تواصل إثيوبيا سياسة التلاعب بقائد الانقلاب الدموى عبد الفتاح السيسي واستنزاف الوقت فى مفاوضات عبثية لا جدوى فيها من أجل استكمال بناء سد النهضة وتخزين المياه فى بحيرة السد وتشغيله. فى المقابل لا يشغل السيسي نفسه بالأزمة ولا يحاول التصدى لمطامع أديس ابابا التى تسعى لحرمان مصر من حقوقها التاريخية فى مياه نهر النيل فى حين يوجه كل جهوده لتنفيذ صفقة القرن من أجل أن ينال رضا الصهاينة والأمريكان حتى يضمن استمراره على كرسى الانقلاب. كان البرلمان الإثيوبي قد قرر مناقشة مشروع قرار تقدمت به رئيسة لجنة الشئون الإفريقية في البرلمان كارين باس يطالب باتخاذ موقف عادل في مفاوضات سد النهضة، بما يحفظ حقوق مصر وإثيوبيا والسودان خاصة بعد قيام أمريكا بخفض المساعدات الخارجية لأديس أبابا بنحو 100 مليون دولار قبل شهرين. وجاء قرار واشنطن بخفض المساعدات ردًا على التعنت الإثيوبي في هذا الملف الحساس وعبرت باس عن "قلقها" حيال الظروف التي صاحبت المفاوضات بين الأطراف الثلاثة، التي دفعت الولاياتالمتحدة إلى خفض المساعدات الخارجية لأديس أبابا، مشيرة إلى الأثر السلبي الذي يترتب على المجتمع الإثيوبي من جراء ذلك. الاتحاد الأوروبي من جانبه، قال جوزيف بوريل نائب رئيس الاتحاد الأوروبي إن المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة الإثيوبي ليست مهمة سهلة، لكن الاتحاد مستعد لدعمها للتوصل إلى اتفاق يربح فيه الجميع، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي مراقب في المفاوضات بين إثيوبيا ومصر والسودان. وأضاف: صحيح أن هذا السد هو أحد الأصول الجيوستراتيجية للمنطقة بأكملها وبشكل أساسي لإثيوبيا، ولكن يجب أيضًا أخذ مصالح دول الجوار في الاعتبار، لافتا إلى أن الأمور يجب أن تتم بطريقة يمكن أن يستفيد منها الجميع. وتابع: نحن نتابع المفاوضات، والآن بعد الانتهاء من الملء الأول للسد، أعتقد أن الوقت قد حان للبحث عن حل مستقر بالاتفاق مع الجيران. اتفاق قانونى وحذر الدكتور علاء عبدالله الصادق، أستاذ تخطيط وإدارة الموارد المائية في جامعة الخليج بالبحرين، من إن إثيوبيا تمارس هوايتها فى تزييف الحقائق، ولن تقدم جديدا في سبيل حل الأزمة الحالية. وشدد الصادق فى تصريحات صحفية على أن المفاوضات التى تريدها إثيوبيا لن تسهم فى التوصل إلى إتفاق قانونى ملزم ونهائي، بناء على مخرجات القمة الإفريقية المصغرة. وقال إنها كلها تصريحات دون نتيجة على أرض الواقع، مؤكدا ان إثيوبيا ستظل تماطل باستمرار من أجل عدم التوصل إلى نتيجة. وأعرب الصادق عن أسفه الشديد لأن هذه التصريحات لن تؤدى إلى أن يكون هناك جديد، ولن يكون هناك أي تقدم أو حتي تغير فى الوضع، مشيرا إلى أن موضوع المفاوضات أصبح مجرد استهلاك للوقت والعالم كله يعرف ويعلم ذلك. وقال الدكتور أحمد المفتى خبير الموارد المائية السودانية، أن الحل الوحيد امام السودان ومصر، هو عدم دخول أي جولة جديدة من المفاوضات لا تفضي إلي منع الملء الثاني، والنظر في معالجة الملء الأول، والذي يبدو أن تفريغه تعترضه صعوبات فنية، لا نخوض فيها. وطالب المفتى فى تصريحات صحفية بضرورة تدخل مجلس الأمن الدولي حتي ولو بمبادرة منه، مؤكدا أنه رغم التصريحات الدبلوماسية من الجانب الإثيوبى إلا أنه لا توجد إرادة سياسية لتحقيق الاتفاق. تعنت ومماطلة وأوضح الدكتور محمد نصر الدين علام وزير الموارد المائية والري الأسبق أن المفاوضات هدفها الأساسي قواعد الملء والتشغيل بما لا يسبب أضرارا جسيمة على دولتى المصب، منتقدا عدم التزام إثيوبيا بأية تعهدات بشأن الوصول إلى اتفاق قانونى ملزم حول الملء والتشغيل للسد. وقال علام فى تصريحات صحفية إنه منذ بداية التفاوض وعلى مدى سنوات وهناك حالة من المماطلة الشديدة والتعنت من جانب إثيوبيا للوصول إلى توافق حقيقى، مطالبا فى حالة الرغبة فى استكمال التفاوض بتحديد مدى زمنى للتفاوض للاتفاقية الملزمة للملء والتشغيل، على أن تتضمن الاتفاقية بندا بأنها ملزمة لفترة محددة ولتكن عشر سنوات مثلا، ويتم تحديثها بما يتم الاتفاق عليه فى اتفاقية التعاون والتنمية، على أن تتضمن تضييق الخلافات بالاستعانة بالمراقبين الدوليين كمسهلين لتقريب وجهات النظر والخلافات. وأشار إلى أنه يمكن إحالة الخلافات النهائية والتى لم يتم التوصل إلى حلول لها إلى رؤساء الدول الثلاث للوصول إلى اتفاق وحل نهائي للأزمة. وأضاف علام هناك عدة اختلافات بين الدول الثلاث فيما يتعلق بكيفية تضييق الفجوة التفاوضية بينهم، لأن هناك من يرى أو يقترح قيام المراقبين والخبراء بوضع مسودة تقاربية، والآخر يقترح عدم ترك هذا الأمر الحياتي لاجتهاد آخرين بل يجب التفاوض المباشر عليه، كما أن بيان السودان الأخير غريب جدا لأنه يحمل الاتحاد الأفريقى ومصر وإثيوبيا سبب تأخر المفاوضات وعدم الوصول إلى نتائج ملموسة. ولفت الى أنه فى حالة فشل المفاوضات يمكن إحالة الأمر برمته الى مجلس الأمن، مرفقا معه تقرير من الاتحاد الأفريقى شارحا فيه جميع الملابسات التى تمت والتعنت الإثيوبى فى الوصول إلى اتفاق ملزم.