اعترف نظام الانقلاب بقيادة عبد الفتاح السيسي بفشله فى حل أزمة سد النهضة وهزيمته أمام إثيوبيا، زاعما أن التعنت الإثيوبى وعدم موافقة أديس أبابا على توقيع اتفاق لملء خزانات السد وتشغيله حال دون التوصل إلى اتفاق ما يهدد بحرمان مصر من حقوقها التاريخية فى مياه نهر النيل ويهدد ملايين الأفدنة الزراعية بالبوار. كانت أحدث صور لسد النهضة، قد كشفت خلال زيارة الرئيس الإريتري "أسياس أفورقي"، إلى إثيوبيا وتفقده موقع السد، عن استمرار تدفق المياه من الممر الأوسط بسد النهضة، وإغلاق البوابات السفلية مع بدء الأعمال المعدنية، لأول توربينين منخفضين مع توقعات بتشغيلها العام المقبل، لعدم انتهاء الأعمال المعدنية بالكامل إلى الآن، رغم أن إثيوبيا تستهدف تحقيق الملء الأول فى شهر يوليو من العام المقبل، حيث يتم الملء الأول على مرحلتين الأولي: 4.9 مليار متر مكعب، و الثانية: 13.5 مليار متر مكعب، بإجمالى الملء الأول 18.4 مليار متر مكعب، على أن يتم تأجيل المرحلة الثانية من الملء الأول، فى حالة حدوث جفاف. اتفاق قانونى من جانبه زعم مصطفى مدبولي رئيس وزراء الانقلاب، أن دولة العسكر حَرَصَت خلال فترة رئاستها للاتحاد الإفريقى بالمشاركة مع الأشقاء، على ترسيخ مبدأ "الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية"، حتى يتسنى اعتماد مُقَاربة شاملة، تستهدف إرساء دعائم التنمية من خلال رؤية قارية، تستند إلى مُقَومات التاريخ المشترك وَوِحدة المصير وَإِعلاءِ مصالح الشعوب وفق تعبيره. وقال مدبولى فى كلمة مسجلة خلال افتتاح أسبوع القاهرة للمياه 2020 إن ذلك يشمل تعزيز التعاون فى إدارة الموارد المائية المشتركة العابرة للحدود، مؤكدًا أهمية تعزيز التعاون بين الدول ذات الموارد المائية المشتركة، بما يعود بالنفع على الجميع، وفى الوقت نفسه لا يسبب أضرارًا لأى من هذه الدول، وذلك فى إطار احترام مبادئ القانون الدولى المنظمِ لهذا الأمر بحسب تصريحاته. وأشار إلى أن هذا الأمر ينطبق على سد النهضة، مطالبا بضرورة التوصل لاتفاق قانونى مُلزم، حول قواعد ملء وتشغيل السد بما يحفظ الحقوق والمصالح المشتركة، مع عدم اتخاذ أية قرارات أُحَادية من شأنها التأثير سلبًا على الاستقرار بالمنطقة. كما زعم مدبولى أن دولة العسكر حَريصةُ على استمرار عملية التفاوض مع كل من السودان وإثيوبيا للوصول إلى اتفاق مُلزم، محذرا من أن استمرار التعثر فى المفاوضات حول سد النهضة، سيكون له انعكاسات سلبية على الاستقرار والتنمية فى المنطقة عامة وفى مصر، خاصة بحسب تصريحاته. واعترف أن التصرفات أحادية الجانب لدول المنابع سَتُؤدى حَتْمًا إلى نتائجَ سلبية تُهددُ السلم العالمى، مؤكدًا أننا نرى الآن دُول المنابع تُحاول أن تَبْسُطَ هَيْمنتهما على الأحواض المائية لكثير من الأنهار فى عالمنًا العربى، ليس فقط لإنتاج الطاقة الكهرومائية، وإحياء المشروعات الزراعية، بل للسيطرة على التدفقات المائية وإلحاق الضرر بدول المصب المُتشاطئة. الموقف الإثيوبي وفى نفس السياق زعم محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري بحكومة الانقلاب، أن الموقف الإثيوبي يمثل تحديا كبيرا لمصر والسودان في أزمة سد النهضة. وقال عبد العاطي، خلال كلمته في افتتاح أسبوع القاهرة للمياه، إن دولة العسكر تواجه تحديا يتمثل في عدم الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة رغم ما تقدمه من دعم لشواغل الجانب الإثيوبي، وفق تعبيره. وادعى أن السيسي سعى من خلال اتفاقية المبادئ الموقعة في السودان عام 2015 إلى التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يراعى مصالح مصر والسودان وإثيوبيا، إلا أن إثيوبيا حالت دون ذلك. واعترف يأن مصر تعتبر أكثر دول العالم جفافا وأكثر من97% من المياه يأتي من خارج الحدود وهو ما جعل التوازن أمرا بالغ الصعوبة، مؤكدا أنه لا يمكن التعويل على المياه الجوفية في ظل الزيادة السكانية التي تسببت في انخفاض نصيب الفرد من المياه. موقف حاسم فى المقابل حذر الدكتور علاء عبدالله الصادق، أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية في جامعة الخليج بالبحرين، من تلاعب إثيوبيا ومطامعها فى حصص مصر المائية وحقوقها التاريخية فى نهر النيل. وقال الصادق فى تصريحات صحفية: لا بد من موقف حاسم لمواجهة التعنت الإثيوبى والا ستواجه مصر العطش والمجاعة بعد استيلاء إثيوبيا على مياه النيل. وأشار إلى أن زياة الرئيس الإريتري "سياسي أفورقي" إلى سد النهضة هى محاولة من رئيس الوزراء الإثيوبي آبى أحمد الذى استغل زيارة أفورقي لإثيوبيا، وهي أول زيارة رئاسية للسد، من خارج دول حوض النيل الأزرق، لمحاولة إظهار أن إريتريا تؤيد إنشاء السد، موضحا أن الزيارة تأتي ضمن مصالح سياسية متبادلة. وأكد أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية، أن الأكثر خطورة من الزيارة نفسها هو استغلال رئيس وزراء إثيوبيا لهذه الزيارة، وإعلان أن الملء الثاني لسد النهضة سيكون ثلاثة أضعاف الملء الأول في العام القادم، وأن الرئيس أفورقي يؤيد ذلك. وأوضح الصادق أن هذا الإعلان يعنى أن إثيوبيا قررت بإرادة منفردة المضي قدما في التحكم بملء سد النهضة وتشغيله، ومن ثم التحكم في تدفقات النيل الأزرق. ضغوط وقال الدكتور عباس شراقى، أستاذ الموارد المائية بكلية الدراسات الإفريقية، إن إثيوبيا ستواصل ملء خزانات سد النهضة بقرار احادى خاصة مع استمرار الأمطار خلال الفترة الحالية، مع إمكانية فتح البوابات الأربع السفلية أو بعضها لإمرارها، والاحتفاظ بالخمسة مليارات متر مكعب، إلى أن يتم زيادة ارتفاع الممر الأوسط من 70 إلى 100 متر أى منسوب 595 متر فوق سطح البحر، لكى تصل سعته التخزينية للملء الأولي 18 مليار متر مكعب، فى أغسطس 2021. وتوقع شراقى الانتهاء من تركيب التوربينين والبدء فى تشغيلهما، فى مارس من العام القادم، مع اكتمال بناء الأجزاء المعدنية، وعندها يصبح التخزين 7 مليار متر مكعب من المياه. مشيرا إلى أن إثيوبيا لن تستطيع بدء المرحلة الثانية لملء السد قبل عام، وتحديداً عند موسم الفيضان المقبل، خاصة أن الملء الأولي للسد بلغ 5 مليارات متر مكعب، ولا تستطيع إثيوبيا حتى الآن تشغيل التوربينات لتوليد الكهرباء، لعدم إكتمال بناءها، بالإضافة إلى عدم قدرتها على تخزين ما يكفى من المياه لتشغيل التوربينات، والتى تصل إلى 8 مليار متر مكعب من المياه، ولن يحدث ذلك قبل مارس المقبل. وطالب شراقى باستغلال هذا التوقيت فى الضغط على أديس أبابا لتوقيع اتقاق مع دولتى المصب مصر والسودان محذرا من أن عدم الضغط على إثيوبيا فى هذه المرحلة سيجعلها لا تقيم اعتبارا لدولتى المصب بعد ذلك وهذا سيؤثر سلبا على دولتى المصب وقد يحرمهما من كميات كبيرة من مياه النيل.