعلى، إذ حققت 975.4 مليار جنيه، مقابل 1.17 تريليون جنيه؛ متأثرة بتراجع في الإيرادات الضريبية لتسجل 739.6مليار جنيه، مقابل مستهدف 856مليار جنيه، فيما تقلصت المصروفات، متأثرة بتراجع أسعار النفط والواردات، لتهبط إلى 1.4 تريليون جنيه مقابل 1.6تريليون جنيه مستهدف. وأشار الحساب الختامي إلى تقلص نفقات الدعم والمنح بصورة ملحوظة لتسجل 229مليار جنيه، مقابل مستهدف 329مليار جنيه، بينما ارتفع العجز الكلي إلى 7.9 %؛ نتيجة تراجع الإيرادات واتساع الفجوة فيما بينها وبين المصروفات العامة. تقليص الدعم وكشف خبراء اقتصاد أن موجة التراجع الكبير في أسعار النفط عالميا كانت سببا فى إنقاذ الموازنة المصرية من عجز مرتفع، بعد تراجع حاد لدعم الطاقة، مؤكدين هبوط تكلفة الدعم بنسبة 68% عن الربط المستهدف، ليحقق 18مليار جنيه فقط، مقابل 56مليار جنيه مستهدف. وأكد الخبراء تقلص تكلفة دعم السلع التموينية بنحو 9 مليارات جنيه محققة 80.5مليار جنيه مقابل متوقع 89.6مليار جنيه، وبلغت قيمة المنح 10.2مليار جنيه، مقابل متوقع 14.7مليار جنيه، كما بلغت قيمة استثمارات حكومة الانقلاب المنفذة 156مليار جنيه، مقابل 205مليار جنيه مستهدف. ومع هذه الكوارث لجأت حكومة الانقلاب مجددا إلى الاقتراض وطرح سندات، وفى هذا السياق تداولت وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي أنباء عن اعتزام حكومة الانقلاب طرح سندات دولية بقيمة 7 مليارات دولار خلال النصف الأول من عام 2021، لتغطية عجز الموازنة العامة. لكن المركز الإعلامي لمجلس وزراء الانقلاب زعم أنه تواصل مع مالية الانقلاب، والتي نفت تلك الأنباء، وقالت إنه لا صحة لطرح أي سندات دولية بقيمة 7 مليارات دولار خلال النصف الأول من 2021، لتغطية عجز الموازنة العامة. وزعمت مالية الانقلاب، أنه لم يتم إصدار أي قرارات بهذا الشأن خلال الفترة الحالية، مُشددة على تراجع العجز الكلي للموازنة بالرغم من تداعيات أزمة كورونا، ليسجل 8% كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2019/ 2020، مقابل 8.1% خلال عام 2018/ 2019وفق تعبيرها. وأشارت إلى أن أي قرار بطرح أدوات دين جديدة في السوق الدولية يتوقف على الظروف الاقتصادية المستقبلية معترفة بأن هناك مواد في قانون ربط الموازنة العامة للدولة تتيح لوزارة مالية الانقلاب تغطية عجز الموازنة من خلال طرح أدوات دين بقيمة أقصاها 7 مليارات دولار في السوق المحلية أو الدولية. صندوق النقد من جانبه، قال أحمد خزيم، رئيس منتدى التنمية والقيمة المُضافة، إن الأزمات التى يواجهها نظام الانقلاب هي نتاج الهندسة المالية التي يقوم بها البنك المركزي المصري. وأكد خزيم، فى تصريحات صحفية، أن تأثير كورونا على الأوضاع الاقتصادية في 2020، أقل من تكلفة شروط صندوق النقد الدولي التي يتحمل المواطن بالإضافة إلى الاقتصاد الآثار السيئة لها. وأوضح أن الاقتصاد المصري في 2020، ارتفع فيه التضخم، وللسيطرة عليه ارتفعت الفوائد، وحدث ركود تضخمي، ومع ارتفاع فاتورة الاقتراض ارتفع العجز، وأدى ذلك إلى طباعة الجنيه بكميات ضخمة. وأضاف خزيم: "أدى استخدام الهندسة المالية وأدواتها، بعيدا عن الإنتاج، وزيادة الناتج القومي، وتقليص السيولة؛ إلى الاحتقان، لهبوط طبقات كبيرة من الطبقة الوسطى إلى طبقة الفقر، وحدث انكماش فى مجمل الأعمال، وأدى ذلك إلى حاله كساد. وأشار إلى أنه مع تلك الحالة في 2020، جاءت تأثيرات كورونا كغطاء لحقائق سبقت الجائحة؛ ولهذا نرى قرارات تخالف توجهات، وصناديق تنشأ وتؤكد واقع الأزمة، مثل الصندوق السيادي الذي لا يتناسب إلا في البلاد ذات الفوائض البترولية أو الغاز للأجيال القادمة. وكشف خزيم أن الهدف من تواجد هذه الصناديق هو بيع بعض الأصول والممتلكات، وهو ما لا يعتبر نموا أو تنمية. نفق مظلم وتوقع حسام الشاذلي، رئيس جامعة كامبريدج المؤسسية، عدم خروج مصر من النفق المظلم والمغلف بغلاف الاقتصاد الكلي الخادع، والذي بات يتنفس القروض ليل نهار، مشيرا إلى عدم وجود تغييرات جذرية بالمنظومة تعتمد على تعظيم الاستفادة من الموارد البشرية، والتركيز على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتغيير أولويات الصرف بالميزانية، ووضع خطة لإيقاف نزيف القروض المستمر. وقال الشاذلى فى تصريحات صحفية، إن تقارير البنك الدولي وصندوق النقد لعام 2020، تزعم أن معدلات نمو الاقتصاد المصري مازالت إيجابية رغم تأثير كورونا، رغم عدم تحقيق المعدلات المتوقعة، والتي كان يجب أن تصل ل5.6 بالمئة، لكنها توقفت عند 3.5 بالمئة. وأضاف أن حكومة الانقلاب تزعم انخفاض معدلات التضخم، وارتفاع سعر الجنيه في 2020، وكلها مؤشرات إيجابية، يدعمها تلك الاتفاقيات المتتالية على قروض جديدة من صندوق النقد وغيره، في ظل ظروف اقتصادية عالمية صعبة. وتابع الشاذلى: "يجب أن ننظر إلى مؤشرات التقارير الحكومية والدولية بصورة أعمق؛ حيث تشير نفس التقارير إلى انكماش الاحتياطي الأجنبي المصري بصورة سريعة بسبب هروب رؤوس الأموال المتوالي والموازي لوباء كوفيد-19، وكذلك الهبوط القوي في عائدات السياحة، وقناة السويس، والتصدير". وأوضح أن جميع المؤشرات التي تشير إلى بقاء المنظومة الاقتصادية المصرية داخل المنطقة الإيجابية هي مؤشرات مبنية على منظور الاقتصاد الكلي؛ في حين تؤكد كل التقارير أن الاستهلاك المحلي سيبقى منكمشا مع زيادة معدلات البطالة، وتخفيض المرتبات، وفصل الموظفين من القطاع الخاص. وحذر الشاذلى من زيادة معدلات الفقر، وزيادة عدد المصريين العائدين من الخليج في ظل الأزمة الاقتصادية المصاحبة لكورونا؛ متوقعا أن يجعل كل ذلك الأمر أكثر صعوبة في ظل بنية تحتية اقتصادية متهالكة وغياب الخدمات الأساسية الاجتماعية وعلى رأسها تأمينات حياة الفرد في ظل الكوارث والظروف الوبائية. كساد مستمر وأكد الدكتور مصطفى شاهين، الخبير الاقتصادي، أن كورونا أوقفت النمو الاقتصادي، وتم تعطيل الأنشطة الاقتصادية؛ مشيرا إلى أن هناك أزمات اقتصادية كثيرة تحاول حكومة الانقلاب إخفاءها من خلال إعلان أرقام ومؤشرات مضروبة. وقال شاهين فى تصريحات صحفية، إن قرار حكومة الانقلاب بوقف البناء بكافة المحافظات لمدة 6 أشهر، جعل من كان يعمل في هذه الأنشطة توقف عن الإنتاج؛ وهذه مؤشرات عن الكساد في الاقتصاد.